دولية

صفقات التسلح .. مراوغة قطرية فضحت مزاعم (الحصار)

جدة ــ البلاد

بعد أن باتت سياستها الداعمة للإرهاب على مسمع ومرأى العالم، عمدت قطر إلى إبرام صفقات عسكرية أكبر من قدراتها في هذا المجال، مع دول غربية كبرى، على أمل كسب تأييد في أزمتها، وهو ما لم تهنأ به الدوحة في ظل الغضب الذي اجتاح شوارع مدن أوروبية، احتجاجا على الزيارة الأخيرة لأميرها. صفقات:

آخر تلك الصفقات، اعلن عنها امس “الاثنين”، بين قطر وبريطانيا، تشتري بموجبها الأولى من المملكة المتحدة 24 طائرة حربية من طراز “يوروفايتر تايفون”، في اتفاق دفاعي هو الثاني الذي تبرمه الدوحة منذ قطع الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب علاقاتها معها، جراء تمويلها هذه الآفة المدمرة، وهو ما يفضح مزاعمها بتعرضها لـ”حصار”.

اتفاق عسكري تريد قطر من ورائه، وفق مراقبين، إغراء تلك الدول بصفقات دفاعية بغية الحصول على موقف في صفها تجاه الأزمة التي افتعلتها مع جيرانها، غير أن ذلك لم يتحقق لاسيما مع الاحتجاجات التي تشهدها شوارع دول غربية، رافضة لسياسات قطر الداعمة للإرهاب، والتي تزامنت مع زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لبرلين وبارس.

زيارةٌ سعت قطر من خلالها للإيحاء بكسر عزلة طوقتها منذ 5 يونيو الماضي، كما أنها تأتي ضمن فصل جديد من فصول بؤس نظام الحمدين الذي لم يحصد من جولة تميم لهاتين الدولتين الأوروبيتين، سوى الخطابات السياسية المسكِنة، والتي ذكرته في الوقت نفسه، بأن حل أزمته يكمن في الرياض وليس في عواصمها، ناهيك عن مساندتها للوساطة الكويتية التي استخفت بها الدوحة أكثر من مرة.

وبالعودة للصفقة التي أبرمتها الدوحة مع بريطانيا الساعية إلى استكشاف آفاق تجارية جديدة استعدادا لخروجها من الاتحاد الأوروبي، فقد جاء التوقيع من طرف وزير وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية،

ونظيره البريطاني مايكل فالون خطاب نوايا، لشراء 24 طائرة حربية من طراز تايفون من شركة بي إيه إي سيستمزBAE Systems العسكرية البريطانية، التي تراجعت مبيعاتها خلال الفترة الماضية في مقابل مقاتلات الرافال الفرنسية.

وقال وزير الدفاع البريطاني، فالون، في مؤتمر صحفي إن الحكومة البريطانية ستكثف من جهودها، لمساعدة شركة بي إيه إي سيستمز على بيع مزيد من طائرات تايفون عبر صفقات حكومية.

من جانبها قالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان: “ستكون تلك أول صفقة عسكرية كبيرة مع قطر، أحد الشركاء الاستراتيجيين لبريطانيا”، مضيفة أن المفاوضات حول الصفقة استغرقت سنوات.

أرباح الصفقة القطرية لشراء مقاتلات تايفون تتقاسمها باريس التي زارها تميم قبل يومين، وروما، ولندن، إذ تعد المقاتلات الأوربية تايفون نتاج مشروع مشترك، بين شركة بي إيه إي البريطانية وشركة إيرباص الفرنسية وشركة فينميكانيكا الإيطالية، ويوفر المشروع نحو 40 ألف وظيفة في بريطانيا.

ووقعت قطر أيضا صفقة مع شركة بوينغ الأمريكية، لشراء طائرات إف 15 بقيمة 12 مليار دولار، وذلك في يونيو الماضي، وصفقة أخرى بقيمة 6 مليارات دولار لشراء سبع سفن بحرية من إيطاليا
تسربيات:

أظهرت تسريبات من رسائل للبريد الإلكتروني كتبها دبلوماسيون أمريكيون عن الدوحة، هذه المرة قناعة واشنطن بأن “المستوى العام للتعاون القطري في مكافحة الإرهاب هو الأسوأ في المنطقة”، بحسب وثائق ويكليكس المسربة

فالبرقيات السرية المنشورة على موقع “ويكيليكس”، تطرقت أيضاً إلى أسباب تردد الدوحة في محاربة تمويل الإرهاب. وتخاذل النائب العام القطري في هذه المسألة.

ففي برقية كتبتها الخارجية الأمريكية- قالت فيها ” لقد تبنت قطر نهجا سلبيا إلى حد كبير في التعاون مع الولايات المتحدة ضد تمويل الإرهابيين”.

فعلى سبيل المثال، يشير السفير الأمريكي لدى الدوحة جوزيف لابارون، في برقية سرية وجهها يوم 5 مارس من عام 2009، إلى وزيري الخارجية والعدل في بلاده، إلى أن مكافحة قطر للإرهاب لا تسير على النحو المطلوب. وقال في برقيته إن “العلاقة الأمريكية-القطرية في مكافحة الإرهاب لا تعمل الآن، ولم تعمل جيدا منذ عدة سنوات، وتعتقد السفارة بقوة، وجوب اتخاذ خطوات شديدة لتحسين هذه العلاقة”.

ولفت السفير الأمريكي إلى سماح السلطات القطرية للمعتقل السابق في سجن غوانتانامو، جار الله المري، بالسفر إلى بريطانيا. وقال إن “تفسير النائب العام القطري له بشأن سفر جار الله المري، إلى الخارج، بأن ليس لديه سند قانوني يمنعه من السفر، ليس مرضيا على الإطلاق”.

وفي هذا الصدد، أشار لابارون إلى نكوص قطر لعهدها في “مذكرات دبلوماسية متبادلة، التي نعتبرها تعهدا رسميا قطريا، والتأكيدات الشفوية التي قدمها النائب العام القطري لمسؤولي السفارة عام 2008 بمنع جار الله من السفر لمدة 3 سنوات”.

وجاء في نص البرقية التي كتبها السفير الأمريكي “رد النائب العام القطري كان مؤشرا على محادثاتنا مع الحكومة القطرية حول مكافحة الإرهاب: ومراوغة في تحمل المسؤولية ومؤشرا على نقص التنسيق الداخلي القوي في الحكومة القطرية”.

إحدى القضايا التي تبرزها الوثائق السرية الأمريكية، هي أن قطر تمتلك المال لشراء معدات الأمن التي يمكن تركيبها في المطارات، ولكنها تفتقر إلى الخبرات و الموظفين لتطبيقها على نحو فعال.

ففي برقية وجهها السفير الأمريكي نفسه في الدوحة إلى وزراء الخارجية والعدل والدفاع الأمريكيين، في 24 مارس 2009، كتب فيها ” تمتلك قطر الموارد المالية لشراء معدات الأمن لتركيبها في المطارات، ولكنها تفتقر إلى الخبرة والموظفين لتنفيذها على نحو فعال. أخذا بعين الاعتبار عدد سكان قطر الصغير، فإن امتلأت جميع المناصب في الأمن والهجرة من قبل مواطني هذا البلد سيكون أكثر صعوبة في الأشهر الـ 36 المقبلة”. بالمقابل، فقد لفت السفير لابارون إلى أن التعاون القطري في مجال مكافحة الإرهاب ضعيف جدا. وقال إن “مستوى التعاون من قبل قطر حول مكافحة الإرهاب متشابك إلى حد ما مع العلاقات الثنائية السياسية، وسيستمر على هذا النحو”.

وأشار إلى أن ” قطر ستظل شريكا غير متسق في مكافحة تمويل الإرهابيين”، منوها بأن “أسباب تردد الدوحة في محاربة دعم الإرهاب غير مفهومة تماما”.

واستطرد في القول: “نعتقد أن قطر مترددة في مكافحة تمويل الجماعات والأنشطة الإرهابية، جزئيا”.

وتشير البرقية ذاتها إلى أن ” جميع القرارات الهامة في البلاد سواء السياسية، القانونية، أو الاقتصادية، لا تزال تُتخذ من قبل دائرة ضيقة من أفراد عائلة آل ثاني”.

بيان :
وفى السياق جذبت التطورات اللافتة التي شهدتها دولة قطر، الأنظار إليها من مختلف دول الخليج وخارجها وسط توقعات ببدء الأزمة الخليجية مرحلة جديدة قد تنتهي بإعلان إنهاء الأزمة عبر تغيير في سياسة الدوحة التي تسبب بالأزمة دون أن تتضح بعد طريقة ذلك التغيير.

فمنذ إصدار الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، بياناً دعا فيه أعضاء الأسرة ووجهاء وأعيان قطر لاجتماع لإنهاء الأزمة الخليجية الحالية، تنشغل وسائل الإعلام الخليجية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي بتداعيات المبادرة التي وجدت استجابة سريعة من الداخل بالفعل.

وتصدر الحديث عن بيان الشيخ عبدالله اهتمامات وسائل الإعلام الخليجية والعربية، والتي راحت تستطلع آراء المحللين السياسيين وتوقعاتهم عن تداعيات الاجتماع المزمع عقده بعد إعلان الراغبين المشاركة فيه. كما شغلت تلك التطورات التي تجاوزت البيان إلى اتصالات بشأنه من داخل قطر، إذ ينظر المقربون لنظام القطري لخطوة الشيخ عبدالله على أنها تهديد فعلي لقصر الحكم في الدوحة.

وعلى موقع تويتر الذي يجمع ملايين المغردين من دول الخليج، وجد وسم #بيان_الشيخ_عبدالله_بن_علي تفاعلاً جنونياً في مختلف تلك الدولة، لاسيما دول المقاطعة وقطر، وسط توقعات بتكشف مزيد من التفاصيل خلال الفترة المقبلة عن الاجتماع ومكانه والمشاركين فيه.

ووصف المستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني، مبادرة الشيخ عبدالله بالقول “بيان الشيخ عبدالله بن علي هو بيان الكبار الذين يسعون لمصلحة بلادهم وأشقائهم.اللهم وفقه وسدده وبالشعب القطري الشقيق. وعلق القحطاني على الاستجابة السريعة للشيخ مبارك بن خليفة ال ثاني مع دعوة الشيخ عبدالله بقوله مساندة الشيخ الجليل مبارك بن خليفة ال ثاني الفورية لـ بيان الشيخ عبدالله بن علي دلالة واضحة أن تصرفات تنظيم الحمدين لاتمثل اهلنا في قطر.

وقال الكاتب العراقي، حيدر كاظم معلقاً على مبادرة الشيخ عبدالله “سبق وأن قلت إن الشيخ عبدالله يتمتع بالحكمة والكياسة وهذه الأشياء تؤهله لقيادة دولته قطر والعبور بها إلى بر الأمان.

وتفاعل مدير قناة العربية، الإعلامي تركي الدخيل مع مبادرة الشيخ عبدالله بالقول ثمة من يسعى لمصلحة أهله في قطر لا لمصالح شخصية ولا لإفساد دول غيره، فرق بين الأعلام الذين يسعون لمصلحة أهلهم في قطر وبين الذين تتلبسهم الأزمات الشخصية والنفسية ويفكرون بعقلية: أنا ومن بعدي الطوفان وقال المتحدث باسم المعارضة القطرية، خالد الهيل، معلقاً على البيان : سمو الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني يسعى إلى توحيد الصفوف، ففشل نظام الحمدين في الالتزام بتعهداتهم يلزمنا بالتوحد من أجل الوطن”.

فيما اكد وزير الخارجية عادل الجبير إن حل الأزمة مع قطر بيد الدوحة نفسها وبدأت بسبب عدم التزامها بوقف دعم الإرهاب والتدخل بالشؤون الداخلية لدول المنطقة. جاء ذلك بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو جوتيريس، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للمنظمة الدولية في نيويورك، التي تبدأ اليوم الثلاثاء

تظاهرات
وحصل نشطاء عرب على التصريح بالتظاهر ضد قطر أمام مقر الأمم المتحدة، أثناء إلقاء الأمير القطري تميم بن حمد كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب دعم بلادة للارهاب.

يذكر أن الدعوات التي وجهها نشطاء ونساء وجهات عدة كانت قد دفعت البعثة القطرية، وخصوصاً مرافقي الأمير بالاستعانة بشركة أمن خاصة، وزيادة أعداد أفراد الأمن المرافقين لأمير قطر.

وتسود حالة من الارتباك بين البعثة القطرية في نيويورك رغم دعوتها للعاملين بمكتب الجزيرة في واشنطن بشكل كامل، بالإضافة إلى الاستعانة بشركات علاقات عامة لتحسين صورة قطر، إلا أن تزايد الضغوط على قطر قلل من تأثير كتيبتها الإعلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *