دولية

(السترات الصفراء) تخيم على أجواء أوروبا .. وباريس تدرس فرض (الطوارئ)

باريس ــ فرانس برس
في خضم أسوا أعمال شغب، تشهدها باريس منذ سنوات، أعلنت الشرطة الفرنسية أمس “الأحد”، إصابة 133 شخصا، بينهم شرطيون واعتقال 412 آخرين، وسط حالة من الفوضى مع ارتفاع سقف المطالب؛ حتى “رحيل الرئيس”.
وكان مثيرو الشغب قد أشعلوا النار في سيارات ومبان ونهبوا متاجر وحطموا نوافذ واشتبكوا مع الشرطة وسط باريس، في اضطرابات تضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام تحد صعب، وهي الأسوأ منذ أكثر من 10 سنوات.
وتفاجأت السلطات بتصاعد العنف بعد أسبوعين من الاحتجاجات التي عمت البلاد، تعبيرا عن رفض رفع أسعار الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة، وقد نظمتها حركة تعرف باسم “السترات الصفراء”، تستقي اسمها من السترات الصفراء الفسفورية، التي يتعين على كل السائقين في فرنسا تزويد سياراتهم بها.
وفي باريس، أطلقت الشرطة قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع ومدافع المياه على المحتجين، في شارع “شانزليزيه” وعند حديقة “تويلري” وقرب متحف اللوفر، أهم معالم العاصمة.
وخلت بعض المناطق من أي وجود للشرطة بالفعل، فيما جابت مجموعات من الملثمين معالم العاصمة الفرنسية الشهيرة، ومناطق التسوق الفاخرة فيها، وحطمت نوافذ متاجر.
فيما توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى قوس النصر؛ فور عودته إلى باريس قادما من الأرجنتين، ليتفقد الأضرار التي لحقت بالمعلم الشهير خلال أحداث الشغب،
وأظهرت لقطات تلفزيونية الجزء الداخلي من القوس، حيث تحطم جزء من تمثال ماريان، وهو رمز للجمهورية الفرنسية، كما كتب المحتجون على القوس شعارات مناهضة للرأسمالية ومطالب اجتماعية.
واستهدف بعض المحتجين قوس النصر في باريس، ودعوا ماكرون للاستقالة، وكتبوا على واجهة القوس، الذي يعود تاريخه للقرن التاسع عشر عبارة “ماكرون ارحل”.
وقال ماكرون: إنه سيجتمع مع الوزراء لبحث الأزمة، فيما ألغى رئيس الوزراء إدوار فيليب زيارته لبولندا.
وقالت رئيسة بلدية الدائرة الثامنة في باريس جان دوتسير قرب قوس النصر: “نعيش حالة من التمرد ولم أر في حياتي شيئا كهذا”.
وتفجر الغضب الشعبي فجأة في 17 نوفمبر، وانتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ أغلق المحتجون طرقا في أنحاء مختلفة من البلاد وأعاقوا الدخول إلى مراكز تجارية ومصانع وبعض مستودعات الوقود.
هذا.. فيما قال المتحدث باسم الحكومة بنجامين جريفو: إن البلاد ستدرس فرض حالة الطوارئ للحيلولة دون تكرار مشاهد الاضطرابات، ودعا المحتجين السلميين إلى التفاوض.
وقال لراديو “أوروبا 1”: “علينا التفكير في الإجراءات التي يمكن اتخاذها حتى لا تتكرر هذه الوقائع”.
وردا على سؤال عن إمكانية فرض حالة الطوارئ، ذكر جريفو أن الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الداخلية سيناقشون كل الخيارات المتاحة.
وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير: إن بلاده مستعدة لدراسة الإجراءات كافة، بما في ذلك فرض حالة الطوارئ بالبلاد، وذلك لاحتواء موجة الاحتجاجات العارمة التي تجتاح العاصمة الفرنسية باريس.
وفي رده على سؤال عن احتمال فرض حالة الطوارئ؛ تلبية لطلب عدد من النقابات والشرطة، أكد الوزير الفرنسي أنه مستعد للنظر في إمكانية فرضها من أجل تعزيز الأمن في البلاد.
وأضاف: إن “كل ما يسمح بتعزيز ضمان الأمن، لا محرمات لدي، وأنا مستعد للنظر في كل شيء”.
وكانت حالة الطوارئ فرضت بعد الاعتداءات الإرهابية في باريس في 2015، وقبل ذلك فرضت أيضا بعد الاضطرابات التي شهدتها الضواحي في نوفمبر 2005.
وكانت نقابة الشرطة “أليانس” قد طلبت فرض حالة الطوارئ، الذي اقترحته أيضا نقابة مفوضي الشرطة الوطنية.
وقال نائب رئيس ثاني أكبر نقابة للشرطة فريديريك لاجاش: “نحن في أجواء عصيان”، مضيفا “يجب التحرك بحزم”.
وأوضحت نقابة “أليانس” في بيان أنها تطالب “بتعزيز من الجيش لحماية المواقع المؤسساتية والسماح بذلك لقوات التدخل المتحركة بالتحرك”.
وكتبت نقابة مفوضي الشرطة الوطنية: “في مواجهة حركات عصيان، يجب التفكير في إجراءات استثنائية لحماية المواطنين وضمان النظام العام، وحالة الطوارئ جزء من هذا”.
وبعد أكثر من أسبوعين على بدء مظاهرات حركة السترات الصفراء في فرنسا، انتقلت عدوى تلك الاحتجاجات المتواصلة إلى بلجيكا وهولندا، وتسعى للتمدد في دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا.
وفي بلجيكا، انتقلت عدوى السترات الصفراء من باريس إلى العاصمة بروكسل؛ حيث اعتقلت السلطات نحو 60 متظاهرا من أنصار الحركة، الذين نزلوا إلى الشوارع في احتجاجات بدون ترخيص ضد سياسات الحكومة.
وذكرت وسائل إعلام بلجيكية، أن الشرطة المحلية في فارانبارك حاصرت المحتجين الذين رشقوا أفراد الشرطة بأشياء وجدوها في الشوارع؛ ما تسبب في رد الشرطة برش المياه على المتظاهرين، تم اعتقالهم.
وفي هولندا، تجمع متظاهرون في شوارع عدة من المدن، على رأسها لاهاي، ونيميجن، وماستريخت، وألكمار، ويوفاردن إن جرونينجنو، استجابة للدعوات التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي للاحتجاج على سياسات الحكومة.
وتداولت وسائل إعلام محلية في هولندا أنباء تفيد توقيف الشرطة متظاهرين اثنين في مدينة لاهاي، وثالثا كان يقود مظاهرة في مدينة ماستريخت، جنوبي البلاد.
ونقلت وسائل إعلام أوروبية عن أحد المتظاهرين قوله: إن “السترات الصفراء كانت بداية لشيء أكبر من ذلك بكثير، ونريد لهذه الحركة أن تنتشر، لقد بدأت في فرنسا، ونريدها أن تستمر في ألمانيا وهولندا عبر أوروبا حتى إلى بريطانيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *