جدة ــ بي بي سي
كشف تقرير استقصائي أعدته ونشرته شبكة بي بي سي” البريطانية امس “الثلاثاء” أن مبلغ الـ 1.15 مليار دولار التي دفعتها قطر في العشرين من أبريل 2017 لخمس منظمات إرهابية بدعوى افتداء رهائن قطريين في جنوب العراق، تضمنت أيضاً قضايا سياسية وأمنية ومخابراتية، في صفقة سبقت بعدة أيام قرار دول الرباعية العربية، بمقاطعة قطر.
كما يتضمن التقرير توثيقا مسجلا عن ان الدعم القطري للارهاب الذي تتولاه منظمات شيعية مرتبطة بايران ، قديم منذ أيام الأمير السابق حمد بن خليفة الذي رعى إنشاء كتائب حزب الله في العراق بمبلغ 50 مليون دولار.
التقرير الاستقصائي الذي عمل عليه محرر بي بي سي إنجليزي، بول وود، على مدى عدة أشهر، تضمن تعقباً بالتوثيق اليومي للمحادثات والأرقام، وأضاف إلى ما سبق ونشرته صحف الواشنطن بوست ونيويورك تايمز والفايننشال تايمز، توثيقات جعلت الشبكة الإخبارية الدولية تصف ما فعلته قطر بأنه أكبر عملية من نوعها في التاريخ، بما تضمنته من أرقام لتمويل الإرهاب ومن أسرار لم تتكشف كلها، كما قالت.
فقد أظهرت نصوص المفاوضات بين السفير القطري في بغداد، زيد الخيارين، الذي تبين أنه ضابط كبير في المخابرات القطرية برتبة لواء، مع الخاطفين، أن جزءاً من الصفقة كان متعلقا بخروج قطر من أي عمل عربي ضد ايران ، وكذلك الإفراج عن ضباط ايرانيين كانوا محتجزين لدى بعض الفصائل المعارضة السورية.
وأشار التقرير إلى أن وزير خارجية قطر الحالي محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ولم يكن وقتها تسلم حقيبة الخارجية، هو الذي تلقى يوم 16 ديسمبر 2015 قائمة القطريين الذين خطفتهم كتائب حزب الله أثناء رحلتهم لصيد الصقور وذكور الحبارى في جنوب العراق، وأن القائمة كانت تتضمن أسماء اثنين من أقاربه أحدهما جاسم ابن عمه، والثاني خالد زوج خالته.
واحدة من الوثائق المنشورة التي تُظهر تركيز قطر على ابني العائلة الحاكمة اللذين جرى فصلهما عن بقية المحتجزين، وقول الشيخ محمد للسفير، لا نريد للفيديو الذي سيُنشر لاحقا ان يكشف اننا نميز بين ابناء العائلة والاخرين . دعهم يقفون مع البقية وذلك درءاً لأي غضب شعبي من أهالي المختطفين الآخرين وهم يرون اننا نميز ونمنح الرعاية الخاصة لابناء العائلة الحاكمة.
وأشار التقرير استناداً إلى نصوص الرسائل المتبادلة بين السفير ومحمد بن عبد الرحمن، إلى أن القيادة القطرية وهي تشدد على ضرورات التكتم والسرية، تبلغّت رسمياً أن هذه المفاوضات تجري مع أربعة أطراف وكلها مدرجة على قوائم الإرهاب، بدءاً من كتائب حزب الله (العراقي)، إلى الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني، وصولاً إلى هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) المرتبطة بتنظيم القاعدة.مع الإشارة النصيّة إلى أن “حزب الله اللبناني يحتاج هو الآخر إلى الدعم” الذي سيأتي تحت مبرر ترتيبات نقل أهالي أربع قرى سورية وترحيلهم إلى مناطق أخرى، وهي الترتيبات التي كانت حظيت أيامها بحملات معارضة وطنية وقومية ودينية من زاوية أنها تواطؤ على التنكيل بالسنّة في سوريا.
وللتستر على حقيقة ما يشكل دعماً قطرياً للمنظمات الإرهابية وصلت أرقامه بحسب تقرير الـ”بي بي سي”، إلى 1.15 مليار دولار، فقد جرى الاتفاق على ترتيبات تبدو وكأنها تسليم الفدية النقدية إلى الحكومة الاتحادية العراقية، وتحت ذريعة مساعدات تنموية للعراق.
من الطرائف التي كشفها التقرير الاستقصائي كيف أن الخاطفين كانوا يتعاملون مع قطر على أنها كومة فلوس يمكن النهب منها كما تشاء.
(أبو محمد)، الاسم الحركي للذي كان يتفاوض نيابة عن كتائب حزب الله، طلب من السفير القطري مبلغ 10 ملايين دولار، دفعة شخصية له على جهوده. كذلك كان هناك اثنان آخران من الوسطاء، طلبا من السفير القطري “هدايا” شخصية تتضمن 150 ألف دولار نقداً، وخمس ساعات رولكس، بينها اثنتان من أغلى الساعات في العالم، فيما تكون الثلاثة الأخرى عادية.
وبعد ذلك بفترة قصيرة، وتحديداً في 16 ابريل 2016، ظهر اسم قاسم سليماني في نصوص المفاوضات التي أوصلت رقم الفدية إلى مبلغ مليار دولار، حيث اجتمع مع ممثلي كتائب حزب الله وأصرّ على هذا المبلغ. وفي نص الرسالة من السفير إلى الشيخ محمد والتي يطلب فيها المبلغ جاءه الرد: توكل على الله.
وبعد أربعة أشهر من الاتفاق على المبلغ، طلب سليماني من السفير القطري أن ترعى دولته “اتفاقية الأربع مدن” التي يراد منها ترحيل السنّة من اثنين وترحيل الشيعة من اثنتين.
وفي يناير 2017، كما تقول الوثيقة كانت الصفقة اكتملت بمبلغ مليار دولار يضاف له 150 مليونا، لم يجر تحديد مآلها، وهو ما تأكد للبي بي سي أن قطر قبلت به.
عملية تسليم المبالغ التي تمت في ابريل 2017، تمت بوصول طائرة قطرية تحمل المبالغ نقداً في حقائب جرى وضعها في الصالة على الأرض تحت إشراف ضابط المخابرات القطري جاسم بن فهد آل ثاني.
وقد تضمنت الترتيبات أن مجموعة من المسلحين يدخلون فجأة إلى الصالة بملابس عسكرية ويأخذون الحقائب.