جدة – عبدالله صقر
دخل الإسلام في اليابان منذ حوالي 1000 عام عن طريق التجار وبعض المسلمين من اليابانيين الأصليين، الذين أسلموا خارج بلادهم، وعادوا إليها ناشرين دعوة الله تعالى .في اليابان يعيش المسلمون وذلك على الرغم من بُعد المسافة نسبيًّا بين هذه الدولة التي يطلقون عليها اسم “بلاد الشمس المشرقة” وبين الدول الإسلامية،
إلا أن في ذلك دليلاً على أن الإسلام دينٌ عالمي لا يعترف بأية حواجز جغرافية، وحسب المراقبين المتابعين لانتشار الإسلام في اليابان, فإن مستقبل الإسلام في اليابان يبشر بالخير الكثير؛ حيث تقدر أعداد اليابانيين الذين يعتنقون الإسلام في اليوم الواحد من 5 إلى 50 يابانيًّا، كما أنّ الإعلام الياباني يتيح الفرص للمسلمين من أجل الرد على أية اتهاماتٍ تُوَجَّهُ للإسلام، وتوضيح موقف الإسلام في العديد من القضايا التي يثيرها الغرب ضد الدين الحنيف.
والملموس من اليابانيين حِرْصُهم على أداء فريضة الحج أو العمرة, والاهتمام باستقبال شهر رمضان المبارك؛ ليكون فرصة للالتقاء، وطوال الشهر المبارك تحرص المساجد في اليابان على فتح أبوابها أمام المسلمين وغير المسلمين، من أهل البلاد أو الزائرين؛ لكي يتعرفوا على الإسلام.
موضع التقدير يأتي من أن اليابانيين لا يضطهدون أصحاب الديانات, ولا يقفون موقف المتعصب ضد أصحاب الأديان الأخرى , وخاصة الدين الإسلامي, والذي يعتبرون سلوكياته متوافقةً مع سلوكياتهم, التي تتسم بالطابع الشرقي.
ومن هنا يجد كثير من المسلمين , سواء كانوا من جنسيات يابانية , أو غيرها , أنّ الشهر الفضيل فرصة كبيرة لِعَرْض الإسلامِ بأهدافه وسلوكياته ومعاملاته, وتقديمه إلى الشعب الياباني, خاصةً وأنَّهُم تَوَّاقُونَ لمعرفة الإسلام , والاطلاع على عاداته وتقاليده.
* استطلاع رمضان
غالبًا ما يقوم المسلمون في اليابان باستطلاع الشهر الكريم, من خلال الصعود لأعلى عمارات اليابان لرؤية الهلال، وإن غُمَّ عليهم اضطروا إلى اتباع أقرب بلد إسلامي إليهم, وهى ماليزيا, التي تقوم سفارتها باليابان بالإعلان عن أول يوم من رمضان.
كما يقوم المركز الإسلامي في طوكيو – الذي يظل مفتوحًا طَوَال اليوم- بإعلام المسلمين بثبوت هلال رمضان، ويجيب عن استفسارات المسلمين في شتى أنحاء اليابان حول الهلال، ومواقيت الصلاة، والصوم، ويصدر تقويمًا بهذه المناسبة يتضمن أوقات الصلاة، والمواعيد التقريبية للإمساك والإفطار في رمضان، ويوزع على الملتقيات، والمساجد، والمصليات، والتجمعات الإسلامية المختلفة في أنحاء اليابان.ويتكرر هذا بالنسبة للعيدين والمناسبات الإسلامية الأخرى, كما يتم توزيع قوائم أخرى بالمطاعم والمحلات التي تبيع الأطعمة الحلال، ويعاد تعديلها دوريًّا.
وعادةً ما ينظم المركز الإسلامي في طوكيو مائدة للإفطار كل يوم, لمن يرغب في الالتقاء والتجمع من المسلمين باليابان, وكذلك إعداد وجبة السحور، بينما يكون غالب الحضور من أبناء الجاليات المسلمة التي تعيش في اليابان, بالإضافة إلى حرص أبناء الجاليات العربية والإسلامية, على تنظيم موائد إفطار وسحور خاص بها .
ومن أبرز مظاهر شهر رمضان في اليابان, تنظيم موائد للإفطار الجماعي, بغرض زيادة الروابط بين المسلمين في هذا المجتمع الغريب، وتكون هذه الموائد بديلًا عن التجمعات الإسلامية المعروفة في أيٍّ من البلدان الأخرى، بالنظر إلى غياب هذه التجمعات في اليابان.
ويرجع ذلك إلى أن المسلمين في اليابان, يختلف حالهم عن أحوال غيرهم من المسلمين في دول الغرب أو الشرق؛ حيث إن الرابطة الجامعة بينهم تكاد تكون أقل من تجمع المسلمين في الدول الأخرى , حتى ولو كانوا أقلية في هذا البلاد .
ولا يعني ذلك وجود صعوبات يمكن أن تواجه المسلمين, ولكن المشكلة الأكبر هي في بنية المجتمع الإسلامي الصغير بداخل هذا المجتمع الياباني الكبير, الذي يُعْرَف عنه التقدير للانضباط والنظام بشكل كبير.
ويعتبر حلول شهر رمضان فُرْصَةً كبيرة لتعزيز التقارب بين المسلمين بعضهم البعض, من أجل ممارسة شعائر دينهم في أجواء احتفالية تُذَكِّرُهم بالوضع في بلادهم التي جاءوا منها, وذلك في مشهدٍ يراه اليابانيون للتعرف على الإسلام, في ظل توقهم إلى هذا الدين السماوي, بعد افتقادهم للجانب العقيدي, في عاداتهم وتقاليدهم الدنيوية.