دولية

إيران تختنق .. ومظاهرات الغضب تحول ليل طهران لنهار

طهران ــ وكالات

لليوم الخامس على التوالي تتواصل احتجاجات الغضب في إيران وتزداد حدتها وتتسع دائرتها لتشمل مدنا ومناطق في مختلف أنحاء البلاد، وخصوصا في قم، وسط البلاد، والعاصمة طهران، فيما أخذت تتحول إلى مظاهرات دموية بعد سقوط أول قتيل فيها.

وذكر نشطاء إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن التظاهرات والاحتجاجات تركزت بمدن “طهران وكرج وشيراز وقم واشتهارد”، وسط انتشار أمني مكثف بالشوارع والمدن الرئيسية.

ورفع المحتجون لافتات وشعارات مناهضة لحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني والمرشد علي خامنئي، فيما هاجموا التدخلات العسكرية خارج الحدود. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بسقوط أول قتيل في تلك الاحتجاجات بمدينة كرج الواقعة غرب طهران، وذكرت وكالة أنباء “فارس” شبه الرسمية، أن القتيل يدعى رضا أوتادي، 25 عاما قد سقط برصاص مليشيات النظام خلال وجوده بإحدى التظاهرات المنددة بالاضطرابات الاقتصادية.وأشارت “فارس”، إلى أن قوات الأمن الإيرانية اعتقلت نحو 20 شخصا من المحتجين.

واتهمت عائلة القتيل، بحسب شبكة “إيران واير” الناطقة بالفارسية، قوات الأمن الإيرانية وعلى رأسها الحرس الثوري باستهداف نجلها خلال وجوده بالاحتجاجات.

وكشف أحد أقارب أوتادي عن أن القتيل سقط حينما فتحت قوات الأمن النيران على محتجين في مدينة جوهردشت، لافتا إلى أن السلطات الإيرانية لم تسلم الجثمان إليهم حتى الآن.

ونقل مقربون للعائلة، بحسب إيران واير، أن مسؤولين أمنيين حذروا والد القتيل من التحدث لوسائل الإعلام عن ملابسات مقتل نجله، بعد أن رفع لافتة عزاء أعلى واجهة متجر يديره لبيع الأقمشة. وعلى صعيد متصل، اندلعت موجة جديدة من الإضرابات العمالية في مناطق مختلفة من البلاد، بطلها عمال السكك الحديدية بسبب سوء أوضاعهم المعيشية، ومطالب فئوية أخرى تشكل الأجور.

وأصدر مجلس نقابي مستقل لعمال السكك الحديدية، بيانا أكد فيه استمرار تلك الإضرابات حال عدم تحقيق مطالب العمال، الذين لم يحصلوا على رواتبهم منذ 4 أشهر.

وتركزت احتجاجات عمال السكك الحديدية بمناطق كبرى مثل أصفهان وخراسان وأذربيجان، حيث هددوا بتنظيم إضرابات أخرى في شتى أنحاء إيران.

الى ذلك قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن الإيرانيين تخلصوا من خوفهم من نظام الملالي، مدفوعين بمشاعر غضب وإحباط متصاعدة.

وأضافت في تقرير مطول لها، أنه “في شتى أنحاء إيران، من مدنها الجنوبية وحرارتها القاسية، إلى العاصمة الصاخبة، خرج المتظاهرون إلى الشوارع بكثافات متزايدة في الشهور الأخيرة”.

وذكرت الصحيفة في تقرير قامت خلاله بتغطية غالبية الاحتجاجات التي اندلعت في أكثر من 80 مدينة إيرانية، من بينها آراك وأصفهان وكرج وشيراز، وإشتهارد وغيرها من المدن الإيرانية، أن المتظاهرين “هتفوا بشعارات قوية ضد القادة الدينيين وسياساتهم”، في وقت تجد فيه الاحتجاجات تغطية واسعة النطاق على شبكات الإعلام الاجتماعي وعشرات المحطات التليفزيونية الناطقة بالفارسية والموجهة لإيران.

وتابعت أن المحتجين هتفوا ضد غلاء الأسعار، ولكنهم انتقدوا مسؤوليهم كذلك، في وقت هوت فيه العملة الإيرانية “الريال”، بأكثر من 80% من قيمتها، مقارنة بما كانت عليه قبل عام.

ويعود هذا جزئيا، بحسب الصحيفة، لانسحاب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وعودة العقوبات الاقتصادية، التي من المنتظر أن تدخل أول حزمة منها حيز النفاذ اليوم الإثنين.

ويجد الرئيس حسن روحاني، الذي أيد الاتفاق النووي، نفسه بين شقي رحى، فهو محاصر ليس من الدائرة المتشددة وحدها وإنما كذلك من الإيرانيين الذين أعطوه أصواتهم – الطبقة المتوسطة الشاسعة. ولفتت التايمز إلى أن كلا الفريقين يقول إن سياسات روحاني باءت بالفشل.

ووصفت “نيويورك تايمز” المظاهرات التي قتل خلالها 25 شخصا وأصيب أكثر من 4 آلاف في اشتباكات مع الأمن، بأنها “غير مسبوقة”، بالنظر إلى اتساع نطاقها الجغرافي منذ يناير، وإن كانت لا تزال أقل من حيث العدد، مقارنة باحتجاجات 2009، “لكنها تعكس موضوعا مشتركا، وهو تصاعد مشاعر الاستياء”.

وفضلا عن هذا – تقول الصحيفة إن قائمة المظاهرات والإضرابات “ملفتة” بالنظر لاتساع رقعتها، والفئات المشاركة فيها، ومنهم النساء تحدين خطر الاعتقال، إضافة لإضرابات سائقي الشاحنات وغيرهم

وتضيف أن الفيديوهات المنتشرة للاحتجاجات والإضرابات تبين أن “من المتظاهرين من تجاوز إلى حد بعيد مسألة المظالم الاقتصادية إلى الاعتراض على سياسة إيران الخارجية.

وأوضحت أن الشعارات الاحتجاجية الموجهة للقيادة الإيرانية تنتقد كذلك الوجود الإيراني في سوريا ولبنان، مشيرة إلى أن أحد الشعارات التي هتف بها المتظاهرون يقول “لقد نهبتمونا باسم الدين”.

وتقول “نيويورك تايمز”: “زادت المظاهرات المأزق الشديد الذي يواجهه قادة إيران تعقيدا، مع استعدادهم لمواجهة العقوبات الأمريكية من جديد. المستثمرون يغادرون البلد، والحكومة شددت الرقابة على استخدام العملة الأجنبية تحسبا لتراجع عائدات النفط”.

وزادت: “هذه الخطوة سرعت من وتيرة تراجع الريال، وحركت الغضب الذي يبدو منصبا على قادة إيران أكثر من الولايات المتحدة”.

فيما تفصل ايران ساعات قليلة عن استئناف المرحلة الأولى من العقوبات الأمريكية التي ستدخل حيز التنفيذ، اليوم بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.

فبعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، قررت وزارة الخزانة الأمريكية إعادة فرض عقوبات شديدة على طهران ليحدث الآتي عندما تدق الساعة الـ12 منتصف ليل اليوم :

– فرض عقوبات على التحويلات الرئيسية للريال الإيراني، أو حسابات مصرفية خارج إيران، أو بنوك تخضع لنفوذ الريال الإيراني

– فرض عقوبات على تجارة الذهب والمعادن الثمينة مع إيران.
– فرض عقوبات على المشتريات والاشتراكات أو تسهيلات الديون لإيران.

– فرض عقوبات على شراء أو تخزين أو نقل الجرافيت المباشر أو غير المباشر أو المواد الخام أو المعادن شبه المكتملة بما في ذلك الألومنيوم والحديد والفحم والبرمجيات لإدماج العمليات الصناعية.

– فرض عقوبات على شراء وبيع الدولار الأمريكي من قبل حكومة إيران.
– فرض عقوبات على صناعة السيارات.

كما ستكون إيران على موعد مع صفعة أمريكية جديدة، وذلك بعد 180 يوما؛ ففي 4 نوفمبر ستعاقب الولايات المتحدة نظام الملالي بما يلي:

إعادة العقوبات المتعلقة بمؤسسات الموانئ والأساطيل البحرية وإدارات بناء السفن بما يشمل أسطول الجمهورية الإيرانية، وخط أسطول جنوب إيران والشركات التابعة لهما.

– إعادة العقوبات المتعلقة بالنفط خاصة التعاملات المالية مع شركة النفط الوطنية الإيرانية NIOC وشركة النفط الدولية الإيرانية NICO، وشركة النقل النفطي الإيرانية NITC، وحظر شراء النفط والمنتجات النفطية أو المنتجات البتروكيماوية من إيران.

– عودة العقوبات المتعلقة بالمعاملات الاقتصادية للمؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزي الإيراني وبعض المؤسسات المالية الإيرانية بموجب المادة 1245 من قانون تخويل الدفاع الوطني الأمريكي للسنة المالية 2012.

فرض عقوبات على خدمات الرسائل المالية الخاصة للبنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية المدرجة في قانون معاقبة إيران الشامل لعام 2010.

– فرض عقوبات على توفير خدمات التأمين.
– فرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني.
بالإضافة إلى ذلك، سوف تلغي الولايات المتحدة في 5 نوفمبر 2018 التراخيص التي منحت لكيانات أمريكية للتعامل مع إيران عقب الاتفاق النووي.

وتستهدف الولايات المتحدة من كل ذلك التصدي للأنشطة التخريبية لإيران، التي تتجاوز البرنامج النووي؛ إذ تعمل طهران على الدعم المستمر للإرهاب، ممثلا في مليشياتها الانقلابية من الحوثيين في اليمن على سبيل المثال، فضلا عن قمع مواطنيها وانتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى زعزعة استقرار المنطقة.

ويواجه نظام الملالي في طهران قبل تطبيق تلك العقوبات أزمة مالية خانقة وانهيار في عملتها الوطنية، وسط توقعات بمزيد من شح السيولة مع سريان العقوبات على القطاع المالي.
وخسرت العملة الإيرانية أكثر من نصف قيمتها أمام الدولار الأمريكي منذ يناير الماضي، بسبب الأداء الاقتصادي الضعيف والصعوبات المالية في البنوك المحلية.

فقد انهار الريال الإيراني الأيام القليلة الماضية أمام الدولار ليتجاوز 100 ألف ريال للدولار الواحد في ضربة موجعة تلقاها المودعون الذين تآكلت مدخراتهم، وأدى أيضا إلى ارتفاع الأسعار والتضخم ووقف عمليات البيع والشراء.

وتلقى الاقتصاد الإيراني ضربات موجعة، فقد هبطت واردات كبار المشترين الآسيويين من النفط الخام الإيراني لأدنى مستوى في 7 أشهر في يونيو في الوقت الذي قلصت فيه كوريا الجنوبية، على نحو كبير، وارداتها، وفق أرقام حكومية وبيانات لتتبع السفن.

وعقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي سارعت العديد من الشركات التي تتعامل مع إيران إلى الفرار من السوق الإيرانية؛ تجنبا للعفويات الأمريكية.

وسعيا من نظام الملالي لتعويض الخسائر؛ أعلنت طهران تقديم حوافز‭‭ ‬‬تتعلق بالأسعار والضرائب لمستثمري القطاع الخاص، لتولي مشروعات الدولة المعطلة إلا أن تلك المحاولات فشلت في طمأنة المستثمرين ووقف نزيف الاقتصاد وانهيار العملة، فيما وصفها محللون اقتصاديون بالفاشلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *