دولية

ترامب للعالم: نحن أو إيران عقوبات مضاعفة واحتجاجات عارمة تنذر بزوال ملالي إيران

طهران ــ وكالات

مع بدء سريان الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية، واستمرار الاحتجاجات الشعبية، بات النظام الإيراني منهكا ضعيفا، وعلى “شفا الهاوية” ، ودخلت العقوبات الأمريكية ضد إيران حيز التنفيذ، اعتباراً من امس “الثلاثاء” وذلك بعد ساعات من إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا بإعادة فرض حزمة عقوبات على الاقتصاد الإيراني.
وتتضمن المجموعة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران، التي بدأ سريانها، اليوم الثلاثاء:

– عقوبات على التحويلات الرئيسية للريال الإيراني، أو حسابات مصرفية خارج إيران، أو بنوك تخضع لنفوذ الريال الإيراني.

– عقوبات على تجارة الذهب والمعادن الثمينة مع إيران.
– عقوبات على المشتريات والاشتراكات أو تسهيلات الديون لإيران.

– عقوبات على شراء أو تخزين أو نقل الجرافيت المباشر أو غير المباشر أو المواد الخام أو المعادن شبه المكتملة، بما في ذلك الألومنيوم والحديد والفحم والبرمجيات لإدماج العمليات الصناعية.

– عقوبات على شراء وبيع الدولار الأمريكي من قبل حكومة إيران.
– عقوبات على صناعة السيارات.

وتأتي هذه الخطوة، بعد 3 أشهر على قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وذلك في مايو 2018.
وتهدف الولايات المتحدة إلى التصدي للأنشطة التخريبية الإيرانية، التي تتجاوز البرنامج النووي إلى الدعم المستمر للإرهاب، ممثلا في مليشياتها الانقلابية من الحوثيين في اليمن على سبيل المثال، فضلا عن قمع مواطنيها وانتهاكات حقوق الإنسان، إضافة إلى زعزعة استقرار المنطقة.

بدوره هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعقوبات قاسية كل من يتعامل تجاريا مع إيران.
وقال ترامب في تغريدة على تويتر، إن “الولايات المتحدة لن تتعامل تجاريا مع كل من يجري معاملات تجارية مع إيران.. أطلب السلام العالمي، لا أقل من ذلك”.

واعتبر الرئيس الأميركي أن العقوبات على النظام الإيراني الذي يعاني من مشكلات اقتصادية وانهيار في العملة، “هي الأشد على الإطلاق”.

وأكد ترامب أن العقوبات على إيران “ستصل في نوفمبر إلى مستوى أعلى”.

وقبيل دخول العقوبات حيز التنفيذ، أعلن ترامب في بيان “على النظام الإيراني الاختيار. فإما أن يغير سلوكه المزعزع للاستقرار ويندمج مجددا في الاقتصاد العالمي، وإما أن يمضي قدما في مسار من العزلة الاقتصادية”.

ومن المتوقع أن تضرب تأثيرات عقوبات واشنطن، بشدة، جوانب عدة من حياة الإيرانيين، ولن يقتصر ضررها على الشق الاقتصادي، بل سيصل مداها على الأرجح إلى الجانب الاجتماعي، وهو الذي يتوجس منه النظام الإيراني.

ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”، فقد قال المسؤولون الذين لم يكشف عن أسمائهم، إن العقوبات الأميركية ستضع ضغوطا شديدة على الاقتصاد الإيراني.

فيما يلقي كثير من الإيرانيين اللوم على حكومتهم جراء إعادة فرض العقوبات الأمريكية، ويخشون في الوقت ذاته بأن تكون “المسمار الأخير في نعش” الاقتصاد المتعثر أصلا، ومع توقعات بارتفاع وتيرة الاحتجاجات والإضرابات مع عودة العقوبات والتي تعكس اليأس المستشري في أوساط شرائح المجتمع وخاصة الأكثر فقرا.

وتضاف إلى ذلك مشكلات الفساد والمنظومة المصرفية الفوضوية والبطالة المتفاقمة التي تعاني منها البلاد بعد عقود من سوء الإدارة.

وبالتزامن مع بدء تطبيق أولى حزم العقوبات الأمريكية ضد طهران اندلعت موجة جديدة من الإضرابات الفئوية والعمالية في أنحاء متفرقة داخل إيران.

وتأتي تلك الاحتجاجات في الوقت الذي ينتظر فيه النظام الإيراني مصيراً معتماً وسط تردي الأوضاع المعيشية، وتفشي الفساد الحكومي.

وأوردت وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية، أن الإضراب جاء اعتراضاً على خفض رواتبهم بالتزامن مع تدني قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي لأقل مستوياتها، في الوقت الذي رفض أحد المسؤولين تلبية مطالبهم، أو الجلوس معهم للتفاوض حول حقوقهم المهدرة.

وأعلنت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن عمال خدمات نفطية دخلوا إضراباً مفتوحاً، منذ الإثنين، في حقل نفطي بحري بجزيرة “خارك”، أكبر منفذ بحري لتصدير النفط الخام الإيراني.

وذكر “راديو زمانه” الناطق بالفارسية، أن عدداً من عمال استاد “آزادي” الرياضي في طهران، نظموا مسيرات احتجاجية؛ اعتراضاً على استمرار سياسات الفصل التعسفي، قبل أن يطوقوا أسوار وزارة الرياضة الإيرانية.

كما يواصل عمال السكك الحديدية منذ عدة أيام إضرابهم بمناطق متفرقة مثل سمنان، وسرخس، وشاهرود؛ اعتراضاً على تدني دخلهم المالي، وسط حالة معيشية متردية.

وطالب العمال المضربون عن العمل بتلبية مطالبهم، مهددين بإطالة أمد هذا الإضراب وتعطيل حركة القطارات في البلاد، على غرار الاحتجاجات التي نظموها قبل أشهر.

وعمت موجة إضرابات عدداً من الأسواق في طهران؛ اعتراضاً على حالة تفشي الكساد وزيادة معدلات البطالة، حيث تداول نشطاء إيرانيون مقاطع مصورة تُظهر إغلاق التجار أبواب المحال.

وعلى صعيد متصل، أعرب خبراء اقتصاديون في إيران، في خطاب مفتوح للرئيس حسن روحاني عن قلقهم، بسبب ارتفاع نسب الفساد الحكومي، محذرين من تراجع ثقة الرأي العام بالنظام بسبب “المحاصصة والرشوة”.

ووجّه 38 خبيراً اقتصادياً في خطابهم لروحاني، بحسب وكالة أنباء “إيلنا” الإيرانية، انتقادات حادة بسبب عجز حكومة طهران عن التوصل لحلول إزاء تردي أوضاع الاقتصاد، مطالبين بعدم تدشين سوق ثانوية للصرف الأجنبي بالوقت الراهن.

وهاجم الخبراء السياسات المصرفية الحكومية بسوق النقد الأجنبي، وطريقة إدارة عمليات بيع وشراء العملة الصعبة بالصرافات والبنوك الرسمية، لافتين إلى أن الاقتصاد المحلي بات “غير إنتاجي” وقائماً على “المحسوبية”، بسبب عمليات سمسرة لصالح منتفعين.

وتواجه مجالات مثل البتروكيماويات، والفولاذ، والسيارات، والمصارف، ضرراً بالغاً جراء تفشي الفساد والمحسوبية، بحسب الخبراء، بينما يستعد “روحاني” لحضور جلسة مساءلة برلمانية نهاية الشهر الجاري، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية بشكل مطرد مؤخراً.

فيما واصلت شركات عالمية إعلان تخارجها من السوق الإيرانية، مع دخول أول حزم العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، بانتظار الحزمة الثانية في نوفمبر المقبل.

آخر الخارجين من السوق الإيرانية، كانت شركة دايملر الألمانية لصناعة السيارات والشاحنات، التي أعلنت اليوم أنها ستوقف أنشطتها في طهران، امتثالا للعقوبات الأمريكية على طهران.

وتضع خطوة “ديملر” حدا مفاجئا لخططها الهادفة إلى التوسع في إيران، حيث وقعت اتفاق تعاون مع شركتين محليتين لتجميع شاحنات مرسيدس بنز.

في المقابل أعلنت المجموعة النفطية الفرنسية “توتال” وشركة “بي إس آ” لصناعة السيارات (بيجو-سيتروان) أنهما ستنسحبان على الأرجح من إيران.
وقالت شركة نستله، أكبر شركة غذاء في العالم، إنها لا تتوقع أي تداعيات مباشرة جراء إعادة فرض عقوبات أمريكية على إيران.

وأكدت الشركة في بيان: “نواصل متابعة التطورات السياسية عن كثب فيما يتعلق بالعقوبات على إيران.. لا توجد أي تداعيات مباشرة على أنشطتنا في الوقت الحالي”.

في غضون ذلك سلطت العديد من الصحف الأوروبية والأمريكية الضوء على هذا القرار، وذلك بتصدره أغلفة أعدادها الورقية ووضعه بالعناوين الرئيسية بمواقعها الإلكترونية.

وفي افتتاحية بعنوان “إيران على شفا الهاوية”، قالت صحيفة “التايمز” البريطانية، إن العقوبات الأمريكية تستهدف طهران بسبب زعزعتها لاستقرار الشرق الأوسط على نحو دموي، وتسلط الضوء على فساد النظام الأجوف.

“إيران في ورطة” هكذا شبّهت “التايمز” الوضع، لاسيما في ظل انهيار العملة المحلية، واستمرار المظاهرات في الشوارع، لليوم السادس على التوالي، احتجاجا على ارتفاع الأسعار والفساد، وعدم خشية المشاركين فيها من الانتقام، فضلا عن معاناة أجزاء كبيرة من البلاد من نقص المياه.

الصحيفة البريطانية توقعت أن تزيد العقوبات الأمريكية، من الشعور بالاستياء في نفوس الإيرانيين، وهو ما سيجعل العديد منهم يلقون باللائمة بذلك على أوجه قصور حكومة الرئيس حسن روحاني.

وأشارت إلى أنه خلال المسيرات الشعبية، يتساءل متظاهرون لماذا يتم تحويل الأموال لشن الحرب في سوريا أو لدعم ميليشيات “حزب الله” اللبناني بدلا من تطوير البلاد.

تساؤلات شملت أيضا وعود النظام وعهوده التي أخلفها، من ذلك أن الأخير عندما وقع اتفاقاً دولياً في 2015 للحد من تخصيبه النووي، تعهد بأن هذا سيفرج عن أموال من شأنها تحويل إيران، غير أن عدم الإيفاء بذلك يثير حنق وغضب الطلاب والعمال على حد سواء

ومستعرضة المجالات المستهدفة بالعقوبات الأمريكية، قالت الصحيفة إنها تشمل صناعة السيارات، وتجارة الذهب، والعملات الأجنبية، ومجموعة من الأنشطة الاقتصادية الأخرى، من صادرات السجاد إلى شراء الطائرات الغربية.

واعتبرت أن إلغاء التراخيص التي تسمح لطهران بشراء طائرات أمريكية وأوروبية ربما يكون الأكثر تأثيرا، لأن شركة الخطوط الجوية الإيرانية تملك أسطولًا قديمًا وسجلاً ضعيفًا في مجال السلامة.

وكان من المقرر أن تشتري طهران 100 طائرة من طراز “إيرباص” و80 طائرة “بوينج”، وبدلاً من ذلك، تمكنت من إبرام صفقة صغيرة لشراء 5 طائرات ركاب توربينية قبل أيام من سريان العقوبات.

ووفقا للصحيفة، كان المفترض أن يساهم الاتفاق النووي الإيراني مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وحلفائه الأوروبيين وروسيا والصين، في تعليق أية خطط إيرانية للاندفاع نحو حيازة أسلحة نووية أو السعي للحصول عليها، وإنهاء حملة نشر الاضطرابات في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، سرعان ما أصبحت العيوب في الاتفاق جلية، حيث لا يغطي أنشطة إيران في مجال القذائف الباليستية، وكان قصير الأجل ويساعد على بقاء الخبرة النووية الإيرانية.
وعلاوة على ذلك، شعرت عناصر “الحرس الثوري” بأن لديها تفويضاً مطلقاً لدعم نظام الأسد في سوريا وتمويل الجماعات الإرهابية، ما جعل رفض ترامب الغريزي للاتفاق وعودة العقوبات أمرا حتميا.

الصحيفة رجحت أنه بحلول موعد تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات في غضون 3 أشهر، والتي تحظر بشكل أساسي صادرات النفط الإيرانية، فإن الغموض الوحيد سيكتنف مصير الاتفاق النووي، وما إذا كان سيموت بسرعة أو بشكل تدريجي.

ومن الصحف الورقية من الولايات المتحدة الأمريكية، صحيفة “نيويورك تايمز”، التي كتبت عنوانا على صفحتها الأولى يقول “نهاية الاتفاق النووي, الولايات المتحدة تعيد العقوبات الاقتصادية على إيران”.

وصحيفة “وول ستريت جورنال”، التي كتبت عنوانا على صفحتها الأولى يقول “الولايات المتحدة تضرب إيران بتجديدها للعقوبات الاقتصادية”.
وصحيفة “فاينانشل تايمز”، التي كتبت عنوانا على صفحتها الأولى يقول “ترامب يجدد العقوبات الاقتصادية على إيران في نفس الوقت الذي تزداد به حدة مظاهرات الشعب الإيراني”.

وكتبت صحيفة “واشنطن بوست” على موقعها الإلكتروني خبرا بعنوان “الولايات المتحدة تتخذ خطوات تجاه تجديد العقوبات ضد إيران على خلفية الاتفاق النووي”.

ومن أوروبا، نشر الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” خبرا بعنوان “الولايات المتحدة تجدد العقوبات الاقتصادية على إيران بكل حسم”.
وقال الموقع إن ترامب قرر إعادة العقوبات الاقتصادية على إيران بكامل قوتها بعد قراره بإلغاء الاتفاق النووي.

وكشفت “بي بي سي” أن العقوبات ستركز على تجارة إيران الخارجية المتعلقة بالمركبات والسيارات وتجارة الذهب والمعادن.
ومن فرنسا صحيفة “لوموند” التي كتبت على موقعها الإلكتروني خبرا بعنوان “واشنطن تعيد فرض العقوبات على طهران”.

وذكرت الصحيفة أن “إعادة فرض العقوبات ضربة قاسية لطهران في ظل اقتصاد مختنق يعاني من التضخم والبطالة”.
وأوضحت الصحيفة أن قرار واشنطن جاء لتغيير السلوكيات الإيرانية المزعزعة لاستقرار المنطقة‎‎.

وشبكة “يورو نيوز” الأوروبية بموقعها الإلكتروني الناطق بالفرنسية كتبت عنوانا يقول “الاقتصاد الإيراني تحت الضغط من جديد بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية”.
أما الموقع الإلكتروني لوكالة “بلومبيرج” فقد كتب عنوانا يقول “روحاني يشعر بالضغوط الاقتصادية في ظل إعادة ترامب للعقوبات”.

وقالت الوكالة إن ضغوط العقوبات الاقتصادية على طهران بدأت تؤثر على “روحاني”، بجانب التزعزع السياسي الذي تعاني منه إيران في نفس الوقت.
وأضافت أن هذا التأثير ظهر في رفض “روحاني” لفكرة الاجتماع بالرئيس الأمريكي ترامب تحت أي ظرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *