جدة

سوق العلوي

د. زامل عبدالله شعـراوي

يعتبر سوق العلوي التاريخي في جدة من أقدم الأسواق التي تحتضنها المنطقة التاريخية ويقع في الوسط بين شارع قابل من الناحية الغربية وشارع سوق البدو من الناحية الشرقية، وهو منطقة تجارية كانت بمثابة نقطة لتجمع معظم التجار وكان فيه الكثير من البيوت التجارية الهامة وقتها.
وفي سوق العلوي يتسع المكان والزمان لمهن ضاقت بها الحياة الحديثة ، واستوقفني شخص عاشق لمهنته ومهنة آبائه فكل أهالي جدة يعرفونه ، ودار حوار بيني ويينه حوار(منير محفوظ العاشق ) أحد الذين ارتبطوا بمهنة صناعة الأحذية الشرقية ، حيث يمسك برصيد نصف قرن مع هذه المهنة في السوق ، وحول سؤالي له قال: إنها مهنة أبي وتفتحت عيني عليها .. هكذا بدأ العاشق حديثة عن قصة ارتباطه بصناعة الأحذية يدوياً ويضيف : ربما تستغرب إصراري على هذه المهنة وكأنني أسير عكس روح العصر أو موضة قديمة ، ولكن الحقيقة غير ذلك ففي صناعتي (المداس الشرقي ) أشعر بأنني أقدم شيئاً من صنع يدي له جودته ومواصفاته ، وايضاً له زبائنه فهذه الأنواع من الأحذية ذات الطرازات القديمة لا تخلو ايضاً من تصميمات جديدة ننافس بها طغيان الموضة الحديثة ، وأوكد لك أنني لا أشعر بخجل من هذه المهنة ، وكيف لي ذلك وهي مهنة أبي ولها تراث قديم .
هل تعلم .. هكذا يقول العاشق –إن هذه الأنواع من الأحذية لا مجال فيها لغش كما هو الحاصل في بعض المستورد الذي يتجمل بالشكل والموديل ، وأوضح لك أمر اً لنا زبائننا الذين لا يجرون وراء الشكل فقط لآنهم يطلبون الأجود .
سالته .. من أين تاتي بالخامات ؟
فرد .. من دول عديدة مثل الهند وباكستان وغيرها من الدول ويتوقف سعر الجلد المستخدم والخيوط على حسب نوعه ، وعموماً الأسعار تتراوح من 25 الى 150 ريال والأغلى عادة هو الذي تأتي جلوده من العراق ويسمى الزبيري.
وعن مواسم البيع يقول .. عادة ما تزداد حركة البيع بالنسبة لنا في قترة شهر رمضان والعيد حيث يقبل الناس الى شراء هذه النوعية من الأحذية وأكثر زبائننا هم من سكان جدة القديمة واللذين يعرفون قيمة هذا الحذاء وجودته .
عودة الى انواع الجلود .. ماذا عنها ؟
خامات الأحذية الشرقية هي من جلود الأغنام والبقر والأخير هو الأكثر استخداماً الى جانب بعض الخيوط المستخدمة في صناعة الحذاء وتجميل شكلة ، وكانت أسعار الجلود في الماضي ارخص مقارنة باليوم ، لذلك زادت الاسعار ، ونحاول من جانبنا ان نساير الموضة قدر الإمكان في صناعة الأحذية بعدة الوان واشكال وقد أدخلنا الألوان الأصفر والأخضر والرمادي لنلبي احتياجات الزبائن بعد أن كانا اللونان البني والأسود هما السائدان في الماضي .

هل تخشى على هذه المهنة من الاندثار ..؟
أجاب العاشق – حتى لم تندثر والدليل أنا وغيري ولكننا قلة قليلة جداً ويصعب دخول أو تعلم اجيال جديدة لهذه المهنة وذلك يعود الى وجود المصانع المنتجة لهذا النوع من الأحذية والتي تملآ الأسواق الآن .

أخيراً سألتة .. ما الذي تغير في سوق العلوي عما كان علية بالماضي ؟
قال .. رغم أن اسوق لا يزال يحافظ على مظاهر عديدة من عبق الماضي إلا أنه تغير كثيراً لأن الحياة تغيرت والناس والزمان ، وقد رحل رجاله اللذين ارتبطوا به إما بالانتقال أو غيبهم الموت ، كما أن الحركة في السوق اختلفت عن السابق والسبب يرجع الى ظهور الأسواق والمولات وتغير نمط الحياة .
هنا انتهي حديثي مع العاشق ، وأكملت طريقي بحثاً عن قصة عشق أخرى في أسواق وحارات وأزقة جدة العتيقة .
@zamelshaarawi

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *