محليات

المملكة ولبنان .. علاقات تاريخية ومواقف ثابتة

جدة ــ البلاد

منذ عهد الملك المؤسس وصولاً الى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حافظت المملكة على علاقتها الاخوية مع دولة لبنان، وطوال تاريخ تلك العلاقة الممتد لم تعرف أية شائبة، إلا أن تنامي النفوذ الإيراني متمثلا في “حزب الله” ومواقفه المعادية للصف العربي هدد أحيانا صفو تلك العلاقات الراسخة. ولعل تلك العلاقات القوية والتاريخية ما حذا برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، السبت 4 نوفمبر، إلى إعلان استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية من قلب العاصمة السعودية.

فثمة روابط تاريخية حفظها التاريخ ومؤرخيه لتلك العلاقة التي أرسى دعائمها الرئيس كميل شمعون أول الرؤساء اللبنانيين الذين زار المملكة بعد تسلمه سدة الحكم عام ١٩٥٢ على رأس وفد رسمي رفيع. وبحسب المؤرخين، فقد سرّ الرئيس اللبناني والوفد المرافق بلقاء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله. وبمبادرة سعودية، انعقد مؤتمر قمة سداسية في الرياض، خلال الفترة من 16 إلى 18 أكتوبر 1976، بهدف إيقاف القتال في لبنان بين اللبنانيين، وبين بعض اللبنانيين والفلسطينيين.

وتوصلت القمة إلى وقف النار في كل الأراضي اللبنانية، وتشكيل قوات ردع عربية في حدود 30 ألف فرد، تعمل داخل لبنان تحت إمرة رئيس الجمهورية لفرض الالتزام بوقف النار وإنهاء الاقتتال.

ومر لبنان قبل اتفاق الطائف بحرب أهلية استمرت 15 عاما، برغم محاولات متكررة لبنانية وعربية لإسكات صوت المدافع، باءت كلها بالفشل.

وفي اجتماع استثنائي لمجلس النواب اللبناني بمدينة الطائف خلال الفترة من 30 سبتمبر إلى 22 أكتوبر 1989، تم إقرار وثيقة الوفاق الوطني اللبناني المعروفة باسم «اتفاق الطائف»، التي أكدت هوية لبنان العربية وجاءت بعدد من الإصلاحات في النظام السياسي اللبناني، وصُدِّق الاتفاق في جلسة مجلس النواب اللبناني بتاريخ 5 نوفمبر 1989، وهو الذي أصبح لاحقاً دستورا جديدًا للجمهورية اللبنانية في 21 سبتمبر 1990.

ولم يقف الدعم السعودي عند البعد السياسي، بل تعداه إلى الجانب الاقتصادي، إذ قدمت المملكة للبنان أكثر من 12 مليار دولار، منحا ومساعدات وقروضا ميسرة، إضافة إلى الكثير من المعونات العسكرية والتنموية.

وما من أزمة مر بها لبنان، إلا وكانت المملكة بجانبه، تضع كل إمكاناتها لمساعدته لإيجاد مخارج لأزماته.

وتأتي المملكة في مقدمة الدول العربية من حيث حجم التبادل التجاري مع لبنان بمبلغ 736 مليون دولار خلال 2015، وتحتل المركز الأول في استقبال الصادرات اللبنانية، إذ بلغ ما تم تصديره إليها في العام نفسه 357 مليون دولار، في حين استوردت لبنان من السعودية بما قيمته 380 مليون دولار.

وتعبيرا عن موقف لبنان من المملكة إزاء تلك الجهود السعودية تجاه شقيقتها، علق تمام سَلّام، رئيس الوزراء اللبناني، في فبراير 2016 ، بأن لبنان لا يستطيع تحمل “زعل” الرياض، قائلا “لم يكن لبنان تاريخياً خارج الإجماع العربي، وحصول تقصير أو هفوة ما، لا يعني أن ما حصل هو الأصل”.

وفى السياق وزير الدولة لشؤون الخليج، أكد ثامر السبهان أن لبنان لن يقبل أن يكون منصة لانطلاق الإرهاب إلى دول المنطقة والخليج، وأن هذا البلد بعد استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة، لن يكون أبدا كما كان قبلها،وقال السبهان في تغريدة له على تويتر: “لبنان بعد الاستقالة لن يكون أبدا كما كان قبلها، ولن يقبل أن يكون بأي حال منصة لتصدير الإرهاب إلى دولنا، وبأيدي قادته أن يكون دولة إرهاب أو سلام”.

يُذكر أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، كان قد أعلن، قبل يومين، استقالته من رئاسة الحكومة، في خطاب متلفز، هاجم فيه حزب الله وتدخلات إيران في لبنان والمنطقة العربية.

أكد رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة أن اتهام حزب الله للرئيس سعد الحريري بأن قراره بالاستقالة كان “بسبب ضغوط سعودية”، عار عن الصحة
واعتبر السنويرة، في مقابلة مع قناة “الحدث” أن هذا الاتهام محاولة من الحزب لصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية للاستقالة والمتعلقة بتدخل حزب الله بدول عربية ومحاولة زعزعة أمن المنطقة.

وأوضح أن موقف الحريري أتى بعد 11 شهرا من المعاناة مع حزب الله خلال فترة رئاسته للحكومة، معتبراً أن حزب الله هو المسؤول الوحيد عن تعطيل العمل الحكومي. وفي هذا السياق، اعتبر السنيورة أن “العودة إلى اتفاق الطائف والدستور باتت ملحة لاستعادة هيبة الدولة” في لبنان. وشدد السنيورة على أن “رسالة الحريري بالاستقالة قوية وغير عنيفة.. إنها رسالة قوية للتبصر وإعادة التوازن.. استقالة الحريري رسالة واضحة لتصويب البوصلة “، بينما “يحاول حزب الله حرف الانتباه عن محاولات السيطرة الإيرانية في لبنان والمنطقة”.

وذكر السنيورة أن إيران “عملت باستمرار لتهديد الاستقرار في المنطقة.. التصرفات الإيرانية باتت تشكل تهديدا علنيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *