دولية

انتفاضة إيران.. غضب يهز عرش الملالي.. و3 سيناريوهات محتملة

طهران ــ وكالات
أصدر النظام المُطبق على زمام حكم إيران أوامره لتجميع مليشيات داخلية وخارجية للوقوف في وجه الانتفاضة الشعبية المطالبة برحيل النظام الدموي الإرهابي.
وأكدت مصادر موثوقة أن الأوامر صدرت لنخبة من الحرس الثوري أيضاً لتصفية المعارضين في بعض أقاليم إيران إلى جانب تشكيل مليشيات منتقاه من تلك العاملة في العراق وسوريا ولبنان لقمع ثورة الشعب الإيراني.
وتواردت أنباء عن بدء عمل

يات المواجهة بالرصاص فيما وقفت حشود الغاضبين في وجه نيران الحرس الثوري والمليشيات المتشددة منادية برحيل النظام، وأفادت المصادر إلى توزيع خطط إعلامية على وسائل الإعلام الداخلية والداعمة في الخارج تلصق تهمة الخيانة للمحتجين وتدعي بأن الثورة مدعومة من خارج إيران فيما أكد المتظاهرون بأن دوافع الاحتجاج تردي الأوضاع الاقتصادية وتفرغ النظام لدعم الإرهاب والإرهابيين خارج حدود إيران منادين بالموت لخامنئي والملالي ومطالبين بالعيش الكريم والتفرغ للتنمية كما تفعل دول العالم.
فيما انشغل نظام الملالي لاستغلال الانتفاضة في تصفية الحسابات بين أجنحته المختلفة على توزيع الثروات ومنافذ الإيرادات مستخدمين بذلك قوى مختلفة من بينها الحرس الثوري.
وكشفت مصادر في المعارضة الإيرانية، أمس الجمعة، أن عدد قتلى الاحتجاجات، التي تشهدها عدة مدن في البلاد منذ أيام، ارتفع إلى 50 شخصًا، وأوضحت أن هناك نحو 3 آلاف معتقل في سجون النظام الإيراني، منذ بدء الاحتجاجات.
واندلعت المظاهرات في طهران، الخميس قبل الماضي، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين وارتفاع نسبة البطالة وتفشي الفساد، لكنها ووجهت برصاص قوات الأمن، مدعومة بمقاتلي الحرس الثوري الإيراني.
ويقول المحتجون إنهم “ملوا من الشعارات الرسمية المناهضة للغرب”، وإنه “آن أوان رحيل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي وحكومة الرئيس حسن روحاني”.
ويشارك في المظاهرات أفراد من أبناء الطبقة العاملة، لكنها بدأت كذلك في اجتذاب أبناء الطبقة الوسطى التي كانت عماد احتجاجات مطالبة بالإصلاح عام 2009، اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية.
وقالت منظمة العفو الدولية:” المئات اعتقلوا وزُج بهم في سجون “اشتهرت بالتعذيب وسوء المعاملة خلال السنوات السبع الأخيرة”، مع حرمان كثيرين من الاتصال بأسرهم ومحاميهم”.
وعززت قوات الحرس الثوري تواجدها في عدد من المناطق، وسط مزاعم عن عودة الهدوء، وأظهر فيديو نشره ناشطون في مدينة شهر ابريشم إقدام السلطات على إرسال تعزيزات أمنية، ومركبات مصفحة إلى عدد من مناطق الاضطرابات، وذلك بعد خروج آلاف المتظاهرين بعد صلاة الجمعة.
وتحولت الاحتجاجات، بسبب الإحباط من الأزمات الاقتصادية، التي يعاني منها الشباب والطبقة العاملة، إلى انتفاضة ضد السلطات والمزايا التي تتمتع بها النخبة خاصة المرشد علي خامنئي وأكدت وسائل إعلام إيرانية خروج “تظاهرات في 40 موقعا بمحافظة طهران” بعد صلاة الجمعة.
وجاء الحراك الشعبي الإيراني للمطالبة بإصلاح الاقتصاد ، وتوفير نفقات الحروب الخارجية للحدّ من معدلات البطالة وارتفاع الأسعار، ويأتي الحراك ليضيق الخناق على نظام أثقلته سياساته الخارجية بدعم الإرهاب ونشر الفوضى باستخدام مليشيات طائفية في العراق وسوريا ولبنان واليمن .
مشهد يقف، هذه الأيام، على رمال متحركة، ومفتوح على 3 سيناريوهات مرتبطة جميعها بالطريقة التي سيتعامل معها النظام مع الاحتجاجات، مع أن النظام بدأ في تفعيل أول السيناريوهات.
القمع :
تفعيل آلة القمع هو أول خيارات النظام الإيراني لوأد الاحتجاجات، وهذا ما حصل بالفعل حين تم تسخير الأجهزة الأمنية المخصصة لحماية نظام الملالي، ما أسفر عن سقوط أكثر من 50 قتيلا جلّهم من المحتجين.
استراتيجية قمعية تدرك إيران فاعليتها في ترهيب المتظاهرين، خصوصا إثر توسيعها لنطاق الاعتقالات، مستندة في ذلك إلى نجاحها في إخماد أنفاس عدد من المظاهرات في السنوات الماضية، في نهج تقليدي لم يفارق النظام الإيراني منذ 1979 سياسة كانت طهران تعول عليها بشكل كبير، خصوصا أنها سبق وان وأجهضت تحركات سابقة، غير أنها أغفلت أن الحراك الشعبي الراهن يتغذى من فشل الاحتجاجات السابقة، ومن تراكمات فشل ذريع للنظام في تلبية تطلعات الشعب، وضمان عيش كريم لأفراده.
التراجع عن التدابير الاقتصادية:
خروج المظاهرات عن سيطرة نظام الملالي، وامتدادها لعشرات المدن قد يدفع النظام نحو تكتيك مغاير ومختلف تماما، لكن تفرضه معادلة الشارع، وهي التراجع عن بعض القرارات الاقتصادية المعلنة مؤخرا، وعلى رأسها زيادة أسعار الوقود. خيار قد تجد الحكومة الإيرانية نفسها مجبرة على تبنيه، آملة بذلك أن تمتص الغضب الشعبي، بما يمنحها الحيز الزمني الكافي، في مرحلة موالية، للتعامل مع المحتجين على طريقتها وفي غياهب السجون، حيث يمكنها من إطلاق العنان لممارساتها التعذيبية والإعدامات دون خشية إدانة دولية.
التصعيد خارجياً :
سيناريو يفرض نفسه بقوة في السياق الحالي، وفي وقت تتوجه فيه أنظار العالم بأسره إلى إيران فنظام الملالي الخبير في التعامل مع مثل هذه الأحداث، لن يتأخر، في حال أدرك أن جميع خياراته لم تجد نفعاً في احتواء الاحتجاجات في أن يتجه نحو التصعيد في جبهة من جبهات الصراع الخارجي التي تشارك فيها إيران.
خطوة ستتجه إليها الحكومة الإيرانية بعد أن تنتهي من مسألة تحويل الاحتجاجات من مطلب شعبي عفوي إلى مؤامرة خارجية تحاك ضد أمن البلاد، بما يجرد تلك الاحتجاجات من إمكانية الاستمرار، لأن تواصلها سيدرجه النظام في خانة دعم المؤامرات الخارجية لزعزعة السلام الداخلي،وبتحريك إحدى الجبهات التي تشارك فيها أو تقودها خارجيا، سواء في سوريا أو في اليمن، أو حتى اختلاق جبهة نزاع ثالثة في إحدى دول الجوار، فإن نظام الملالي سيصدر مشكلات الداخل إلى الخارج، تماما كما سيوجه الاهتمام العالمي إلى بؤرة توتر أكبر، وبهذا يربح حيزا زمنيا كافيا لتصفية حساباته مع المحتجين، والإيهام بتراجع حدة الاحتقان الداخلي.
بدوره قال أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران، قاسم شعلة سعدي، إنه مع الاحتجاجات الأخيرة، ذهب الإيرانيون إلى ما وراء حدود الإصلاح، ولم يعد من الممكن تحقيق طلباتهم في إطار الأجندة السياسية الإصلاحية.
وأوضح سعدي أن تظاهرات هذه المرة لا تستخدم شعار “يا حسين، مير حسين”، وهو الشعار الذي يتضمن دلالات دينية وهتف به مؤيدو مير حسين موسوي، المرشح الإصلاحي في انتخابات الرئاسة عام 2009، مشيراً إلى أنه يعتقد أن الإيرانيين ذهبوا إلى ما وراء ذلك، وطلباتهم الآن متسقة وذات نطاق واسع.
وأشار سعدي إلى أن الحكومة ليس لديها طرق فعالة لقمع المواطنين، وحتى ولو أمكنها ذلك، فإن القمع لن يحل المشكلة.
وقال أستاذ القانون الدولي إنه كتب خطاباً إلى خامنئي توقع فيه أحداثاً مشابهة، وأشار فيه إلى انهيار الاتحاد السوفيتي كمثال.
وأوضح أنه يقال إن إيران بها انتخابات، لكن الناس ليس لديهم حق في انتخاب من يريدونهم، لكن يجب عليهم التصويت لأشخاص اختارهم أناس مثل جنتي في مجلس صيانة الدستور، لافتاً إلى المدينة التي يعيش بها 80 مليوناً يجب عليهم التصويت لاختيارات اتخذها جنتي أو قلة آخرون.
عقوبات :
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، ، فرض عقوبات على 5 هيئات إيرانية في إطار قانون العقوبات، وذلك عقب أسبوع من الاحتجاجات الشعبية ضد فساد نظام الملالي.
وجاء في بيان صادر عن الوزارة أن 5 شركات صناعية، هي فروع لمجموعة الشهيد باقري الصناعية التي سبق وأن وضعت على اللائحة السوداء الأمريكية، قد وضعت أيضا على هذه اللائحة، الأمر الذي يجمد كل أصولها في الولايات المتحدة، ويمنع أي تعامل تجاري معها، كما يمنع دخولها إلى النظام المالي الأمريكي.
وتابع البيان أن “الولايات المتحدة ستواصل مواجهة النوايا الخبيثة للنظام الإيراني عبر إضافة عقوبات تستهدف الخروقات لحقوق الإنسان”.
وقال وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوتشين إن “هذه العقوبات تستهدف كيانات أساسية متورطة في برامج الصواريخ الباليستية التي تعطيها إيران أولوية على حساب البحبوحة الاقتصادية للشعب”.
روحاني في عين العاصفة :
وضعت التظاهرات ضد فساد نظام الملالي في إيران الرئيس حسن روحاني أمام تحديات صعبة، بعدما حمَّله الكثيرون المسؤولية عن الوضع الحالي، بسبب فشله في الوفاء بوعوده لإحياء الاقتصاد، في الوقت الذي خرج فيه للدفاع عن نفسه، ما دعي للسؤال حول المصير الذي ينتظره الأيام المقبلة.
وبعد تسجيل أعمال عنف خلال التظاهرات الأخيرة، وحدت القيادة الإيرانية صفوفها، وصوبت نحو أعداء الخارج والمجموعات “الإرهابية” في المنفى، محمِّلة إياها مسؤولية ما يحصل.
لكن جميع أطياف الساحة السياسية يقرون بأن الاستياء العميق الناتج عن البطالة وغلاء المعيشة والفساد تحول إلى قنبلة موقوتة في إيران.
والانتقادات التي وجهت إلى الرئيس الإيراني، تركزت على تخليه عن الفقراء مع محاولته زيادة أسعار المحروقات في ميزانيته الأخيرة التي أعلنت قبل أسابيع من بدء التظاهرات.
وفي خطاب الميزانية، أكد روحاني الحاجة إلى زيادة الأسعار للتصدي للبطالة، لكن المرجح أن يرفض مجلس الشورى الإجراءات الأكثر إثارة للجدل، كي يظهر أنه يستمع إلى غضب الشارع.
وقال نائب رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية ناصر لاركاني، إن “السكان لم يعودوا قادرين على تحمل زيادة في أسعار الوقود. من الخطأ إقرار هذه الزيادة مع مواجهة السكان مجموعة واسعة من المشاكل اليومية الاقتصادية”.
وبرز هذا الأسبوع فيديو سرعان ما انتشر بشكل هائل وبدا فيه أفراد من سكان طهران ينتقدون سياسات الحكومة. وقال رجل في الأربعينات “هل اشترى روحاني البيض أو اللحم بنفسه في أي وقت؟”.وأضاف رجل أكبر سناً “أنا أحتج على ما يحصل من سرقات واستيلاء على المال العام. من يقف وراء ذلك؟. إنهم الذين يقيمون في القصور ولديهم أثرياء في حكومتهم”.
وتشير تظاهرات هذا الأسبوع إلى شعور الكثير من الإيرانيين بالسأم من انتظار تجسد نتائج الاتفاق، فيما ما زالت البطالة فوق 12% إجمالاً .
وقالت المعلمة البالغة 35 عاماً في طهران ساريتا محمدي لوكالة “فرانس برس” إن “الناس لم يعد يسعهم التحمل، خصوصاً الشباب. لا يمكنهم شراء منزل أو مواصلة تعليمهم. لم يعودوا قادرين على الاستمرار في هذا الوضع”.
مندوبة أمريكا بمجلس الأمن:التظاهرات تلقائية
وعقد مجلس الأمن الدولي الجمعة اجتماعاً حول الاحتجاجات الدامية في إيران، بناء على طلب الولايات المتحدة وسبق الاجتماع الرسمي مشاورات مغلقة طلبتها روسيا لكن مندوب موسكو لم يحاول في نهاية المطاف منع عقد الجلسة الرسمية.
وقالت المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن في بيانها أمام المجلس إن الشعب الإيراني انتفض في عشرات المناطق ضد قمع السلطات وأن التظاهرات في إيران تلقائية من دون تدخل خارجي.
وأكدت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن الدولى نيكى هايلى بأن أميركا تقف مع الباحثين عن الحرية والرخاء والكرامة في إيران مشيراً إلى أن النظام يحرم شعبه من حقوق الإنسان الأساسية. وقالت هايلي إن الشعب الإيراني يطالب حكومته بوقف دعم الإرهاب بالمليارات ويمول الميليشيات في العراق واليمن كما ينفق 6 مليارات سنويا على الأقل لدعم الأسد في الخفاء والعلن ويتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، يفعلون ذلك من دون أي خجل”.
كما خاطب المجلس مندوب الكويت في مجلس الأمن منصور العتيبي داعيا إيران إلى ضرورة احترام حقوق المتظاهرين واحترام التعبير السلمي. كما دعا المندوب البريطاني في مجلس الأمن إيران إلى وقف العنف وأن تلتزم الحكومة الإيرانية بتعهداتها بشأن حقوق الإنسان وقال إن نقل الأسلحة للحوثيين مخالف للقرارات الدولية بينما دعت فرنسا إلى ضبط النفس واحترام الحريات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *