دولية

الاتحاد الأوروبي : الاتفاق النووي “ليس مثاليا”.. تجدد الاحتجاجات جنوب طهران .. ونجاد: مصيرنا الخراب إذا استمر الظلم

طهران ــ وكالات

قتل شخصان وأصيب ستة آخرون بنيران قوات الأمن الإيرانية، إثر مواجهات اندلعت في مدينة كازرون، جنوبي البلاد.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن قوات الأمن أطلقت النار مباشرة نحو المحتجين الذين أضرموا النيران أمام مركز للشرطة، ما أسفر عن مقتل شخصين اثنين، وإصابة 6 آخرين.
وردد المشاركون في المظاهرة التي خرجت للتنديد بتخطيط السلطات لتقسيم المدينة، هتافات مناهضة للنظام الإيراني، وأخرى تطالب بدعم المواطنين للمظاهرات في مدينة كازرون وإطلاق السلطات سراح المعتقلين.

ونقلت وسائل إعلام عن ناشطين حقوقيين أن قوات الأمن قتلت أبناء مدينة كازرون في أول ليلة من شهر رمضان المبارك، كما أنها اعتقلت أكثر من 200 شخص آخرين.
وكانت نحو 100 مدينة إيرانية شهدت سلسلة احتجاجات شعبية واسعة استمرت قرابة أسبوعين بدأت في مطلع يناير ، ضد الحكومة، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، لكنها سرعان ما تحولت إلى رفع شعارات سياسية تطالب بـ”رحيل النظام”.

وقمعت قوات الأمن هذه الاحتجاجات السلمية وسط تنديد دولي بالنظام الإيراني، حيث قُتل عشرات المحتجين، فيما اعتقل الآلاف منهم.
فيما انتقد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، المرشد الإيراني علي خامنئي بشدة، بسبب ما يتعرض له مساعده السابق المسجون حميد بقائي، محذرا النظام الإيراني من أنه سيواجه “أحداثا مؤلمة” وأن ” الظلم سيقتلع جذور النظام”.

وقال نجاد، في كلمة مسجلة له، إنه يعرف أشياء “لا يمكنه البوح بها حفاظاً على مصلحة إيران”، مضيفاً: “لكنهم يدفعون الأمور في البلاد نحو أحداث مؤلمة”، على حد تعبيره.
وأضاف: “قبل كل شيء إنهم (أي المسؤولين في السلطة) سيتعرضون لذلك (للأحداث الأليمة)، وفي النهاية لا يمكن للظلم أن يستديم، لماذا لا يريدون أن يفهموا ذلك؟ إن الظلم يقتلع جذور النظام والبلاد”.

وكان نجاد قد صعّد انتقاده ضد قادة النظام، متهما إياه بعدم الكفاءة، وأنه مسؤول عن تأجيج الغضب واندلاع المظاهرات في ديسمبر الماضي.
وكان نظام الملالي سجن حميد بقائي، نائب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي، في حلقة جديدة من تصفية رموز المعارضة في إيران، ودليل على تآكل النظام الإيراني.
وكان حميد بقائي البالغ من العمر 48 عاما، نائبا للرئيس المحافظ أحمدي نجاد، الذي تولى الرئاسة لولايتين بين العامين 2005 و2013، ومديرا لمكتبه خلال ولايته الثانية، وبينهما علاقات وثيقة.
ويبدو ان سهام الانقسام اخذت في تمزيق نظام الملالي وتعمق الهوة بين المحافظين المتشددين ممن انقضوا على رئيس البلاد، حسن روحاني، عقب القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي، معتبرين أن ما حدث نتيجة بديهية لـ”سذاجة” رئيسهم.

وغداة إعلان الانسحاب، لم تمهل الصحافة الإيرانية المحسوبة على شق المحافظين بقيادة المرشد الأعلى، علي خامنئي، الإصلاحيين كثيرا، وسددت نحوهم سهام الانتقادات، مطالبة بانسحاب فوري من الاتفاق.
المحافظون الذين لطالما عارضوا الاتفاق، واعتبروا أن الانخراط فيه “سذاجة” من روحاني الذي وثق بالغرب، نزلوا بثقلهم، مستثمرين فرصة “ذهبية” بالنسبة لهم، لإظهار أخطاء الإصلاحيين أمام الرأي العام المحلي.

ورغم أن الاتفاق رفع عن طهران جزءا من العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وأخرجها من عزلتها، فإن المحافظين لم يتمكنوا أبدا من تقبل فكرة الوثوق بالغرب، وبانسحاب ترامب، بدا لهم صدق توقعاتهم، لينهالوا على الإصلاحيين بالنقد.
الموقف الأكثر شراسة جاء، الإثنين الماضي، من مجلس خبراء القيادة الإيرانية، وهي الهيئة الأساسية في نظام البلاد، التي عهد إليها الدستور مهمة تعيين وعزل المرشد الأعلى.
المجلس أصدر بيانا شديد اللهجة، قال فيه: “على الرئيس أن يعتذر من الشعب الإيراني من أجل الأضرار الناجمة عن الاتفاق، ولأنه لم يحترم الخطوط الحمراء المرسومة من قِبل المرشد الأعلى”.

الصورة المغلوطة التي يروجها النظام الإيراني عن الاتفاق النووي، فضحها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ليتبين أن خامنئي الذي لطالما انتقد الاتفاق هو نفسه من أعطى الضوء الأخضر للمفاوضات بشأنه مع واشنطن.
وحمل أحمدي نجاد خامنئي مسؤولية فشل الاتفاق النووي، في بيان تحليلي نشر على قناته الرسمية في “تليجرام”.

كما كشف عن اجتماع سري حضره مع خامنئي أثناء رئاسته، حول دخول إيران في المفاوضات النووية مع أمريكا في سلطنة عمان.
وأشار الرئيس الأسبق إلى أنه “كان رافضا في تلك المرحلة دخول إيران في المفاوضات مع واشنطن”.
وألمح نجاد إلى أن “المرشد الإيراني خامنئي هو من أمر شخصيا بالتفاوض مع واشنطن في مسقط”.

وعلاوة على ما تقدّم، كشفت بعض التقارير والتصريحات الإيرانية في وقت سابق، أن إيران دخلت في المفاوضات النووية مع واشنطن بضوء أخضر من خامنئي، غير أن روحاني هو من قطف ثمار هذه المفاوضات من خلال صفقة الاتفاق النووي
ويقول منتقدو خامنئي في إيران إن الأخير خطط بشكل دقيق، ليتم الاتفاق النووي خلال فترة رئاسة روحاني المحسوب على الإصلاحيين، ليتخلى خامنئي شخصيا عن مسؤوليته أمام الرأي العام الإيراني في حال فشل أو انهارت المفاوضات أو الاتفاق النووي مع واشنطن، وهذا بالضبط ما حصل، وما جعل المحافظين يفتعلون حربا شعواء ضد روحاني.

في مواجهة سهام المحافظين، لم يبق روحاني مكتوف الأيدي، وإنما رد بقوة ناعمة مخافة الاصطدام المباشر، في بيان لحكومته، ذكر فيه بأن مفاوضات الاتفاق “لا تتعارض مع الدستور أو واجبات الرئيس أو قرارت المجلس الأعلى للأمن القومي” التابع للمرشد الأعلى.
ولإنقاذ الاتفاق، وتخفيف الاحتقان بالبلاد، أجرى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، محادثات بالعاصمة البلجيكية بروكسل، في لقاءات مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني.
اجتماعات جاءت في ختام جولة دبلوماسية مكوكية لـ”ظريف” شملت روسيا والصين، باعتبارهما من الموقعين على الاتفاق المبرم في 2015، في محاولة لحشد دعم يبدو أنه بعيد المنال، وفق مراقبين.

وفى السياق أقر الاتحاد الأوروبي، امس الخميس، بأن الاتفاق النووي الإيراني “ليس مثاليا”.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في العاصمة البلغارية صوفيا غداة محادثات حول هذا الموضوع بين الدول الـ28 للاتحاد إن المفاوضات مع إيران يجب أن تتواصل حول مواضيع أخرى متعلقة بدور إيران في المنطقة وبرنامجها للصواريخ البالستية.

كان الرئيس الأمريكي أعلن، مطلع هذا الشهر الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات على طهران.
وقال ترامب، خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض: “أعلن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق مع إيران، وخلال لحظات قريبة سأوقع مذكرة لبدء العقوبات على النظام الإيراني. عقوباتنا قد تشمل أيضًا دولا أخرى متواطئة مع إيران”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *