ملامح صبح

التجديد والمجددون في النص الشعبي

رؤية : سليمان الفايز

الحديث عن التجديد في النص الشعبي وعن رواد التجديد يقودنا حقيقة إلى البناء المعماري للنص الشعبي التقليدي القديم.النص الشعبي او النبطي كان له بناء ونسج تقليدي شبيه بقصيدة السماع الجاهلية وشبيه ايضا بالظروف التي نشأت فيها القصيدة التقليدية الجاهلية في بنائها المعماري فتجد ان القصيدة الشعبية تبدأ في بناء معماري تقليدي وبناء ايضا معنوي يركز على القيم ويركز على الحكم وأن اتى فيه شيء من الغزل،طبعا هناك مجموعة من الشعراء تمردوا على هذا النهج مثل،ابن لعبون مثل،حميدان الشويعر و مثل بعض الاسماء الذين قل ماكتبوا على هذا النهج وهذا التقليد لكن هذا التقليد استمر كتقليد موروث الي وقت قريب ولا زال حتى في عصرنا الحاضر هناك من يكتب على ذلك البناء التقليدي للقصيدة الشعبية القديمة.وفي سياق التجديد نتحدث عن بعض التجارب التي كانت إرهاصات ومقدمات للتجديد ،عندنا راشد بن كليب مثلا، راشد بن جعيثن كشاعر معاصر كان له الحقيقة محاولات في بناء نص شعبي مختلف تماما عن النص التقليدي وكان ابرز مايميز نصوص راشد بن جعيثن الوحدة الانطباعية والوحدة الموضوعية الى حد كبير.كان هناك ايضا في هذه المرحلة وبعد هذه المرحلة شعراء اقرب مايكونون الى المدرسة الانطباعية او المدرسة الرومانسية فى القصيدة الشعبية حيث بدأ التركيز على الجانب الغزلي،الجانب الرومانسي ،الهجر ولوعة الفراق والشوق للمحبوب مواضيع كانت تطرق في قصيدة جماعة(ابلو) المجددين في القصيدة الشعبية .لاشك ان هذا كان من تأثر هؤلاء الشعراء بقراءاتهم واطلاعهم على تجارب شعراء المهجر وعلى المدارس الشعرية فى الوطن العربي .لكن التجديد بمعناه الاصطلاحي والمفهومي لهذه الكلمة نشأ على يد بدر بن عبدالمحسن.بدر كان فاتحاً في هذا المجال بدر يكتب في عام 1972م:(كتبت اسمك على صوتي) وهي قصيدة متمرده على البناء المعرفي والبناء الهيكلي والبناء المعنوي للنص الشعبي كانت اقرب ما تكون الى قصائد نازك الملائكة وصلاح عبدالصبور وبدر شاكر السياب وغيرهم من شعراء التجديد فى الوطن العربي بنكهة شعبية مختلفة وبتمكن موسيقي عالٍ جدا . هذه التجربة تركت عند الشعراء في المملكة العربية السعودية وفى الخليج تركت نسقاً ونموذجاً بدأ يحاكيه العديد من الشعراء الذين اتو بعد بدر بن عبدالمحسن.على امتداد الوطن العربي كان هناك شعراء لهم محاولات في مصر عندنا شعراء قامات وهامات لا تحضرني اسماء الان لهم لكن كان هناك نهج وسياق موازي لما يحدث فى القصيدة الفصيحه.على مستوى السعودية والخليج كان هناك طرح في بداية 1982م الى 88 تقريبا والملاحق الادبية التي كانت تصدر. وكان ينظّر لهذا الموضوع قامات كبار الدكتور عابد خزندار،الدكتور سعيد السريحي ،الدكتور الغذامي، البازعي.كانت هذه القراءات التي كان يتابعها الشاعر الشعبي تترك اثرا بارزا في نصوص هولاء الشعراء وفي محاولاتهم.حيث بدأ التجديد عند مجموعة من الشعراء اذكر منهم: فهد عافت، الحميدي الثقفي وابراهيم السمحان وغيرهم كثير وان كان يوازيهم في هذه المرحلة شعراء المدرسة الرومنسية ، مساعد الرشيدي ، عناد المطيري، ماجد الشاوي وغيرهم لكن التجديد الحقيقي ومحاولات التجديد برزت عند اولئك الشعراء:،ابراهيم السمحان، الحميدي الثقفي عواض العصيمي فهد عافت .. وغيرهم كثير ممن خاضوا غمار التجربة واشعلوا فتيلها مثل مشرف الشهري وسعد الجحدلي ومحمد النفيعي ومحمد الزهراني وغيرهم و اختلط في هذه المرحلة مجموعة من الشعراء الذين ركبوا هذه الموجة وظنوا ان التجديد هو فى التعمية والبناء المطمس او البناء المعمى وكانت تجارب انتهت في وقتها لتستمر هذه الموجة ما بين مؤيد ومعارض واحتفت بها صفحات ، صفحات المنطقة الوسطى لم تكن ترحب بهذه التجربة وتحديدا جريدة الرياض وجريدة الجزيرة ومجلة اليمامة بينما فتحت صحف الخليج، السياسة والقبس والمجلات التي نشأة بعدها وايضا صحف الغربية كان لها دور كبير، عبدالله زهير الشمراني فى البلاد النبطية وكذلك احمد الناصر في حقول السنابل في مجلة اقرأ وكذلك سعد زهير الشمراني في جريدة الرياضية الذي فتح الموضوع على مصراعيه وكان منبرا لنشر الكثير من النصوص والتجارب التي اظهرت لنا مجموعة من الشعراء المميزين .هذه باختصار تجربة التجديد ثم انحسرت هذه التجربة بسبب بعض التوجهات الايدلوجية التي نشأة في عام 89م واصبح النص الشعبي اما حداثي او اسلامي وهذا اثر على انحسار النص وحد من الافياء التي كان الشعراء الشباب يتحركون فيها الى ان اصبحت التجربة تطل برأسها احيانا على استحياء واستمر الشعراء لكن ليس بقوة الموجة التي كانت من 82 الى88اوتقريبا89 الى ان اتت مرحلة الان هي مرحلة انفلات النص من هيمنة المحرر او من هيمنة الرقابة فاصبح النص متحرراً من القيود وبات شعراء الجديد السابقين يطرحون لكن منهم من تنامت تجربته ومنهم من انتكست ومنهم من تغيرت ويبقى هناك نماذج من الشعراء الشباب الذين طرقوا افياء او ارهاصات جديدة ربما تمهد لجيل جديد من الشعر القادم وبقوة فى النص الشعبي امثال: عاطف الحربي كنموذج.وتبقى قضية التجديد قضية أزلية في الشعر عموما منذ أن قال أبو نواس:

قل لمن يبكي على رسم درس
واقفاً،ماضر لو كان جلس!!؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *