جدة

العملة الورقية أم المعدنية؟

د. هاشم بن عبد الله النمر

هناك جدل كبير يدور حول نجاح فكرة إلغاء العملة الورقية واستبدالها بالعملة المعدنية. والكثير أيد بقاء العملة الورقية وعدم استبدالها بالمعدنية. وبطبيعة الحال فإن هذا التوجه غير مستغرب, لأن سمة المقاومة للأفكار الجديدة التقنية المنفية لطباع او عادات استمرت لعقود من الزمن هي من السمات البشرية الإنسانية.
وقد تم رفض أو تجاهل العديد من الاختراعات او الأفكار المهمة الحديثة في مختلف مجال العلوم لعقود من الزمن بسبب هذا السمة المقاومة في النفس البشرية. ولكن يتم أخيرا تقبل هذه الأفكار في حال أثبتت الكفاءة اللازمة للاستمرار والقبول. هناك شريحة من المجتمع تؤيد بقاء العملة الورقية بسبب استخدامها في أغلب مكائن الخدمات الذاتية للمشروبات الساخنة والباردة وغيرها. وغيرهم من يشير إلى سهولة حمل العملة الورقية والتنقل بها بعكس المعدنية. برائي فإن هذه الأسباب ليست مؤثرة اقتصاديا بما يكفي للإصرار على بقاء العملة الورقية, بينما يعتبر التوجه للتحويل إلى العملة المعدنية هو الأمثل. العملة المعدنية قد تحل مشاكل عديدة نواجهها حاليا وبالخصوص بعد تطبيق الضريبة المضافة بمقدار 5% على السلع، فأصبح من الصعب إيجاد ورق نقدي من الفئات الصغيرة كالهلل لصرف باقي المبلغ من المشتريات. هذا غير مواقف السيارات المدفوعة التي أصبحت منتشرة في اغلب شوارع المدن الكبيرة التي تعمل بالعملة المعدنية ولا تقبل الفئة الورقية القديمة أو المهترئة. ناهيك عن صعوبة التعامل مع الأوراق النقدية التي يزيد عمرها عن العام والتي تكثر فيها الاتساخات والتمزقات، وقد تجد الورق اللاصق قد أحاط بالعملة الورقية بصورة غير حضارية وذلك لترميمها ومحاولة أنعاشها من التشوهات وفي هذه الحالة يكون من الصعب التميز بين الورق الأصلي والمزيف مما أوقع الكثير من الافراد والمحلات التجارية بحرج وبعضهم قد تعرض للتساؤلات الأمنية بسبب امتلاكهم الغير متعمد لها. ناهيك عن الامراض التي من الممكن ان تنتقل بالعملة الورقية وذلك لسهوله احتضانها للعديد من أنواع البكتريا والفيروسات. اما من الناحية الاقتصادية فإن الريال المعدني أكثر استدامة من الورقي مما يعني وقف تكاليف إعادة إصدار الأوراق النقدية في أوقات قصيرة. واما من الناحية الإنسانية الاجتماعية فإن الأوراق المعدنية سيستفيد منها فئة ذوي الإعاقة البصرية وبصورة كبيرة لاسيما لوجود الحواف البارزة التي تساعدهم على معرفة مقدار العملة والتعامل معها بصورة سلسة وفعالة. في مجمل الموضوع فإن تفعيل العملة المعدنية سيكون لها أثار إيجابية على المجتمع بسبب المتغيرات السريعة في مجتمعنا لاسيما بان معظم الدول الكبرى قد استخدمت العملات المعدنية لعقود من الزمن وقد أثبتت فعاليتها ونجاحها لاسيما في التعاملات الاستهلاكية اليومية, ناهيك عن أن من أقدم العملات المعروفة في تاريخ البشرية هي عملة الدرهم اليوناني المعدني الذي يعود صكه لعام 700 قبل الميلاد. ختاما أتمنى ولتعزيز تداول واستخدام العملة المعدنية ولتقبل المستهلك لها, أن يهتم صانع القرار بصك مختلف الفئات النقدية المعدنية من الهلل إلى العشرة ريالات, حتى نضمن تداولها ذلك أن اغلب المشتريات اليومية تقع قيمتها الشرائية مابين الريال إلى العشرة ريالات. كما نأمل أن يتم إحلال العملة الورقية بالمعدنية تدريجيا حتى يتقبلها الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *