حوار فنون

بالصور فى ذكرى ميلاده محطات هامة لا تعرفها عن صوت الأرض طلال مداح

خاص البلاد / تحقيق نيفين عباس

يحتفى العالم العربى بذكرى ميلاد قيثارة الشرق أو صوت الأرض العملاق طلال مداح

إستطاع طلال مداح بألحانه وأغانيه أن يترك بصمة تجاوزت حدود المملكة العربية السعودية لتصل لكافة دول العالم العربى، بالرغم من مرضه فى السنوات الأخيرة بالقلب إلا أنه لم يكترث لنصائح الأطباء بالراحة المطلقة، ليلفظ أخر أنفاسه على خشبة مسرح “المفتاحة” بمدينة أبها ويرحل تاركاً وراءه كنزٌ ثرى لكل من يبحث عن الطرب والفن الأصيل

وفى هذه المناسبة الخاصة على قلب كل عشاق صوت الأرض، كان لنا لقاء مع الباحث والناقد والكاتب المتخصص فى مجال الفن ومؤسس موقع طلال مداح الأستاذ الكبير محمد سلامة ليسرد لنا بعضاً من أهم الأعمال التى قدمها الفنان الراحل، والكاتب الصحفى الكبير والناقد الفنى الأستاذ أحمد مكى ليحدثنا عن أهم محطات حياة الراحل طلال مداح وحقيقة خلافه مع فنان العرب محمد عبده..

 

فى البداية قال الأستاذ محمد سلامة “وضحت موهبة طلال مداح منذ صغره في الطائف حين كان يغني عند أصدقاء والده علي مداح .. وبعدها بدأ يغني في حفلات عامة وخاصة حتى ذاع صيته، فطلبه وقتها مدير اذاعة جدة عباس غزاوي للانتقال لجدة وتسجيل الأغاني لصالح الإذاعة، فلحن أغنية وردك يازارع الورد وهو في عمر صغير ونجحت الأغنية نجاحاً ساحقاً جعله يستمر في التلحين والغناء فقدم أغان خالدة مثل سهرانين، وأسمر من البر، ومجروح وائن، وغريبة تشك في إخلاصي، وطال الجفا، وياقمر تسلملي عينك، وغيرها الكثير تم تسجيلها في بيروت وانتاجها عن طريق الاسطوانات، عندها سنحت له الفرصة ليقوم بدور بطولة في فيلم سينمائي مع المطربة صباح وقدم فيه اغنية مصرية بعنوان اسمحولي، وهي من كلمات ميشيل طعمة والحان الموسيقار السعودي غازي علي”

الباحث والناقد والكاتب المتخصص فى مجال الفن ومؤسس موقع طلال مداح محمد سلامة

وأردف “لقد قدم طلال في ذلك العمر كل الألوان فبالإضافة لألوان السعودية الكلاسيكية قدم اللون المصري واليمني والكويتي والبحريني والسوداني.. كل هذا كان في فترة الستينيات أي في العشرينيات من عمره.. ليصبح نجماً لا يشق له غبار وينطلق بعد ذلك ويقدم أجمل مالديه حتى آخر عمره في أعمال لازالت تسكن وجدان كل مواطن عربي”.

الناقد محمد سلامة والموسيقار الراحل الكبير سراج عمر

وتحدث الأستاذ أحمد مكى عن طلال مداح قائلاً، أن أصول الفنان الراحل طلال مداح ترجع لليمن تحديداً من حضرموت بعدن، كان لقبه جابرى نسبة لأسرته، لكنه بعد إنتقاله من الصغر إلى مكة قام زوج خالته الذى تولى تربيته بتسميته طلال مداح

الكاتب الصحفى والناقد الفنى أحمد مكى

وتابع، تعلم طلال مداح التراث الحجازى ومقاماته على يد عبدالرحمن خوندنه، وكان خوندنه أول من تبنى طلال مداح وأول من علمه المقامات الحجازية والعزف على العود، ومنها إنطلق طلال مداح وأطلق أول ألحانه وهى “وردك يا زارع الورد” والتى كانت تحمل مقام مميزاً

وأردف “عاش طلال بمكه وكان يعمل بالبريد السعودى بالطائف، كان عمله ببريد الطائف أول أعماله ثم إنتقل بعدها إلى مدينة جدة، ثم ترك مهنته بالبريد وإتجه للعمل بالفن”

وكان لطلال مداح العديد من المحطات الفنية التى أخذها الموسيقار والملحن السعودى عدنان خوج

وكانت بداية شهرة طلال مداح عربياً أغنية “مقادير” والتى غنتها بعد ذلك الفنانة وردة الجزائرية، وتعتبر مقادير هى بوابة عبور طلال مداح للدول العربية حتى تغنى بها البعض باللغة الأندلوسية

لقد كان الملحن والموسيقار سراج عمر والذى رحل عن عالمنا قبل عدة أشهر توأم روح طلال مداح بالفن، وكان لهم العديد من المحطات الفنية معاً

وفى بداية حياته قدم طلال مداح مسلسلين بالأبيض والأسود بعنوان ” الأصيل” و “شارع الضباب” لكنه لم يجد نفسه بالتمثيل

طلال مداح والذى قالت عنه كوكب الشرق السيدة أم كلثوم عندما سمعت صوته أنه سيصبح يوماً ما “نابغة” يعتبر المطور الأساسى للفن السعودى والأغانى الحديثة، فقد كان المغنى السعودى فى السابق يخرج كله من الحجاز وهو سبب تطوره من بداياته

وتابع ” تعاون طلال مداح مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والموسيقار بليغ حمدى والفنان وديع الصافى حتى وصل العالمية، فقد قدم موسوعات موسيقية ومؤلفات سماها “ليالى البرازيل” لكنه لم يجد نفسه فى الموسيقى الصامتة، فقد كان يرى أن الفنان يجب أن يغنى بصوته، ويعتبر طلال مداح من الفنانين الذين عاصروا منتصف الستينات الإسطوانات الحجرية القديمة والبلاستيكية، كما قدم العديد من الأغانى والألحان باللهجة اليمنية الشعبية وكذلك المصرية والدبكة اللبنانية وغنى باللهجة السورية والعراقية والسودانية كما غنى اللون الحجازى الشعبى والدانة المكيه والمزمار والصهبة المكية باللون الشعبى ولون المغرب العربى وكلها ألوان إستطاع ببراعة أن يتقنها، وتعاون مع عمالقة الشعر كأمير الشعراء أحمد بك شوقى ونزار قبانى والأمير عبدالله الفيصل والأمير بدر بن عبدالمحسن، كذلك قدم طلال مداح العديد من الإبتهالات الدينية الحجازية والأدعية، وتغنى بمعلقات الشعر القديمة أيام الجاهلية لأمرؤ القيس والمتنبى ويزيد بن معاوية، وكذلك أبرز القصائد العربية لعنتر بن شداد وأبو فراس الحمدانى

موسيقار الأجيال وطلال مداح

وتغنى لطلال مداح العديد من الفنانين الشعبيين كالفنان فوزى محسون، وقدم طلال مداح العديد من الأعمال لملحنين سعوديين شعبيين كان أبرزهم محمد على سندى، وعبد الله محمد الذى قدم لطلال مداح العديد من الأعمال التى كان يرى طلال مداح نفسه فيها، أيضاً الفنان والموسيقار العميد طارق عبدالحكيم رئيس المجمع العربى للموسيقى وقائد فرقة الجيش بوزارة الدفاع السعودية والذى لحن السلام الوطنى السعودى، وتغنى أيضاً للملحن عمر كدرس الذى أعطاه أعمال فنية فى بداياته

وكانت بداية تعاون طلال مداح فى لبنان بفترة الستينات مع لطفى زينى الذى كان من أبرز أصدقائه وتغنى بالعديد من الأعمال التى كانت من كلماته والتى كان يسجلها طلال مداح بشركة الإنتاج الفنى التى كان يمتلكها لطفى زينى قبل أن يمتلك إستديو خاص به

كذلك تغنت له العديد من الأصوات النسائية كالفنانة هيام يونس وأختها نزهة، والفنانة العراقية رباب، والفنانة الراحلة ذكرى، والفنانة السعودية عتاب، والفنانة رجاء بلمليح، والفنانة سميرة سعيد، والفنانة فايزة أحمد، والفنانة هالة هادى

طلال مداح ووردة

وعن دعم طلال مداح قال ” الشاعر إبراهيم خفاجى الذى كتب النشيد السعودى كان أكبر داعم لطلال مداح، فقد قدم له العديد من الأعمال الوطنية والعاطفية منها أعمال باللهجة الحجازية”

كذلك هناك العديد ممن قدموا لطلال مداح أعمال وطنية كان من ضمنها “وطنى الحبيب” والتى تعتبر من أعظم وأروع ما قدم طلال مداح وتعتبر بمثابة النشيد الوطنى والحاضر الأول للإذاعة على شاشات التلفاز فى كافة المناسبات الوطنية

أما عن حياته الخاصة فقال ” طلال الإنسان كان يود جميع أصدقائه سواء كانوا من المحيط الفنى أو خارج المحيط، وعرف عنه تواضعه الشديد، لدرجة جعلته يلبى دعوة الجيران والأحباب للغناء بالأفراح دون أن يتقاضى أجر لعدم تمكنهم من دفعه”

كان طلال يجيد كل شيئ لكن ما ينغص عليه ويعتبر أمر طريف بنفس الوقت كانت معاناته مع “اللدغة الرائية” والتى كان يواجه مشاكل بسببها!

أما عن أعماله قال “طلال مداح تغنى بما يزيد عن ألفين عمل” غير الأعمال التى قام بتلحينها

وبسؤاله عن حقيقة خلافات طلال مداح مع أبو نوره فنان العرب محمد عبده قال “علاقة أبو نوره بطلال مداح سمن على عسل لدرجة أن البعض كان يطلق النكات ويقول من المطرب الأول محمد عبده أو طلال مداح!

طلال مداح ومحمد عبده

ويعتبر الإثنان ثنائى جميل وقدما الجنادرية السعودية فى بداياتها لكن بسبب تعصب بعض جمهور طلال مداح ولدت الغيره

كذلك بدأت الشرارة خاصة بعدما إبتعد الموسيقار طارق عبدالحكيم قليلاً عن محمد عبده وإقترب من طلال مداح وكانت هذه من ضمن الأسباب

كذلك بسبب بعض القصائد التى قدمها الأمير بدر بن عبدالمحسن لطلال مداح بالأساس ثم جاء محمد عبده سمعها وغناها بدلاً منه وقام بتسجيلها قبله

لكن تلك الصراعات والمنافسة القوية بينهم خلقت حركة فنية كبيرة، وما ميز الثنائى هو الفن الحجازى واللهجة الحجازية أو المكية، لأن الفن كله أساسه مكة لأن المغنى قديماً كان يضرب بالكف دون إستخدام الآلات حتى جاء طلال مداح وطور الفن السعودى”

فنان العرب والكاتب والناقد الفنى أحمد مكى

وأردف “الفن ليس له جنسية، لكن من الصعب تكرار طلال مداح بالتاريخ مرة أخرى”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *