متابعات

التحرش الإلكتروني .. الأطفال ضحايا الغفلة

جدة – عبدالهادي المالكي

من الصعب في عصر الإبهار التقني للفضاء الإليكتروني حرمان الأطفال الذين باتوا يتمردون على ألعابهم التقليدية وتعلقوا مثل كبارهم بشاشات الكومبيوتر والأجهزة الذكية من خلال صور وألعاب قد تجرهم تباعا إلى دهاليز الخطر ومصائد التحرش الاليكتروني ويصبحون ضحاياه.

ففي السنوات الأخيرة برزت بشكل لافت ظاهرة «التحرش الإلكتروني» تقوم به ذئاب بشرية شريرة لاتسلم منها الطفولة البريئة ، ومرضى غابت عقولهم وعطبت نفوسهم واخلاقهم من أجل التسلية العبثية أو لتحقيق أغراضهم الخاصة في عالم الانحراف والجريمة.

وفي اطار جهود المواجهة والتوعية ، نظمت جمعية حماية الاسرة بجدة بالتعاون مع وزراة الصحة برنامج إعداد مدرب معتمد في كيفية حماية الاطفال من التحرش الجنسي ، وتتناول محاور البرنامج جوانب مهمة هي: أشكال التحرش الجنسي وأماكن وقوعة ، مراحل لعملية تحويل الطفل إلى ضحية جنسية ، الاطفال الاكثر عرضة للتحرش الجنسي ، صفات المعتدي والحيل التي يستخدمها للإيقاع بالضحية ، أعراض وأضرار التحرش الجنسي ، الدلائل السلوكية للاعتداء ، الآثار النفسية الجسدية والعاطفية والاجتماعية للأطفال ، الآثار ألاجتماعية والاقتصادية لوقوع الإساءة ، التعامل الصحيح مع صدمة اكتشاف التحرش ، الطرق الوقائية لحماية الطفل ، المقابلة الإرشادية وأهداف المقابلة وانواعها ، عوامل نجاح المقابلة وخطوات إجرائها وإنهاء المقابلة .

دورات متخصصة
ضمن البرنامج قدمت الأستاذة فخرية السيد شبر ، أخصائية اجتماعية ومرشدة أسرية ومدربة معتمدة من وزارة العمل البحرينية وكلية كامبردج وكنجستون ، دورة استهدفت خلالها معلمين ومعلمات الروضات والمدارس والتربويين والمختصين والمرشدين الاجتماعيين والمدربين والمتطوعين والمهتمين.

من جهتها قالت الدكتورة فاطمة العقيل استشاري أطفال عناية مركزة ورئيسة لجنة الحماية بمديرية الشؤون الصحية بجدة ورئيسة مجلس إدارة جمعية حماية الاسرة: في هذه الدورة نقوم باعداد مدربين لكي يدربون الأطفال والوالدين على كيفية الحماية من التحرش الاليكتروني الذي اصبح ظاهرة وكثرت طرقه وتعددت اماكنه لذلك وجب علينا توعية الطفل كيف يحمي نفسه وكيف الوالدين يحموا أطفالهم من عمليات التحرش الالكتروني.

مفاتيح وجسور الثقة
وتضيف: كما نعلم اننا لا نستطيع ان نحرم أطفالنا من الأجهزة الالكترونية لأننا نواكب عصر التكنولوجيا فليس من المعقول ان يكون زملائه في المدرسة لديهم أجهزة وهو لا.

فمن هنا يأتي دور الاسرة في الرقابة حيث على الام والأب مراقبة الطفل بطريقة غير مباشرة حتى لا يشعر بذلك ويجب ان يحمي طفله وذلك ببعض الارشادات فمثلا يقول له اذا دخل عليك في اللعبة شخص غريب تقوم بخطره وكذلك صورة اباحية كما ينبغي عليه ان يبلغ والديه في حال وجود ذلك سواء كان الطفل بنت او ولد.

مؤكدة على مسؤولية الوالدين في بناء الثقة ما بينهم وبين ابنائهم حتى في حالة تعرضهم لأي شيء مخالف عليهم ابإبلاغ والديهم أو أحدهما.

كذلك في حالة كان يلعب الطفل يجب ان يعرف ولده مع من يلعب وكيف تربيته وكيف اخلاق اسرته.

وعن مسؤولية الأسرة تقول: هنا اقدم نصائح أو ملاحظات للوالدين منها : في حال وقت فراغك اعرض على ابنك او ابنتك باللعب معه ، كذلك يجب ان يكون الرقم السري لأجهزة الأبناء متاحا ومعروفا للوالدين ليس من اجل المراقبة بل من اجل اللعب مع بعض. أيضا مشاركتهم في رياضة يحبونها او لعبة يتم كسر حاجز الخوف ما بين الوالدين واطفالهم لانهم اذا ما وثقوا في والديهم سوف يبحثون عنها خارج المنزل.

كذلك يجب تشبيع الطفل عاطفياً وان لا يوصل الى حد التدليل لان ديننا دين الوسطية لا افراط ولا تفريط فلا اشد عليه ولا اترك له الحبل على الغارب. وعندما يشاهد الاب ابنه يلعب يذهب له ويقول له مع مين تلعب وممكن اتعلمها لكي نلعب مع بعض. أيضا اذا دخل على مقاطع الفيديو أقول له اريد ان اشاهد معك الفيديو وهكذا وان تكون بطريقة بعيدة على المراقبة.

وبهذه الطريقة اشاركه وفي نفس الوقت اعرف ماذا يلعب وماذا يشاهد كذلك التحرش خارج المنزل سواء كان باللمس او التقبيل يجب توعيته بان لا احد يقترب منه او احد يعرض عليه مشاهدة صورة مخلة بالاداب او فيديو فعليه ان يرفض ذلك ويجب تنبيه الطفل انه في حال تعرضه للتحرش سواء كان داخل البيت او خارجه ان يقوم بإبلاغ والديه.

ارقام عالمية
التحرش الإلكتروني.. ظاهرة عالمية يخطئ من يظن أنها تخص الغرب وحسب، فالإنترنت كما هو في كل مكان واستخداماته واحدة، الإيجابية منها والسلبية. وإذا كانت بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة قد أدركت مدى خطورة هذه الظاهرة، فإن القوانين وحدها أثبتت فشلها الذريع في انحصار مثل هذا السلوك الإلكتروني. ولا يزال نحو 30 بالمائة من الطلبة الأميركيين يعانون التحرش بهم إلكترونياً، برغم القوانين الحادة التي تؤكد عدم قانونية مثل ذلك الفعل.

تصدع وابتزاز
يرى الخبراء أن الأطفال والفتيات هم أكثر الفئات عرضة لهذه الجريمة، حيث يصل الأذى بهم إلى الابتزاز والتهديد، بعد أن يصل المجرم إلى بيانات وصور الضحية أو «التهكير» على جهازه، كما أن هناك مواقع قد تكشف بعض خصوصيات الفتيات، وهو ما يوقعهن في مصيدة «عناكب» الإنترنت.

وفي مواقع الإنترنت، توضع صور ومعلومات لابتزاز الفتيات، للحصول على المال أو تسهيل صداقة أو تعارف، وفي هذا الإطار يقوم بعض ضعاف النفوس الولعين والمهووسين بالترويج لمواقع أسسوها لغرض جمع المال من الأعضاء. ويؤكد علماء الطب النفسي والاجتماع أن البيوت المتصدعة التي يهرب فيها الآباء من أبنائهم أو تنقطع صلتهم بهم، تدفع الفتيات والأطفال، وربما الآباء أيضاً، إلى البحث عن الدفء العاطفي المفقود، والذي قد يبدأ بعلاقة «بريئة»، وينتهي بمآسٍ وقصص محزنة حول علاقات جنسية مشوهة تدفع المتزوجين إلى الصدود عن زوجاتهم، والشباب إلى الصدود عن الزواج نفسه!.

ضوابط وتوصيات
وكان عام 2010 قد شهد في واشنطن، عقد مؤتمر عالمي لمنع التحرش الإلكتروني، وفيه تم طرح سؤال مهم جداً «إذا كانت القوانين غير قادرة على منع التحرش الإلكتروني، فما الذي يتوجب فعله إذن؟ وبناءً على هذا السؤال، توصل المؤتمرون إلي ضرورة وضع ضوابط خاصة في كل مدرسة لمنع التحرش الإلكتروني بالطلبة، حتى في ظل وجود القوانين.

ويرى الخبراء أن المسألة ليست فقط في المنع، بل في إستراتيجية المدارس ذاتها. وبدلاً من اتباع أسلوب النهي عن استخدام الانترنت ، ناشد المؤتمر المدارس بضرورة وضع برامج تحفيزية للتوعية ، بحيث يتم التركيز على شخصيات الطلبة، وأهمية إيجاد مجتمع متحاب داخل الفصل المدرسي، وبدلاً من أن تقف المدرسة في موقع المشاهد أو حتى المطبق للقوانين بصورة سلبية، عليها تفعيل برامج خاصة بها لتجنب التحرش.

وقد خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات لعلها تفيد كنقطة انطلاق من أجل إستراتيجية مدرسية أكثر وعياً وإدراكاً بحجم المخاطر النفسية لهذه الظاهرة:

– التركيز على المحيط الاجتماعي في مدرستكم، وتأكدوا أن جميع المعنيين بهذه الظاهرة لديهم الإدراك الكافي بها وبخطورتها، سواء كانوا معلمين أو طلبة أو أولياء أمور وحتى عمال التنظيف والصيانة، لأنهم يحتكون بالطلبة أيضاً.
– تقييم مدى تفشي الظاهرة في مدارسكم، ولا تستمعوا لأولياء الأمور وحسب، فهناك الكثير من المعاناة مما قد يخفيها الطلبة. لا تسألوهم أسئلة مباشرة، بل وزعوا عليهم استبيانات دون أسماء.

– تعيين مسؤول أو أخصائي دائم لمتابعة حالات التحرش الإلكتروني.

– تكوين مجموعة عمل دائمة ضد التحرش الإلكتروني مكونة من أحد مسؤولي إدارة المدرسة ومعلم من كل صف وأحد العاملين من غير هيئة التدريس وأخصائي نفسي (مستشار طلابي).

تدريب معلمي المدرسة وجميع موظفيها على كيفية منع التحرش وكيفية التصرف في مثل هذه الحالات.
التأكد من وضع ضوابط محددة لمنع هذه الظاهرة داخل مدارسكم، ضوابط تمزج بين الترغيب والترهيب بصورة مبسطة وواضحة للطلبة.

تحديد مواقع للتحرش الإلكتروني، وهي معامل الكمبيوتر أو أي مكان يتاح فيه الدخول على الإنترنت.
التأكد من التدخل في الوقت المناسب، بحيث لا يتم ترهيب الطلبة من استخدام التكنولوجيا مع وجود متابعة مستمرة في آن واحد.

أخيرا تحدثوا إلى طلبتكم: ليس فقط عن الأخطار والمساوئ الخاصة بالتحرش الإلكتروني، بل عن أهمية التحدث عما قد يلم بهم من ضرر نفسي إذا حدث ذلك لاسمح الله ، وضرورة دمج التوعية في مناهج الحاسوب أو التكنولوجيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *