ملامح صبح

زامر الحي ( يتغيزل) على شرفة جبل ! (2/2)

ابغى أتغيزل على شرفة جبل وآقول حيّاك !أإلى هذا الحد من هستيريا الفرحة !؟ نعم إن كان هذا الضيف المُحبب هو الذي سيجود وهو الذي سيمنح !. لكن أليست كلمة (شُرفة) خارجة عن جو القصيدة ! في حين أنه يستطيع أن يقول :على قمة جبل أو على راس الجبل وآقول حيّاك ! انسجاماً مع دعوته للبساطة في الحصن والدار والديره !كلمة شُرفة غريبة عن مفردات البساطة والعفوية ولكن الشاعر ربما لا يريد أن يحصر قدوم الضيف في هذه البيئة البسيطة فيستخدم مفردة شرفة التي ربما لها علاقة بالتحضّر والمدنية أكثر وكـأنه يتلهف لحضور الضيف في كل مكان ولكن في هودجٍ من البساطة والدماثة والانشراح .

و آشيل طرقٍ يسيّل ماي عينك من مَكنَك !قد يتبادر للذهن أن الذي يسيل هو دمع العين ولكن هذا سينشز عن جو القصيدة البهيج والمليء بالانشراح ، لكنه في انزياح للمعنى يقول أن سيتغنى ببوحه الذي سيجلب المزيد من البوح (من عيون الشعر) من منابعها المستكنّة في أعماقِه ! وهنا بدأت تتضح ملامح الضيف !لهْجتْك تفتح مع ابواب الأمل مليون شُبّاك !يعود الشاعر لِنقاط الالتقاء مع الضيف على ضفاف البساطة فيقول (لهْجتْك) ليؤكد أن البساطة المنشودة لا تتمثل في بساطة المكان فقط ،

بل كما أشار بكلمة شرفة لترحيبه بضيفه في كل مكان بتلقائية القدوم (لهجتك) التي تفتح مليون شبّاك وتُشرع نوافذ الروح ! يضحك عليها المحنّك وانت تضحك بالمحنّك !تلك اللهجة التي قد لا تعجب المتأنّقين في الحديث لبساطتها إلا أنها هي التي يريد الشاعر.وانت تضحك بالمحنّك ! .. فأنت تملك من الثقافة وسعة المفردات ما يفوق المحنك وتجسد بأصالتك وانتمائك هوى الروح الذي يجد فيه ذاته.

ثم بعد كل هذا يثير العجب من جديد فيقول (تعال) بعد كل هذه البهجة بالقدوم وحميمية التخاطب !إذن فلم يكن هذا القادم (الضيف) آتٍ من بعيد أو غائبٌ منقطع لذلك قال آنفاً (هات القِرى في تصانيفك وفي ضحكة محياك) فلم يكن الغياب إلاّ عبوساً ولم يكن الانقطاع إلا انكفاءً.تعال لوجيت تلقى الطلح ما تلقى به أشواك ! أي ستجدني هيّناً ليّناً مُحبّاً سمحاُ مُحلّقاً !والشوق يذبح شفايف بنت تسأل دوم عنّك !هنا عجيبة أُخرى أن يذبح الشوق الشفايف ! وإن قبِلناها على أنها البوح فالبوح هو راحة الشاعر وليس ذبحه ! فلماذا يناجيه ويدعوه لِشوق آخر !

وهو سؤال يكشف هوية الزائر الذي بقدومه تولد بنتٌ من شِفاه البوح – القصائد بنات الشاعر- لِتكون روحاً سويةً من الإلهام !عِمِيت من غيبتك رغم إنها ماهي من أقصاك !يا لِهذا الشوق لهذا الغائب الحاضر الذي نأى (بتصانيفه) حتى ابيضّت عينا البوح ليس لجفاء ولا سأم و إنما لِتعكّر ذهن و ربما انشغال فِكر !تعال اشم القُرى داخل قميصك واستكنّك ! يكرر كلمة تعال بعد كل ما ابدى من بهجة القدوم ليؤكد أن البعد لم يكن نأيَ مكان بل طول عهد ! ولكنه يصوّر هذه القطيعة بالبعد والفراق مع عظيم الشوق في قرينة ( أشم !) فيقول تعال لِتُلقي قميص الألفة لأرتدَّ بصيراً / منشداً !بيني وبينك شجر زيتون فوق عروق يمناك !إنه يؤكد ما بينه وبين زامر الحي من تمازج وتداخل وتعالق في الشعور يودَّ أن يضيء ولو لم تمسسه نار في معنى عميق لتأكيد رغبته في كتابة نبضه (عروق يمناك) عمّا يلامس الروح بعيداً عن الصراع النفسي والاحتقان الداخلي بالتغني بوَداعة الأماكن وحميمية الأرض ونفحات الطبيعة.وقد كنّا من ضمن المؤلفةِ قلوبُهم ممن ولّف ضيفك الكريم (الشاعر داخل محمد عيظه)وقد أخذنا حوارك الذاتي معه إلى أبعد آفاق الجمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *