دولية

الدروع البشرية.. سلاح حزب الله لحماية منشآته

جدة ــ وكالات

حذر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى من أن حزب الله اللبناني يستخدم المدنيين دروعا بشرية لمنشآته العسكرية في لبنان، كاشفا أنه تم رصد عدد من تلك المواقع في قلب مناطق حضرية في بيروت، وهو ما يشير إلى نهج الحزب في توفير غطاء مدني لتلك المنشآت.

وكشف المعهد في دراسة مشتركة، لماثيو ليفيت مدير برنامج “ستاين” للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المعهد، وحنين غدار زميلة زائرة في زمالة “فريدمان” في معهد واشنطن، أن العديد من التقارير الاستخباراتية رصدت عدة مواقع عسكرية لمليشيات حزب الله في قلب المناطق الحضرية.

ورصد بناء مواقع لإنتاج الصواريخ في حي الأوزاعي في بيروت، وتفيد بعض التقارير أن الحزب بالتعاون مع إيران يعتزم تحويل الصواريخ العادية في هذه المنشآت السرية الواقعة في قلب منطقة حضرية، بالقرب من المساجد والمنازل والمدارس والمطار الدولي، إلى أسلحة دقيقة وأكثر إتقاناً.

وتابعت الدراسة، أن عدة تقارير استخباراتية أشارت إلى تلبس مليشيات حزب الله، باستخدام المدنيين اللبنانيين كدروع بشرية للأسلحة أو منشآت إنتاج الأسلحة، حيث رُصِد في يوليو 2017، أماكن في القرى الجنوبية تظهر أن الحزب قام ببناء مصنع للصواريخ ومخزن للأسلحة، وكانت إحدى البنايات تقع على بعد حوالي 110 أمتار من مسجدين، كما تم رصد تشييد الحزب لـ”شبكة من الأنفاق تحت الأرض في أسفل المنازل والمباني المدنية للسماح لمقاتليه بالتحرك بحرية بين المواقع”.

وأضافت الدراسة أن مليشيات حزب الله تقوم بالفعل ببناء مصنعين محليين جديدين للأسلحة في مناطق مأهولة؛ أحدهما بالقرب من البلدة الشمالية الهرمل ويهدف إلى إنتاج صواريخ “فاتح- 110” بعيدة المدى، وآخر بين مدينتي صيدا وصور الجنوبيتين الساحليتين لإنتاج ذخائر متعددة.

ونبهت الدراسة إلى أن المجتمع الدولي يعلم منذ حرب لبنان وإسرائيل عام 2006 أن الحزب أقام البنى التحتية العسكرية بالقرب من المدنيين، ففي قرية قانا الجنوبية، أنشأ الحزب مستودعا للأسلحة يقع مباشرة في شارع مقابل مسجد، كما تم رصد ثلاثين مجموعة من مقاتلي حزب الله تنفذ عملياتها من قرية عيتا الشعب، وتتمركز داخل المنازل المدنية.

وشددت الدراسة على أن الحزب يدرك تماما مدى خطورة هذا التكتيك على اللبنانيين، متهمة الحزب باستخدام مواقع مدنية حساسة عن قصد كمرافق عسكرية خلال حرب 2006، يعلم أنها ستتعرض للهجوم المقابل، كما لم يُخلِ المنازل أو ينصح سكانها المدنيين بالمغادرة، إذ كان يعتقد الحزب أن ذلك سيزيد من صعوبة العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان.

وأشارت الدراسة، إلى أن فضح نهج مليشيات حزب الله بإنشاء مواقع عسكرية في مناطق حضرية، سيعمل على تعميق الخلافات داخل قاعدة الحزب، ويجعل قادته يفكرون مرتين حول فكرة صنع الأسلحة داخل لبنان، في مناطقهم المأهولة، كما سيجعل الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من تلك المواقع -ومعظمهم من المدنيين الذين يدعمون حزب الله -أكثر قلقاً حول قصف هذه المنشآت في مرحلة ما؛ مما قد يدمر منازلهم ويقتل أحباءهم في المنطقة أثناء العمليات.

وتابعت الدراسة، أنه من غير المرجح أن تفعل الحكومة اللبنانية شيئاً حول إنتاج «حزب الله» للأسلحة المحلية، بل على العكس من ذلك، حيث أثبتت بيروت مرارا وتكرارا استعدادها لتغطية أنشطة الحزب، كما أن انتخابات مايو الماضية زادت من تأثير مليشيات “حزب الله” ونفوذ إيران على القرارات الأمنية والعسكرية للبلاد. ومن غير المحتمل أيضا أن تتصرف قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل” بهذا الشأن؛ نظرا لكونها بعثة مراقبة.

ومع ذلك، قد يتخذ الأشخاص الذين يعيشون فوق منشآت عسكرية تابعة لـ”حزب الله” وحولها بعض الإجراءات. فبعد حرب عام 2006، طالب بعض السكان في الجنوب بأن يزيل الحزب صواريخه من أراضيهم. ومن المرجح أن يقدّم الكثير من الجنوبيين -إلى جانب الذين يعيشون في ضواحي بيروت ووادي البقاع- مطالبات مماثلة إذا ما اعتقدوا أن «حزب الله» يخاطر بحياتهم وسط حرب بين إيران وإسرائيل تلوح في الأفق، لا ناقة للبنانيين فيها ولا جمل، وحتى إذا رفض الحزب هذه المطالب في نهاية المطاف، فسوف يُجبَر على الأقل على إدارة علاقة أكثر تعقيدا مع مناصريه الأساسيين. لذلك، يجب الكشف عن المزيد من هذه المواقع، لا سيما تلك الموجودة في المناطق المكتظة بالسكان.

وأشارت الدراسة إلى أن دعم إيران لعملية تطوير الصواريخ التي يقوم بها حزب الله يشكل انتهاكا مباشرا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أنهى حرب عام 2006، ونص على “عدم بيع أو توريد الأسلحة والعتاد ذات الصلة إلى لبنان باستثناء ما تأذن به حكومته”. وسيجد حزب الله صعوبة في استغلال ذلك الاستثناء؛ نظرا لأن واشنطن وأوروبا والدول العربية الرئيسية تعتبره منظمة إرهابية، كلياً أو جزئياً.

ودعت الدراسة مجلس الأمن والمجتمع الدولي النظر في تعزيز القرار 1701 وتطبيقه، سواء من خلال الحكومة اللبنانية أو تماشياً مع الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وتتمثّل الخطوة الجيدة الأولى في تكليف رقابة دولية على مطار بيروت، والتي يمكن أن تشمل مراقبة الرحلات الجوية وتفتيش البضائع لضمان عدم وصول أي أسلحة أو أجزاء ذات صلة إلى مليشيات حزب الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *