دولية

إجهاض انتفاضة إيران .. مزاعم يكذبها الشارع

طهران ــ وكالات

على مدار الاسبوعين الماضين عمر الانتفاضة الايرانية يخرج الحرس الثوري الإيراني ليتباهى بانتصاره على الاحتجاجات، وفي كل مرة يكذب الشارع الإيراني مزاعمه في إخماد الانتفاضة.

ولم يكن إعلان الحرس الثوري الأول من نوعه، إذ سبقه إعلان آخر قبل عدة أيام يحمل نفس المعنى، وذلك يعني أن الاحتجاجات مستمرة وأن لدى النظام الإيراني رغبة جامحة في الظهور بمظهر المسيطر على مفاصل الأمور.

وخلال الساعات الأخيرة، أظهرت عشرات من مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، مواطنين يعبرون بطرق مختلفة عن غضبهم فمنهم من أحرق بطاقات الهوية الخاصة به، ولجأ البعض إلى إحراق فواتير صادرة من مرافق مملوكة للدولة. وفي أحد المقاطع التي تمت مشاركتها على تطبيق تيليغرام، شوهدت سيدات يحرقن بطاقات انضمامهن لميليشيا “الباسيج” التابعة للحرس الثوري، وهي القوة التي أوكلت إليها إيران بشكل أساسي قمع الاحتجاجات.

وظهر شخص آخر يحرق شهادة ممهورة بشعار الحرس الثوري الإيراني، في حين رصدت صورة أخرى رجلا يحمل فواتير المياه والكهرباء ويحرقها قائلا: “لن ندفع أي فواتير”.

ونشر أحدهم فيديو آخر مرفق بتعليق :”هذا النظام الفاسد محكوم عليه بالزوال”.

ويبعث الإيرانيون من خلال نشر هذه المقاطع رسالة مفادها أنهم مستمرون في انتفاضة بدأت في الشارع، ولم تنته بسبب القمع الأمني، متخذة أشكال عدة للتأكيد على استمرار الغضب الشعبي.

وزعم الحرس الثوري الإيراني، أنه قضى على الاحتجاجات المناهضة للنظام والتي بدأت بمطالب اقتصادية معيشية ثم أصبحت تطالب بإسقاط المرشد ودولة الملالي.

وخلال حملة النظام الإيراني لقمع الانتفاضة، اعتقل المئات من بينهم نحو 90 طالبا جامعيا، حسبما نقلت وكالة أنباء (إسنا) شبه الرسمية عن النائب الإصلاحي محمود صادقي

فيما كشفت وثيقة صادرة عن قيادة الشرطة الإيرانية في طهران أن عناصر الأمن حصلوا على ضوء أخضر بفتح النار على متظاهرين إيرانيين لإخماد انتفاضة تطالب بإسقاط ولاية الفقيه بعد عقود من القمع والفساد.

ونشرت مواقع إيرانية معارضة الوثيقة التي تظهر خطابا رسميا وقعه علي أصغر جلالي وهو مسؤول أمني في قيادة شرطة طهران الكبرى، ويحمل الخطاب أمرا إلى قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين

ولا تزال الانتفاضة الإيرانية متواصلة منذ 11 يوما رغم القمع الأمني الوحشي الذي تسبب في مقتل ما يزيد على 50 شخصا، وسط أنباء عن اعتقال ما يزيد على 2500 ناشط في عدة مدن إيرانية.

ونشرت مواقع إيرانية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة من الوثيقة الموجهة إلى “جميع الوحدات الموجودة في طهران” لإطلاق النار على المتظاهرين، وهو ما أكدته الوقائع على الأرض، بحسب قوى المعارضة.

وعمد النظام الإيراني إلى قطع خدمة الإنترنت في مناطق واسعة في البلاد، وأغلق محطات مترو رئيسية في العاصمة طهران، كما حشد عناصر الباسيج وقوات الحرس الثوري.

بدوره كذًب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) مايك بومبيو ادعاءات مسؤولين إيرانيين بضلوع وكالته في حركة الاحتجاج التي تشهدها إيران منذ الأسبوع قبل الماضي.

وقال بومبيو لقناة “فوكس نيوز” معلقا على الاتهامات: “هذا ليس صحيحا. إنه الشعب الإيراني مَن أحدث الاحتجاجات، وبدأوها وواصلوها؛ للمطالبة بظروف عيش أفضل، وبالقطيعة مع النظام الديني الذي يعيشون في ظله منذ 1979”.

وأضاف: “أعتقد أننا سنستمر في رؤية الشعب الإيراني يثور”، مؤكدا أن التظاهرات “لم تنتهِ”.

وندد مدير السي آي أيه بـ”ضعف” الاتفاق الموقّع مع إيران في 2015 بشأن برنامجها النووي في وقت يسعى المحافظون الأمريكيون لإعداد قانون جديد يرسخ بصورة دائمة القيود المؤقتة المنصوص عليها في اتفاق 2015 والتي يفترض رفعها تدريجيا اعتبارا من 2025.

وفى السياق قال خبراء وباحثون إن الاحتجاجات المشتعلة في أكثر من 100 مدينة بإيران بمثابة “فاتورة” يسددها نظام الملالي إزاء مغامراته الخارجية وتدخله في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.

ورغم مرور أكثر من 11 أيام على الاحتجاجات، لم تهدأ المظاهرات الصاخبة بإيران؛ بسبب تدخلات ايران الخارجية ودعمها المليشيات الطائفة ، إضافة إلى تفشي الفساد والفقر بين جميع الإيرانيين.

ولم يعد من المستغرب أن تقوم الاحتجاجات بشكل واسع النطاق وسط تفشي الفساد والإنفاق على دعم الجماعات الإرهابية في سوريا واليمن، في وقت تتصدر فيه الاحتياجات المحلية بشكل مُلح، طبقا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.

ويقول دنيس روس خبير الشؤون الشرق أوسطية بمجلة “فورين بوليسي”: إن هناك تكلفة لمحاولات التوسع الإيراني ونشر زعزعة الاستقرار في المنطقة، ويمكن رؤيتها في التظاهرات العارمة التي تشهدها إيران.

وأضاف روس أن الطبقة المتوسطة في إيران لم تكن وحدها التي عبّرت عن سخطها تجاه سوء إدارة نظام الملالي للموارد، بل انضمت لها الطبقات الفقيرة أيضا، حيث أجمع الكل على أن تكاليف المغامرات الإيرانية في الخارج أثرت في قوتهم اليومي، إضافة إلى أنها تسببت في حالة من الاستياء الشديد، مما دفع العديد من المتظاهرين للهتاف ضد الوجود الإيراني في كل من لبنان وسوريا.

وبالرغم من أن الاستياء دفع جموع الإيرانيين للاحتجاج، إلا أن رفع الدعم عن السلع الأساسية مثل الخبز والمحروقات تسبب في تأثير سلبي بالغ الضرر على الإيرانيين من ذوي الدخل المنخفض.

ونتيجة لذلك، فشلت العديد من المؤسسات الائتمانية الإيرانية وفقد ملايين الإيرانيين مدخراتهم، إضافة إلى أن الضغوط التي تسبب بها التضخم في إيران جعلت قيمة أجور الإيرانيين تتقلص بشكل كبير، مما يشير إلى إدارة في غاية السوء للاقتصاد الإيراني منذ فترة طويلة بحسب روس.

ويتساءل العديد من المتظاهرين عن أسباب إنفاق نظام الملالي أموالهم في لبنان وسوريا واليمن، حيث تنفق إيران على حزب الله، ذراعها العسكرية في لبنان، ما يقدر بنحو 800 مليون دولار في العام، إضافة إلى أن تكلفة دعم نظام بشار الأسد في سوريا تتخطى ملايين الدولارات سنويا.

لكن روس يرى أن النظام الحالي في إيران يرتكب نفس خطأ نظام شاه إيران، إلا وهو المفاخرة بالسيطرة والعمل على القمع بشكل ممنهج وتجاهل مطالب الداخل، الأمر الذي أدى للإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي في عام 1979، مما قد يمهد لعدة موجات قادمة من التظاهر قد تدفع بنظام الملالي، وإيران بشكل عام، للانهيار بشكل كامل.

فيما أطلقت منظمات حقوقية إيرانية ودولية تحذيرات من إقدام نظام طهران على إعدام معارضين أُلقِي القبض عليهم خلال حملة الاعتقالات التي جاءت على خلفية الانتفاضة الإيرانية التي تطالب بسقوط نظام ولاية الفقيه.

وخلال أيام الانتفاضة الإيرانية اعترف مسؤولون إيرانيون باعتقال مئات الناشطين، لكن منظمات إيرانية ودولية وقيادات في المعارضة أكدت في المقابل أن حملة الاعتقالات العشوائية التي نفذتها قوات أمن الملالي طالت ما يزيد عن 2500 شخص.

ولا تزال الانتفاضة الإيرانية متواصلة منذ 11 يوماً رغم القمع الأمني الوحشي الذي تسبب في مقتل ما يزيد على 50 شخصاً.

وحذرت المنظمات الدولية المنضوية تحت مظلة الحملة العالمية لمناصرة ثورة الشعوب غير الفارسية من إقدام ملالي إيران على إعدام مئات المعتقلين بعد أن هزت المظاهرات في غالبية المدن قواعد النظام، وباتت على وشك اقتلاعه.

وسبق لمسؤولين قضائيين أن لوّحوا في تصريحات نشرتها وكالات أنباء إيرانية رسمية بتقديم المتظاهرين إلى محاكمات عاجلة قائلين إن عقوبة الاتهامات قد تصل إلى الإعدام.

وقال رئيس محكمة الثورة في طهران موسى غضنفرأبادي، في تصريحات نشرتها وكالة تسنيم شبه الرسمية، إن مثيري الشغب سيخضعون لمحاكمات عاجلة، ولوّح بأن العقوبات على تلك الاتهامات تصل عقوبتها للإعدام.

ولم يخفِ النشطاء الاحوازيون تخوفهم مما سوف تمارسه السلطات الإيرانية من تعذيب مفرط بحق السجناء الأحوازيين وغيرهم من الشعوب غير الفارسية، وتقديمهم لمحاكمات غير عادلة تحكم عليهم بالإعدام كما هدد وصرح به النظام.

يشار إلى أن الحملة العالمية لمناصرة ثورة الشعوب غير الفارسية مشكلة من المنظمات الحقوقية الدولية التالية: المركز الاحوازي لحقوق الإنسان، المرصد البلوشي لحقوق الإنسان، المركز الخليجي الأوروبي لحقوق الإنسان، جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان، منظمة الرسالة العالمية لحقوق الإنسان،

الرابطة العالمية للحقوق والحريات في أوروبا، جمعية كرامة لحقوق الإنسان في البحرين، المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان (لايف)، الائتلاف اليمني لحقوق الإنسان، الشبكة الدولية لدعم حق تقرير المصير والاستقلال من الاحتلال الفارسي، المرصد السوري لتوثيق جرائم الحرب، البوابة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والمرصد العربي للحقوق والحريات النقابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *