محليات

د.العيسى في مؤتمر لندن: الأفكار الإقصائية تولّد الإرهاب ولابد من هزيمتها

روما – واس

أكد معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن الأفكار الكارهة الإقصائية هي التي تولد العنف، لرفضها تشارك الحياة مع من يختلف معها، داعياً إلى احترام الآخرين وتفهم سنة الخالق عز وجل في الاختلاف والتنوع والتعددية، والعمل على تعزيز قيم السلام.

جاء ذلك في كلمة معاليه في مؤتمر “معالجة العنف الممارس باسم الدين” الذي نظمته الخارجية البريطانية في العاصمة الإيطالية روما، بحضور عدد من القيادات الدينية والسياسية والفكرية من مختلف دول العالم.

وقال معاليه إن العالم اليوم يشكو من تواصُلَ الازمة التاريخية من العنف باسم الدين، ومن ضعف الحضور لعددٍ من القيادات الدينية والفكرية ذات العلاقة والتأثير، وهي التي يعوَّل عليها كثيراً في معالجة الانحرافات الفكرية التي تتخذ من الدين مظلة لها، فتُقصي وتَكره وتقاتل كلَّ مخالف لأفكارها، دون أن تُقيم أي اعتبار أو وزن للآخرين، والله تعالى يقول: “لا إكراه في الدين”، “ولقد كرمنا بني آدم”.

وأضاف أن رابطة العالم الإسلامي متيقنة من أن مسؤولية العنف الممارس باسم الدين لا يتحملها المختطَفُون فكرياً وحدهم، بل تتحملها أيضاً المؤسسات الدينية المقصرة في مواجهة التطرف، كما تتحملها كذلك مناهج التعليم التي يتعين عليها أن تُركز على مهارات التواصل الحضاري بين الشعوب.

وتابع قائلا: إن حلقات العنف باسم الدين ما لم تتم مواجهتُها بالقوة الأكثرِ قدرةً على هزيمتها، وهي الفعاليات الدينية والفكرية، فإنها ستنمو في عقول المستهدفين للاستقطاب، كما تنمو الطفيليات وتتكاثر وتنتشر عدواها، وإن غالب هذا العنف قام على أيديلوجية كارهة إقصائية، لا تريد لأحد أن يشاركها الحياة إلا إذا كان يؤمن بعقيدتها وأفكارها.

وعد معاليه أن من الشفافية والشجاعة أن نسأل أنفسنا كقادة أديان وحاملي رسالة السلام، عن أي خلل فكري ينتحل الدين ويرفع شعاره، وإن قبول الاختلاف والتنوع وتفهم قيم الأديان التي أرسل الله بها الرسل لا يستوعبه إلا الأسوياء، وبحجم صدقنا وعزيمتنا وكفاءتنا بقدر ما نهزم التطرف ونجعل السلام والوئام يسود عالمنا.

وأضاف أن بعضهم يحاول من خلال تأويله الخاطئ إلى ممارسات عنف مضادة باسم ملجئه الروحي، كما أن إقحام الدين فيما لا علاقة له به ينشأ عنه في الغالب مطامع مادية ومعنوية خادعة، نتج عنها عنف ومواجهات بل وحروب وإرهاب سجلها التاريخ البشري في فصوله المظلمة.

وعن المسألة الاجتماعية بين معاليه خطورة عبارات التحريض العنصري واستفزاز العاطفة الدينية والطائفية والثقافية التي لها آثار محفزة للعنف باسم الدين، وذكر أن عدداً من الأحزاب الدينية ذات الأهداف والمطامع السياسية تحمل أفكاراً متطرفة نتج من بعض أتباعها تحريض وعنف وفوبيا ضد الآخرين.

وأشار معاليه إلى أن المواجهة مع التطرف الديني في عالم اليوم تختلف جذرياً عن الأمس حيث يتمدد التطرف اليوم بغسل أدمغة عبر عالم افتراضي استطاع من خلاله تجاوز الحدود بدون تأشيرات دخول، كما فتح فروعاً له في عموم دول العالم بدون تراخيص عمل، متسائلاً عن حجم التأثير بين كلمة متحدث أو واعظ أمام عشرات الحضور، وبين تغريده تُنشر كل لحظة عبر مئات الحسابات عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

ودعا معاليه في ختام كلمته إلى إدراك حجم الأخطار المحدقة بعالمنا والتي تحمل بالانتحال والافتراء أو الجهل مظلة الأديان والمذاهب، والعمل على نشر ثقافة التواصل الحضاري وثقافة تبادل المحبة والاحترام الإنساني والأخلاقي، وثقافة الإيمان بالتنوع والاختلاف البشري، وثقافة التسامح والتعايش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *