عواصم ــ وكالات
مع انطلاق إجراء الاستفتاء في كردستان للانفصال عن العراق، تثور أسئلة عدة بشأن ملامح الدولة الافتراضية بمحافظاتها، وسكانها وحدودها.
فدولة كردستان اذا قدر لها الظهور ستشمل بطبيعة الحال دهوك وإربيل والسليمانية وحلبجة، وستشمل أيضا مناطق متنازع عليها في محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى، كانت قد سيطرت عليها البشمركة في عام 2014 بعد طرد داعش منها، وخضعت منذ حينها لحكومة الإقليم.
وجاء الإصرار الكردي على إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان عن الحكومة المركزية في العراق بمثابة زلزال يضرب المنطقة، كانت له بوادره التي ظهرت قبل أعوام عديدة.
إلا أن توابع هذا الزلزال لم تأت بعد وقوعه، وفق قوانين الطبيعة ولكنها سبقته، متمثلة في إعلان الرفض من جهة أغلب الدول، والمواجهة بين مؤتمري رئيس الإقليم مسعود برزاني ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
هذا وبدأت عملية الاقتراع فعلياً امس الاثنين٬ حيث فتحت مراكز الاقتراع أبوابها للتصويت على استفتاء للاستقلال تعارضه بغداد بشدة٬ فيما نشرت وسائل إعلام كردية صورة لرئيس الإقليم مسعود البرزاني مع صناديق الاقتراع
وذكرت اللجنة الانتخابية في الإقليم أن إجمالي عدد من يحق لهم التصويت في كردستان والمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمالي العراق يبلغ 5.6 مليون شخص.
وستكون على الأرجح نتيجة الاستفتاء تصويت الأغلبية “بنعم” على الاستقلال.
ويهدف الاستفتاء غير الملزم إلى منح تفويض لرئيس الإقليم مسعود البرزاني لإجراء مفاوضات مع بغداد ودول الجوار.
وأثار الاستفتاء انزعاج دول مجاورة للعراق- تركيا وإيران وسوريا- بسبب مخاوف من إمكانية تشجيع الأقليات الكردية في تلك البلدان على الانفصال.
وقال رئيس الإقليم إن الأكراد سيمضون قدما في الاستفتاء على الاستقلال نظرا لفشل الشراكة مع بغداد متجاهلا المعارضة الدولية للاستفتاء.
وردا على هذه الخطوة، طالبت الحكومة العراقية حكومة الإقليم شبه المستقل بتسليم المواقع الحدودية الدولية والمطارات ودعت الدول الأجنبية إلى وقف استيراد النفط الكردي.
وحثت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى السلطات الكردية في الإقليم المنتج للنفط على إلغاء الاستفتاء، وقالت إنه سيصرف الانتباه عن الحرب على تنظيم “داعش”.
ويقدر عدد الذين يحق لهم التصويت في هذه المناطق، أو بعبارة أخرى عدد سكان الدولة إن قامت، بـ5 ملايين ونصف المليون شخص.
وتضم حدود الإقليم، أغلبية عظمى كردية، لكن نسبة الأكراد تنخفض في كركوك، حيث يشكلون نحو 60 في المئة من سكان المدينة، التي يقطنها أيضا العرب والتركمان، الذين يعارض غالبيتهم الانفصال، أما في ديالى، يشكل الأكراد الغالبية، أما في نينوى فيشكل العرب الغالبية المطلقة.
يذكر أن الإقليم نجا إلى حد كبير من حالة الفوضى، التي عصفت بالعراق عقب سقوط نظام صدام حسين في 2003، حيث تبنى نظام حكم برلمانيا، وسياسة اقتصادية لم تخل من المشكلات، التي ستتفاقم في حال قامت دولة سيحدها دول مناهضة لانفصالها.
وهذه الدول هي تركيا شمالا، التي يمثل الأكراد نحو 20 في المئة من سكانها، وإيران شرقا حيث يشكل الأكراد 6 في المئة من مجموع سكانها، وسوريا غربا والتي تصارع التقسيم في حرب ضارية.
ولعل العلاقة الأكثر تعقيدا ستكون مع الجار الجنوبي، وهو العراق، في حال انفصلت عنه رغم إرادته.
وقالت وزارة الخارجية التركية، إن أنقرة ستتخذ “كل الإجراءات” بموجب القانون الدولي إذا أدى استفتاء إقليم كردستان العراق على الاستقلال إلى تهديدات للأمن القومي التركي.
وفي بيان مكتوب، قالت الوزارة إنها لا تعترف بالاستفتاء، وإنها ستعتبر نتيجته باطلة.
وأضافت أن حكومة إقليم كردستان العراق تهدد السلام والاستقرار في العراق والمنطقة بأسرها.
وفي تحذير منفصل، قالت الوزارة إنها توصي بشدة المواطنين الأتراك في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية الكردية العراقية بالمغادرة في أقرب وقت ممكن ما لم يضطروا إلى البقاء.
فيما قال رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان برزاني، إن إجراء استفتاء الاستقلال لا يعني إعلان الاستقلال غدا، معربا عن استغرابه من دعوة الحكومة العراقية الدول الأجنبية إلى وقف استيراد النفط الكردي.
وأضاف برزاني في مؤتمر صحفي “نعلن للعالم نريد التوجه صوب الاستقلال عبر مفاوضات جادة مع بغداد (..) نرغب في الاستقلال بطريقة سلمية وديمقراطية، بعيدا عن العنف”.
وأكد البارزاني أن الإقليم لا يمانع الذهاب إلى بغداد “للرد على كل الأسئلة التي ترغب في الإجابة عنها”.
وعلق البارزاني على كلمة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي التي أذاعها التلفزيون الرسمي، الأحد، بالقول: “نأسف لتصريحات العبادي وتهديداته التي أطلقها أمس تذكرنا بقرارات البعث الجائرة ضد كردستان”.