دولية

التغيير الناعم ..تحول سياسي في أزمات إفريقيا

عواصم – وكالات
اتسعت دائرة التغيير السلمي أو الناعم في القارة السمراء وعلى نحو مفاجئ وخلال أيام متقاربة في أكثر من دولة، فدون سابق إنذار تقدم رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريم ديسالين، الخميس، باستقالته من منصبيه في الحكومة والحزب الحاكم، لتضاف إلى قاموس التنحي الطوعي عن المناصب الخاص بالقارة السمراء، والذي أنهى حكم الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي، والجنوب أفريقي جاكوب زوما خلال وقت قريب من الآن.
ومع اختلاف حالات التنحي، بين الرؤساء الثلاثة، والتي تمت إكراها بالنسبة لزوما وموغابي، وطواعية -حتى الآن- في حالة رئيس الوزراء الإثيوبي التي يبت في قبولها من عدمه برلمان البلاد، إلا أن ثمة من يرى في هذه الاستقالات تحولا سياسيا منقطع النظير في تداول السلطة وعلاج الأزمات.فكيف يرى الخبراء والمراقبون تلك التحولات في علاج دول القارة لأزماتها الداخلية؟
الخبير في الشؤون الأفريقية د. حاج حمد يرى أن ما يحدث حاليا من تحولات تشي بأن القارة على موعد مع انتهاء عهد “الدموع والدم” في عملية الإصلاح والتغيير، ومقابلة مرحلة جديدة أبرز ملامحها اتباع السلوك الناعم والسلمي لتداول السلطة. كما أكد أن الدول الثلاثة التي استقال قادتها رغم اختلاف تجاربها، ستشكل نقطة انطلاقة لزعماء بلدان أخرى في القارة لاتباع أدب الاستقالة كوسيلة من وسائل التداول السلمي للسلطة، نسبة لأن آليات التغيير العنيفة أصبحت بلا سند، وتحظى دوما برفض الاتحاد الأفريقي.
وبدأت القارة السمراء، التي لاحقتها لعنة الحروب الأهلية والفقر والاقتتال على السلطة لعقود طويلة، بالتعافي من هذه القضية خلال الانتقال السلس للحكم بعدد من البلدان الأفريقية، ولعل آخرها ما حدث في ليبيريا، وما يُنتظر أن تشهده السنغال من عملية مماثلة.
* آليات الاستقالة:
الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي استقال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عقب 38 عاما بكرسي السلطة؛ وذلك نتيجة احتجاجات شعبية، دفعت حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الحاكم لإرغامه على التنحي.
كما اضطر الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما إلى الانصياع لرغبة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، ليدفع باستقالته إلى البرلمان، وذلك عقب اتهامات بالفساد ظلت تلاحقه.
فيما رجحت تقارير إعلامية أن تكون استقالة رئيس وزراء إثيوبيا هايلي ماريم ديسالين، التي بدت غريبة من نوعها وغير واضحة المعالم؛ بسبب الاحتجاجات في إقليم الأوروميو جنوبي البلاد التي بدأت منذ 2016 ضد ما تعتبره تهميشا سياسيا، وتجددت قبيل أيام مضت؛ للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين جرى توقيفهم قبل عامين.
وخلال تعليق مقتضب بوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، قال ديسالين إنه قرر الاستقالة من كلا الوظيفتين، ليكون جزءا من الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للوضع الحالي، وعلم بأن أوراق الاستقالة قُبلت من قبل حزبه، ولكن أوراق استقالته من رئاسة الوزراء سيتم تقديمها أمام مجلس النواب.
ولا تبدو عمليات التنحي لثلاثة زعماء أفارقة في أوقات متقاربة بالشيء الطبيعي بالنسبة لكثير من المراقبين، الذين أثاروا جملة تساؤلات بشأن المستقبل السياسي للقارة السمراء عقب هذه التحولات الفريدة من نوعها.
تداول سلمي:
وطبقا لبوابة العين يوضح د. حاج حمد إنه لا يوجد شبه بين البلدان الثلاثة من حيث نوع الحكم، ولكن جمعها أدب الاستقالة، موضحا أن تجربة جنوب أفريقيا ديمقراطية ناضجة، واستفادت من دروس الماضي التي لقنها السود للبيض ابان عمليات الفصل العنصري.
وفي حالة زيمبابوي فيحكمها الحزب الواحد ، ويحرس الجيش مؤسساتها المدنية دون أن يتدخل لتولي السلطة، أما بالنسبة لإثيوبيا فإن الانحراف الذي حدث لجبهة تحرير التغراي وخضوع البلاد واستسلامها لبرامج وتوصيات صندوق النقد الأجنبي بالتوسع في التنمية الرأسمالية، أخل بالتوازن المجتمعي وحرك الاحتجاجات بالبلاد.
اخيرا فإن اختلاف هذه التجارب يعزز الخيار السلمي لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والتداول السلمي يتقدم بقوة على حساب العنف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *