متابعات

دراسة عن الأنماط التخطيطية لمدينة جدة تقدم 10 توصيات هامة .. د. آل مشيط : إعادة النظر في المشاريع الإسكانية الحكومية غير الاقتصادية

جدة – إبراهيم المدني

توصلت دراسة أعدها الدكتور مهندس حسين بن سعيد آل مشيط، إلى أن هناك غيابا للتأثير النمطي في تقسيم المخططات السكنية، وعدم وجود ملاءمة بيئية أوملاءمة اجتماعية واقتصادية، وبالتالي عدم تحقيق الملاءمة العمرانية التخطيطية المثلى لمدينة جدة. فلا يوجد ملاءمة مثالية أو مكتملة الجوانب، فالمخطط الناجح عمرانياً قد لا يكون ناجحا اقتصاديا، أو قد يكون ناجحا بدرجة أقل؛ سواء اقتصادياً أو اجتماعياً، والمخطط الذي ينجح اقتصادياً، قد لا ينجح بيئيا.

حيث روعي في التخطيط مساحات القطع الكبيرة والشوارع المناسبة إلى حد ما ، لكن كان هناك إغفال للروابط الاجتماعية، وتكوين المركزية داخل الأحياء، وكثرة التقاطعات وانتهاج النظام الشبكي للصرف. ثم تلاه في تقييم الملاءمة الاجتماعية، والتي أظهرت الملاءمة؛ من حيث توفر المسكن المناسب لاحتياجات الأسرة الدنيا، ولكنه لم يكن بحجم رغباتها في الحصول على المساكن المناسبة، من حيث الموقع والوحدات المنفصلة، وتوفر الخدمات والمرافق ، ثم الملاءمة الاقتصادية حيث إن ارتفاع أسعار الأراضي والوحدات يفوق إمكانيات معظم الأسر، بينما كانت الملاءمة البيئية متدنية جداً، ويمكن تأويل ذلك بعدم أخذ هذا العنصر الهام في أولويات التخطيط عند تقسيم الأحياء ودراسة مواقعها من الجانب البيئي.

ويتضح ذلك من خلال غياب الاهتمام بالاعتبارات البيئية المحيطة، ومتطلبات السكان من قيم معمارية جمالية، والنظر إلى تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والتطورات التكنولوجية المختلفة .

وانتشار المخططات والمساكن لا يعني تلبية احتياجات المجتمع مع متطلبات الأسر بالسكن الملاءم مع ارتفاع أسعارها بشكل مستمر ومتزايد. وان كان توجه معظم أفراد المجتمع في الآونة الأخيرة إلى الاتجاه نحو تقليص مساحة المسكن، حيث كان السبب الأساسي وراء ذلك هو العامل الاقتصادي، إضافة إلى ارتفاع تكلفة البناء والصيانة والتشغيل، وكون هناك شريحة كبيرة من المجتمع من فئة الشباب ذات الأسر الصغيرة، وهو ما انعكس على مخرجات السكان بظهور وانتشار نظام بناء الشقق والفلل (الدبلوكس)، وفي حدود 200،و250 متراً.

إن قضية المخططات الإسكانية ليست مشكلة عدم توافر القطع الصالحة للبناء أو المسكن، بقدر ماهو عدم وجود التخطيط والتقسيم وفق النمط الأنسب والأمثل، كما أن عدم وجود القدرة المالية لشراء هذا المسكن وارتفاع أسعار الوحدات السكنية؛ نتيجة ارتفاع سعر الأرض وتكاليف البناء وتقدير نسب ربح عالية من قبل القائمين على بناء هذه الوحدات. وتنحصر هذه المشكلة في الأغلب في فئة الدخل المتوسط، حيث يجب أن توجه حوالي نسبة 50% من عدد الوحدات السكنية لهذه الفئة، وهو ما يتناقض مع أوضاع السوق العقاري واحتياجاته.

كما أن ارتفاع متوسط نسبة الإنفاق على المسكن للفئة منخفضة الدخل، والتي ترجع إلى تدني مستوى دخولهم، وهو ما يشير إلى زيادة الطلب على الإسكان في الشرائح ذات الإنفاق المنخفض، وفي مقابل المساكن التي تناسب قدراتها المالية المحدودة. في حين أن نسبة الإنفاق على المسكن تنخفض بارتفاع مستوى المعيشة.

وبالتالي يتأثر سعر المتر المربع للأراضي السكنية بوقوعها على شارع واحد، أو شارعين بعرض (شوارع أقل من 20 مترا). فمتوسط سعر المتر المربع للأراضي السكنية الواقعة على شارع واحد، يقل عن متوسط سعر المتر المربع للأراضي السكنية الواقعة على شارعين.

كما يؤثر عرض الشارع الذي تقع عليه قطع الأراضي، تأثيرا إيجابيا في سعرها، ويتأثر سعر قطعة الأرض السكنية بحسب توجيهها إلى الجهات الأصلية، وقد وجد أن أعلى متوسط لأسعار الأراضي، هي للأراضي التي توجيهها غربي، ثم تليها ذات التوجيه الشمالي، بينما تنخفض قيمة الأراضي السكنية التي يكون توجيهها جهة الجنوب، حيث إن الواجهة الغربية والشمالية هي الأميز باعتبار اتجاهات الرياح المرغوبة، ونتيجة لوجود جدة على الساحل من جهة الغرب.

التوصيات

وأوصت الدراسة بتصميم وتخطيط الأحياء السكنية بأنماط نموذجية، وتوفير المخططات السكنية خارج المدن مكتملة الخدمات والمرافق ووسائل المواصلات المريحة التي تسهل على المجتمع البناء والسكن في هذه المخططات بشكل ملائم ومريح.
وتوفير نشاطات اقتصادية مختلفة ومتنوعة في مناطق مختلفة من المدينة خصوصاً بالقرب من المخططات الحديثة، يوفر الفرص، وبالتالي الوقت في التنقل، ويخفف درجات الازدحام على الطرق والمحاور الرابطة بين أجزاء المدينة.
وإعادة النظر في المشاريع الإسكانية الحكومية غير الاقتصادية مع إعداد التنظيم؛ وفقا لفئات المجتمع مما يوفر مساحات أكبر استيعاب للمساكن، ويوفر مساكن عملية بكلفة معقولة ومقبولة.
والتثقيف المشترك لجميع صانعي القرار في مجال تقسيم الأراضي والإسكان ومنفذيه ومستهلكيه أمر هام، لخلق بيئة عمرانية لها هوية ومنظومة .

وضرورة تواجد دراسات لتوثيق قضية المعدل المقبول في المملكة أو على مستوى المدن للتزاحم السكاني ، حيث إن مرحلة التصميم هي أهم مرحلة في تطوير المخطط والسكن ، ووضع نظام لتصنيف المباني السكنية.
وإن تقسيم قطع الأراضي بنسب أضلاع 3/2 ( ثلثين) أو ½ (نصف)، هي الأفضل أو أي نسبة قريبة من ذلك، وهذا هو ما يوصى به في أغلب نظم البناء والتخطيط، وهذه النسبة نادرة تتيح الاستغلال الجيد للمساحة والجزء المبني.
والتصميم الأفضل هو الذي يوازن بين جميع العناصر للوصول إلى أفضل الحلول، وعلى نفس النهج إذا كان عدد قطع الأراضي في البلوك يساوي ثمانية قطع أراض.

واتضح أن قطع الأراضي التي تخضع إلى التقسيم مرة أخرى؛ بغرض تصميمها كفيلات على نظام الدوبلكس المعروف في السوق السعودية، مؤشر للحاجة لمساحات أقل من الموفر حاليا.

ويجب أن تكون مساحة قطعة الأرض مبنية على عوامل أهمها؛ حاجة الأسرة في المسطحات المبنية فيختلف الاحتياج للمساحة بين الأسرة كبيرة الحجم، وبين احتياج الأسر الصغيرة. فعند تصميم أي من المخططات يمكن تحديد مساحة القطعة؛ لتكون متوافقة مع حجم الأسرة والفئة المستهدفة من التخطيط.

وضرورة تطوير نماذج تخطيطية لتقسيم الاراضي وبنماذج إسكانية بديلة للفيلات والدوبلكسات، وتبنيها الدولة لتحقق احتياجات الأسر السعودية، مع العناية بخفض التكاليف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *