كتبت – مروة عبد العزيز
الكذب هو سلوك مكتسب، فهو لا ينشأ مع الإنسان إنما يتعلمه ويكتسبه على مدار حياته، ولذلك لابد على الأمهات الانتباه والعناية بتربية أولادهم على الصدق واتخاذ حلول جذرية لحالات الكذب التي تنشأ لدى أطفالهم حتى لا تكبر معهم فتصبح جزءً من سلوكهم يصعب عليهم التخلي عنه أو تركه.
وأوضح العديد من علماء النفس أن هناك أنواعاً متعددة من الكذب يمكن أن يمارسها الأطفال، ومنها الكذب الخيالي حيث يوجد عند بعض الأطفال سعة فى الخيال التى تدفعهم إلى ابتداع مواقف وقصص لا ينسجها أى منهم في أساس الواقع، أما كذب الالتباس يوجد عندما يلجأ الطفل إلى الكذب أحياناً عن غير قصد، وذلك حينما تلتبس عليه الحقيقة ولا تساعده ذاكرته على سرد التفاصيل، فيحذف بعضها ويضيف البعض بما لايتناسب وإمكاناته العقلية.
ولكن الكذب الادعائي وكذب التفاخر يوجد عند بعض الأطفال الذين يشعرون بالنقص حيث يلجأون إلى التعويض بتفخيم الذات أمام الآخرين، وذلك بالمبالغة فى مواضعهم الحقيقية فيما يملكون أو يتمنون أو يعانون بهدف تعزيز المكانة ورفعها وسط الأقران، أو بهدف الرغبة في السيطرة، فقد يدعي الطفل الغنى لأسرته والمنصب الكبير لوالده.
كما يلجأ بعض الأطفال إلى الكذب بالتقليد \"المحاكاة\" حيث يكون مقلدا للمحيطين به، من الذين يتخذون هذا السلوك في بعض تعاملاتهم، فمثلاً يقلد الطفل أسلوب المبالغة الذي يبدو من الوالدين أو أحدهما، وهو سبب من الأسباب الشائعة للكذب.
أما أكثر أنواع وأشكال الكذب شيوعاً بين الأطفال هو الكذب الدفاعي \"الانتفاعي\"، ويهدف هؤلاء الأطفال إلى منع عقوبة سوف تقع عليهم، مثل اتهام طفل لشقيقه الأصغر بشيء لم يفعله، وقد يلجأ إليه الطفل للتخلص من موقف حرج فينسب الأحداث لغيره.
أما كذب اللذة فيمارسه الطفل ليرى أنه يستطيع خلط الأمور على الشخص الكبير ويوقعه فى بعض المواقف، وهذا النوع من الكذب يمارس بطريقة شعورية.
كما نجد بعض الأطفال يلجأون إلى الكذب الكيدي حتى يضايق من حوله، لإحساسه بأنه مظلوم أو لشعور الغيرة الذى يسيطر عليه نتيجة حصول الآخرين على امتيازات.
ولكن الكذب العدواني السلبي فيه يختلق الطفل أعذاراً غير حقيقية أو مبالغاً فيها عندما يطلب منه عمل شيء أو تحقيق هدف، في حين أن كذب جذب الانتباه يحدث عندما يفقد الطفل اهتمام من حوله رغم سلوكياته الصادقة أو السوية، فقد يلجأ إلى السلوك غير الصادق حتى ينال الاهتمام والانتباه، ولكن يستخدم الطفل الكذب المرضي بطريقة لا شعورية، وفي نطاق خارج عن إرادته، وقد يلح هذا النوع من الكذب على الأطفال فى مرحلة الطفولة المتأخرة، ويظل كذلك حتى المراهقة بل والرشد.
ويسبب كذب الأطفال بأنواعه المختلفة مشكلة لدى الأمهات ويتحيرن في الوصول للوسيلة المثلى التي تعالج تلك العادة المذمومة لدى الصغار، ولكن يشير العديد من المختصين إلى بعض النصائح التي يمكن من خلالها علاج هذه المشكلة، ومن أهمها أن يكون المربي قدوة حسنة للطفل، وأن يتعود الطفل على المصارحة، وألا يخاف مهما أخطأ؛ لأن الطفل يندفع للكذب في بعض الأحيان خوفاً من الضرب والعقاب.
كما يجب على الأسرة أن تزرع في الطفل المفاهيم الأخلاقية والدينية بأسهل الطرق التي تجعله يستوعبها وأيضاً يفضل التناقش مع الصغار في السبب الذي دعاه للكذب، وإخباره بأنه إن اعترف بخطأه لن يعاقب.
ومن المهم الابتعاد عن تحقير الطفل والسخرية منه، أو التشهير به أمام إخوته؛ لأن ذلك يخفض من مفهوم ذاته، وبالتالي قد يلجأ للكذب لإخفاء مواطن الضعف في شخصيته.