جدة – البلاد ..
لم يترك الأمير سلطان بن عبدالعزيز دولة في العالم يستشف منها أن هناك مصلحة للمملكة في توثيق العلاقات معها دون أن يزورها، فسموه لم يتردد يوماً في نقل وجهة نظر المملكة منذ بواكير شبابه وإلى اليوم إلى العالم الآخر، ضمن سياسات المملكة القائمة على بناء أوثق الصلات مع جميع الدول والشعوب، وهو إذ يزور دول العالم إنما يقوم بذلك تحقيقاً لهذا المفهوم الذي ساد العلاقات الدولية للمملكة مع الدول الأخرى.
ففي اليابان وسنغافورة ، وباكستان، وماليزيا، وكوريا الجنوبية، وكازاخستان، وفرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة وإيطاليا واليمن والإمارات العربية المتحدة، كان مستوى الاهتمام بزيارة سمو ولي العهد كبيراً وعالياً، ما يبرز مكانة المملكة وأهميتها وحرص دول العالم على إقامة علاقات متميزة معها، في المجالات السياسية والاقتصادية، والثقافية، وغيرها، وقد جاء هذا الحرص على شكل إشارات ورسائل حملتها البيانات المشتركة والاتفاقيات المبرمة مع هذه الدول التي عبَّرت عن امتنانها بزيارة سلطان لها من جهة ، واحترامها للسقف الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية بين المملكة وكل من هذه الدول من جهة أخرى.
ومن الطبيعي أن تكون زيارة سمو ولي العهد امتداداً طبيعياً لزيارات سابقة كان قد قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومن سبقه من الملوك- رحمهم الله جميعاً- واستكمالاً لها، وتواصلاً لتفعيل نتائجها ضمن الرؤية السعودية الثابتة والواضحة في إقامة علاقاتنا الدولية مع الآخرين، والأهم أن تُحقق هذه الزيارات المتبادلة بين المملكة وأصدقائها من دول العالم المزيد من فرص الإفادة، وأن تُسجل من النمو والتطور الحد الذي يُلامس التوجهات المشتركة، ما يجعل في هذا النوع من العلاقات موضع الحرص دائماً من قيادة المملكة وقيادات هذه الدول على بقائه قوياً ومقنعاً، وبالتالي مفيداً لكل الأطراف.
وهذه الزيارات إذ تدخل ضمن منظومة التحرك السعودي النشط الذي يقوده عبدالله بن عبدالعزيز وسلطان بن عبدالعزيز، فإنما يتواصل من خلالها الاهتمام بمراجعة علاقات المملكة مع مختلف دول العالم، مع التأكيد على أن هذا لا يأتي من باب زيارات المجاملات، بل إن كل لقاء سواء في توقيته، أو محاور موضوعاته، إنما يأتي بحسب ما يقدره القادة ويفكرون به، بوصف هذه اللقاءات مدخلاً لبحث المشروعات القادمة ومراجعة المشروعات القائمة، مع استجلاء ما يترتب على العلاقات بعمومها من تطورات وفقاً للمستجدات والمتغيرات على مستوى العالم وفي حدود العلاقات الثنائية.
زيارة سموه إلى إيطاليا 2000م
إيطاليا حين يزورها الأمير سلطان فإنما هو يزور دولة أوروبية كبيرة، وحين يلتقي مسؤوليها فهو يلتقي من لهم كلمة مسموعة دولياً ومكانة كبيرة ضمن المجموعة الأوروبية، وأكثر من ذلك فهو أمام دولة غنية بكثير من الصناعات التي تحتاج إليها المملكة ولا بد من التفاهم على صيغة للتعاون معها على شراء احتياجات المملكة في ظل تفاهم ينبغي أن يتم بين الأصدقاء، ومن الضروري والطبيعي أن يبحث كل جانب عن مصلحته في أي صيغة لمثل هذا التعاون.
مرتكزات سموه في الزيارة
هناك ثلاثة مرتكزات رئيسة تقف وراء الزيارة:
أولها الخلفية التاريخية للعلاقات الثنائية بين البلدين التي شكَّلت زيارة الملك فيصل لإيطاليا عام 1974م منعطفاً مهماً فيها، حيث توجت الزيارة بالتوقيع على اتفاقية ثقافية ثنائية، وتمهدت عبرها الأجواء لعقد اتفاقية اقتصادية بين البلدين.
المرتكز الثاني يكمن في أجواء الثقة المتبادلة بين البلدين، حيث تُكِّنُ إيطاليا تقديراً عميقاً للمملكة وأدوارها على كل صعيد، وتراقب بإعجاب حركة النمو والازدهار فيها، كما تبدي المملكة الكثير من الاحترام والتقدير لإيطاليا وسياستها الداعمة لأواصر الصداقة بين الرياض وروما.
أما المرتكز الثالث فهو المفاهيم المستجدة في عالم اليوم حول الانفتاح الاقتصادي التي تتطلَّب حثاً إضافياً لكل جهود التنسيق وتبادل المصالح بين الكيانات المختلفة.
كرسي الملك عبدالعزيز
نوه رئيس جامعة بولونيا الإيطالية البروفيسور فامبيو روفرسي موناكو بمبادرة الأمير سلطان في إنشاء كرسي الملك عبدالعزيز بالجامعة، معتبراً إياها مبادرة مهمة للغاية، وبيَّن أن المركز مؤسسة بحثية لدراسة تاريخ العالم الإسلامي والعالم العربي وثقافتهما وعاداتهما وتقاليدهما ودراسة الشريعة الإسلامية والقوانين المطبقة في العالم الإسلامي والعربي، وأكد أن المركز سيمكن من إقامة علاقات أوثق مع الجامعات السعودية، كما سيمكن الكثير من الباحثين والدارسين الإيطاليين من إجراء الأبحاث التي تتعلق بثقافة العالم العربي والإسلامي، وقال إنه لا يمكننا أن نفعل كل هذه الأعمال وحدنا ولذلك جهَّزنا كل شيء ليتمكن بعض الدارسين والأساتذة الجامعيين العرب من المجيء للمركز للقيام بالتدريس في بعض المواد حسب فصول السنة في جامعة بولونيا وفي هذا المركز بالذات، وأوضح أن الدارسين بالمركز- وهم من الطلبة الجامعيين وطلبة الدراسات العليا-.
الصين 2000م
هناك مؤشرات على اهتمام سعودي لتطوير العلاقات مع الصين قبل أن يبدأ الأمير سلطان بن عبدالعزيز زيارته للصين الشعبية، فمنذ بدء العلاقات السعودية الصينية قبل عشر سنوات شهدت المملكة تنظيم ستة معارض تجارية وتشكيل لجنة سعودية صينية مشتركة، وهناك شركات صناعية تعمل في المملكة في مجال الزراعة والأدوية والالكترونيات والماكينات والسيارات والبتروكيماويات،وعدد من المهندسين الصينيين يعملون بالمملكة، وهناك وفود صينية تصل إلى المملكة ومثلها وفود سعودية تتوجه إلى الصين،وجميعهم من رجال الأعمال للتباحث المستمر والدائم حول التعاون الاقتصادي والشراكة التجارية بين الجانبين، وبالإضافة إلى اللجنة السعودية الصينية المشتركة، فهناك جمعية الصداقة الصينية السعودية، وكلها جهات موظفة لخدمة العلاقات الثنائية بين الدولتين.
وما أن وصل الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى بكين في إطار زيارته للصين الشعبية، حتى بدأت مراسم استقباله من قِبَل عضو مجلس الدولة ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية وزير الدفاع الوطني الفريق أول تشي هاوتيان، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول شون قوان كاي، ثم قام سموه لاحقاً بزيارة لمجلس الشعب الصيني للاجتماع برئيس المجلس لي بينغ، حيث أكد سموه بعد انتهاء الاجتماع عمق العلاقات بين المملكة والصين، وأن صداقة الدولتين صداقة عتيدة وستظل دائماً في تطور مستمر.
أما عن أجواء الاجتماع الذي عقد بين الأمير سلطان بن عبدالعزيز والرئيس الصيني السيد جيانغ زيمين في قاعة الشعب الكبرى ضمن برنامج الزيارة، فقد تميزت بكونه اجتماعاً طغت عليه روح الأخوة والتعاون والتفاهم السريع حول الموضوعات ذات الاهتمام المتشرك، وهو ما عبَّر عنه الأمير سلطان حين حمد الله أن مكَّن الجميع من تطوير الصداقة والتعاون المثمر بين البلدين لما فيه صالحهما وصالح السلام.
كوريا – رجب 1421هـ – أكتوبر 2000
بدأ الأمير سلطان بن عبدالعزيز زيارته لكوريا الجنوبية بإرسال إشارات مهمة أظهر من خلالها حجم الاهتمام الذي تعطيه المملكة لعلاقات ينبغي أن تكون متميزة مع كوريا، وكان سموه – كعادته – شديد الاهتمام بانتقاء العبارات التي يُقدِّم بها أحاديثه عن الموضوعات التي يعرف أن كوريا والمملكة تُعلقان عليها معاً الكثير من الاهتمام، ما مكَّنه من خلق الأجواء المناسبة والمبكرة التي خطَّط لها لإنجاح زيارته، فتمكن بذلك من إيجاد قواسم مشتركة مع شركائه الكوريين للتفاهم، ومن ثم الاتفاق معهم على ما سعى لتحقيقه في هذه الزيارة.
***
وكوريا الجنوبية هي إحدى أهم الدول الصناعية المتقدمة في آسيا والعالم، والمملكة وكوريا حريصتان على تنمية العلاقات فيما بينهما، وعلى مد جسور من التعاون وبناء المزيد مما يُعزز الثقة نحو مستقبل أفضل في هذه العلاقات وقد وضح منذ اليوم الأول لزيارة الأمير سلطان لسيؤول أن هناك اهتماماً غير عادي بالزيارة تمثل في استقبال رئيس الجمهورية السيد كيم داي جنغ لسموه في القصر الأزرق وعقد مباحثات بينهما في اليوم الأول من الزيارة وقد صدرت عن الزيارة بيان مشترك ينص على تعزيز العلاقات الثنائية بين كل من البلدين في مختلف المجالات.
ماليزيا – أكتوبر 2000م
في زيارة الأمير سلطان لماليزيا كان لابد أن يحتفى به وأن يُكرَّم أحسن تكريم، وأن تُصاحب هذه الزيارة بعمل يليق بهذا الزعيم الكبير، وأن تسجل مع الزيارة بادرة لا تنسى إلى جانب ما عبَّرت عنه ماليزيا في حفاوة استقبالها، أي أن تميز الزيارة بعمل لا يقدم إلا لمن هو بمثل مواصفات وصفات سلطان بن عبدالعزيز، ليكون لمثل هذه البادرة قيمتها ووهجها ومعناها، ولها دلالة عميقة على ان مضيفي سموه على معرفة تامة بأنهم أمام رجل كبير يستحق كل هذا.
تمثَّل هذا التكريم في منح درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية لسموه من الجامعة الإسلامية، وقد تم هذا في حفل أقامته الجامعة وتحدَّث فيه الرئيس الدستوري للجامعة أحمد شاه ومدير الجامعة البروفيسور محمد كمال حسن، وقد تضمَّنت كلمة الرئيس الدستوري للجامعة اغتباط الجامعة بقبول الأمير شهادة الدكتوراه، في حين ركَّز مدير الجامعة على سيرة الأمير التاريخية بما أهَّله لمنح هذه الشهادة لسموه كأحد أبرز الشخصيات المؤثرة على مستوى العالم.
وقال الأمير سلطان في كلمة له بعد أن تسلَّم شهادة الدكتوراه: إن هذه اللفتة من الجامعة هي تكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) وسمو ولي عهده الأمين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز (آنذاك) ولشعب المملكة العربية السعودية وحكومتها، وهكذا هو سلطان بن عبدالعزيز، ينكر ذاته دائماً ويتخلَّى عما هو استحقاق له وليحوله إلى مليكه وولي عهده الأمين وحكومته وشعبه، فهو دائماً يضع نفسه في خدمة الوطن والمواطن، ويستلهم في كل تصرف يقوم به اعتماداً على التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.
تعزيز العلاقات الثنائية
وعلى صعيد العلاقات الثنائية – وفقاً للبيان المشترك – فقد أعرب الجانبان عن ارتياحهما لمستوى تلك العلاقات القائمة على أساس من الأخوة والتضامن الإسلامي والاحترام المتبادل، وأبديا عزمهما على تنمية وتعزيز التعاون الوثيق القائم بينهما في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والعلمية والتقنية والدفاعية والمالية والصناعية والشؤون الدينية والثقافة والسياحة والشباب والرياضة.
زيارة سموه إلى كازخستان – أكتوبر 2000
لقي سمو الأمير سلطان في زيارته من الحفاوة والتكريم الشيء الكثير، فقد كان في مقدمة مستقبله بالمطار رئيس الوزراء السيد قاسم جومارت توكاييف ووزير الدفاع سات توق باق باييف، بينما اجتمع سموه مع رئيس الجمهورية السيد نور سلطان نزار باييف بمقر رئاسة الجمهورية في مدينة أستانا – العاصمة – حيث جرت مباحثات بين الجانبين بحضور الوفد السعودي الرسمي المرافق، نوقشت خلالها الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، واستكملت المباحثات حولها فيما بعد مع القيادات الأخرى في الدولة قبل أن يصدر البيان المشترك بما تم التوصل والاتفاق حوله بين الجانبين.
قال رئيس الجمهورية عن الزيارة وعن سلطان بن عبدالعزيز وعن المملكة وعن العلاقات بين الدولتين، إن زيارة الأمير تعدها بلاده شرفاً كبيراً باعتبار أن سموه أكبر مسؤول سعودي يزور كازاخستان، وأن أهمية الزيارة تأتي من كونها ستنشط العلاقات الصناعية بين البلدين، مشيراً إلى أن اعتراف المملكة ببلاده قبل عشر سنوات كان وسيظل محل التقدير، وفي مقابل ذلك فلم يُخف الأمير سلطان سبب زيارته لهذه الدولة الإسلامية، إذ أنه عقَّب على كلمة الرئيس الكازاخستاني بأن خادم الحرمين الشريفين هو من شرَّفه بزيارة هذا البلد المسلم لتأييد هذا الشعب المسلم الشقيق.
الإمارات العربية المتحدة – مايو 2003م
لم يكن مستغرباً أن تقوم (دبي) بتكريم سمو الأمير سلطان من خلال مركز راشد لعلاج ورعاية الأطفال، وأن تدعو سمو الأمير لتسلم جائزة الشيخ راشد للشخصية الإنسانية لعام 2002م في حفل بهيج بفندق الجميرا بيتش دبي، حيث تم تسليم الجائزة بعد الإعلان عن فوز المرشح بها سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
ومن محاسن الجائزة أن المناسبة كانت فرصة لزيارة سموه لدولة الإمارات والاجتماع بسمو رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله) في قصر سموه، حيث حمل الشيخ زايد الأمير سلطان تحياته وتمنياته الأخوية الصادقة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد (رحمه الله) وسمو ولي عهده الأمين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وللشعب السعودي المزيد من التقدم والازدها.
وتُعد جائزة الشيخ راشد للشخصيات الإنسانية واحدة من أبرز الجوائز الإنسانية على المستوى الدولي، وتنبع أهميتها من عدة عوامل، أبرزها ارتباط اسمها باسم شخصية تاريخية هي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم باني دبي الحديثة، وكان – رحمه الله – صاحب مبادرات إنسانية في حياته، وهكذا تشرَّفت الجائزة بحمل اسمه تقديراً وتكريماً لعطاءاته الإنسانية.
زيارة اليمن – 2003م
قام سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بزيارة اليمن حيث ضم الوفد المرافق له من الخبراء والمستشاريين وذلك ضمن تظاهرة أخوية عميقة المعنى والدلالة على حرص المملكة على دعم الجار العزيز بكل الإمكانات التي توفر لشعب اليمن الشقيق المزيد من الرخاء والبناء، وهذا الدعم يعني – فيما يعنيه – أن المملكة بكل إمكاناتها وبكل ما وهبها الله من خير هي لأشقائها ولأهلها على امتداد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، مثلما هي لأبناء المملكة العربية السعودية، هي لهم بالفعل لا بالكلام، وما هو مُعلن عن حجم هذا الدعم هو القليل مما قدَّمته المملكة لكل برامج التنمية في جميع الدول العربية دون أن يكون هناك استثناء لأي منها ما لم تكن هناك دولة أو دول ليست في حاجة إليه.
وفي البيان المشترك الذي صدر من صنعاء عن زيارة الأمير سلطان لليمن ورئاسته للجانب السعودي في اجتماعات الدورة الخامسة عشرة لمجلس التنسيق السعودي اليمني، ثم الإعلان عن الاتفاق والتفاهم في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والإنمائية وتفادي الازدواج الضريبي وتشجيع وحماية الاستثمار ومشروع الربط الكهربائي، وما يتعلق بالنفط والمعادن والزراعة والنقل والتربية والتعليم والسياحة والتعاون الصحي وتنمية الصادرات وغيرها من مجالات التعاون التي استعرضها البيان المشترك بكل التفاصيل والإيضاحات، وتم نشره في جميع وسائل الإعلام.
الأمم المتحدة.. شعبان 1426هـ سبتمبر 2005م
رأس سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وفد المملكة إلى الأمم المتحدة وهو:
إذ يرأس وفد المملكة، بما له من خبرة واسعة، وحكمة في التعامل هي محل تقدير دول العالم، إنما ينقل إلى أهم وأكبر تجمع دولي صوت المملكة، بكل الخبرات والتجارب الثرية التي مرَّت بها بلادنا منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى ولاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث صنعت سواعد الرجال من هذه الصحراء دولة عصرية متكاملة.
***
وسموه مثلما هو صوت الملك عبدالله بن عبدالعزيز في هذا الاجتماع، هو كذلك صوت شعب المملكة العربية السعودية.
إنه يعيد ويضيف في هذا المحفل الكبير ما سبق أن قاله الملك عبدالعزيز والملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله، حين اعتلى بعضهم منصة الأمم المتحدة وحين تحدَّث البعض الآخر من مواقع عالمية أخرى مهمة عن مجمل سياسة المملكة، ورؤية قادتها للعلاقات الدولية المتوازنة، بما لاحاجة بنا معه إلى ذكر تفاصيل ما سبق أن قِيل – وهو كثير – ومهم ومؤثر – سواء داخل قاعات الأمم المتحدة أو خارجها.
عدم التحيز والاهتمام بالدول النامية:
ولم يخلُ خطاب الأمير سلطان في القمة العالمية التي انعقدت في رحاب مبنى الأمم المتحدة في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة من مصارحة الدول المتقدمة بما ينبغي عليها أن تتحمله للوفاء بالتزاماتها وبتعهُّداتها ضمن وجهات نظر دعا إليها الأمير سلطان في كلمته أمام زعماء العالم.
فها هو ذا سموه يُطالب بإجماع دولي حيال الجهود المبذولة لتحديد مصادر مبتكرة لتمويل التنمية المستدامة وألا تكون متحيِّزة ضد موارد بلدان نامية أخرى، مثلما وجَّه سموه نداءً آخر يدعو فيه إلى فتح أسواق الدول المتقدمة لصادرات الدول النامية، وتمكين الدول الراغبة في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية – ومنها المملكة – ومنحها المرونات الكافية التي تتناسب وظروفها التنموية.
زيارته لليابان – ربيع أول 1427هـ – أبريل 2006م
وصل سمو ولي العهد إلى اليابان في زيارة تاريخية عززت من مستوى العلاقات بين البلدين.
فقد أشار البيان الصادر من الحكومة اليابانية إلى أن زيارة سمو ولي العهد أتاحت فرصة تاريخية لإقامة شراكة استراتيجية بين البلدين.
وأن الجانبان اتفقا على تعزيز حواراتهما الاستراتيجية في المجالات الاقتصادية والثقافية والبيئية والنقل الجوي تعزيزاً لهذه الشراكة.
***
وأدى اهتمام البلدين بالعلاقات الاستراتيجية بينهما إلى اتفاقهما على أن المزيد من التطور في العلاقات الاقتصادية يعتبر قوة دفع من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية.
وقاد كل هذا إلى ترحيب الجانبين بالزيادة الملحوظة التي طرأت على الاستثمارات المشتركة ومن بينها مشروع بترورابغ ومشروع الشرق، وغيرهما.
تعزيز الحوارات الاستراتيجية
اتفق الجانبان أيضاً على الرغبة في تعزيز حواراتهما الاستراتيجية على كل المستويات وفي المجالات: الاقتصادية، الثقافية، البيئة والنقل الجوي من أجل تعزيز شراكتهما. وأعرب الجانبان أيضاً عن رغبتهما في تعزيز الحوارات السياسية الرفيعة المستوى بينهما بما في ذلك الحوار بين وزيري الخارجية.
سنغافورة – أبريل 2006م
العلاقة السعودية السنغافورية بدأت منذ ثمانية وعشرين عاماً، وظلت تتطور من عام إلى آخر، إلى أن جاء هذا العام، حيث ظهر العزم والتصميم من الجانبين على رفع مستوى التعاون وتنويعه ليبلغ ذروته بزيارة سلطان بن عبدالعزيز التاريخية إليها، وهي زيارة تواصل خلالها ولي العهد مع الأصدقاء هناك إلى اتفاقيات سوف تعزز من نجاح أكثر الفرص المتاحة لدى الجانبين في إقامة شراكة حقيقية بينهما.
***
وكانت الزيارة فرصة مناسبة ليحاضر الأمير سلطان بن عبدالعزيز عن الفرص والتحديات للروابط الآسيوية – العربية أمام حشد كبير من الحضور في مركز رافلز للمؤتمرات، وهي (محاضرة سنغافورة 28) وقد تميّزت – مثلما استمعنا لها – بالطرح الشامل لكل القضايا المحلية والإقليمية والدولية اقتصاديا وأمنياً وسياسياً وعلمياً، وأشار سموه في محاضرته إلى أننا في بداية حقبة جديدة من التعاون الآسيوي العربي، وأن زيارة الملك عبدالله لعدد من الدول الآسيوية تؤكد دعم المملكة لهذا التوجه.
إنجاز عظيم
ويمكن لنا أن نضيف إلى هذه الإنجازات الكبيرة التي أسفرت عنها زيارة سمو ولي العهد لسنغافورة بعد جولات من المباحثات أجراها مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع وقيادات سنغافورية أخرى، ما أظهره سموه من اهتمام بموضوع حرية التجارة الدولية، عندما وضع هذا الموضوع على طاولة النقاش وأقنع الجانب السنغافوري في نهاية المباحثات بالمنافع الناجمة عن ذلك، والاتفاق معهم على زيادة التنسيق والتعاون بين الطرفين في إطار منظمة التجارة الدولية وفي إطار التكتلات الاقتصادية الإقليمية.
باكستان – ربيع أول 1427هـ – أبريل 2006م
المباحثات السعودية الباكستانية بدأت فور وصول سمو الأمير إلى إسلام أباد، حيث عقد سموه مع الرئيس الباكستاني مشرف وبحضور أعضاء الوفدين السعودي والباكستاني اجتماعاً موسعاً في قصر رئاسة الجمهورية.
الأمير سلطان قال في كلمة له ألقاها أمام الرئيس الباكستاني عن العلاقات السعودية الباكستانية إنها ليست وليدة اليوم، ولكنها منذ سنين عديدة، إنها منذ استقلال باكستان حين أخذت طريقها الإسلامي الصحيح بعد نضال وجهاد من أجل رفعة الإسلام.
وتم الاتفاق في الزيارة على تعزيز العمل الثنائي بين البلدين في كافة المجالات والعمل على دعمها وتطويرها.
فرنسا – يوليو 2006م
اهتمت الحكومة الفرنسية بزيارة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى فرنسا.
ولم يكن هذا الاهتمام مستغرباً أو لافتاً، نسبة لما تمثله زيارة ولي العهد من أهمية من حيث التوقيع والنتائج المتوقعة منها، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو بالنسبة للتفاهم بين ضيف فرنسا والرئيس الفرنسي حول الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وما يمكن أن يتوصلا إليه من تطابق في وجهات النظر للخروج من هذا التصعيد غير المبرَّر في عدوان إسرائيل على كل من لبنان وفلسطين.
اتفاقية عسكرية
وفي هذه الزيارة،ومن خلال الاتفاق العسكري الذي تم بين الدولتين، تكون المملكة قد قطعت شوطاً مهماً في تسليح القوات المسلحة والحرس الوطني والأمن العام بأحدث طائرات الهيلكوبتر المتطورة ضمن اهتمام القائد الأعلى للقوات المسلحة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ووزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز بتطوير قدرات رجالنا البواسل.
***
والأهم من تأمين الطائرات أو أي آلية عسكرية أخرى، أن تكون جاهزية العسكري السعودي عالية في استخدام هذه المعدات العسكرية في الدفاع عن المملكة، وهذا سوف يتحقق بالتدريب المتخصص داخل المملكة وخارجها، وغني عن القول أن نشير إلى الكليات العسكرية والمعاهد العسكرية الفنية المنتشرة في المملكة والبعثات المتواصلة للعسكريين إلى الخارج لاكتساب المهارات والقدرات التدريبية التي تُمكِّنهم من استخدام أحدث أنواع الأسلحة التي تزود بها من حين لآخر قواتنا المسلحة.
روسيا – ذو القعدة 1428هـ – أبريل 2007م
أتت زيارة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى روسيا بعد الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد، وقد تناولت زيارة سمو ولي العهد كافة المحاور مع القيادة الروسية.
واستعرض الجانبان الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب وشددا على إدانتهما للإرهاب بكافة أشكاله، باعتباره خطراً يُهدِّد السلم والأمن والاستقرار في العالم، واتفقا على أهمية توحيد جهود المجتمع الدولي لمكافحته ورفع درجة التنسيق والتعاون في هذا الخصوص، وأعاد الجانبان التأكيد على التزامهما الراسخ باتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالإرهاب وبقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما يُرحب الطرفان بدخول الاتفاقية الدولية لمكافحة أعمال الإرهاب النووي حيز السريان والإقرار باستراتيجيات مكافحة الإرهاب العالمية من قِبَل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي هذا الإطار فقد ثمَّنت روسيا الاتحادية اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب.
***
كما استعرض الجانبان العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والتعليمية وغيرها واتفقا على أهمية تعزيزها وتطويرها، وأكدا في هذا الإطار على أهمية انعقاد اللجنة المشتركة بين البلدين ومجلس الأعمال السعودي الروسي المشترك عند الحاجة لبحث سبل تشجيع الاستثمارات في البلدين.