طهران ــ وكالات
تعالت الأصوات مؤخراً في إيران للمطالبة بإجراء استفتاء عام بإشراف دولي، للتحول لنظام حكم مدني، بدلاً من نظام ولاية الفقيه.
وقال شخصيات إيرانية بارزة إنه لا أمل بتحقيق تقدم في ظل استبداد نظام الملالي. وكانت تلك الشخصيات قدر أصدرت بيانا قالت فيه إن الأمل في تحقيق تقدم في ظل استبداد نظام الملالي بات معدوما، ودعت إلى الانتقال لنظام مدني. وتضمن توقيعات مثقفين اتهموا النظام الحالي باستغلال الدين والمذهب لخداع الشعب على مدار أربعة عقود. وأكد البيان أن النظام الإيراني عجز عن حل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ايران وعرقل جميع الوسائل القانونية للرصد والإصلاح.
وسبق تلك الدعوة دعوة مماثلة لاستفتاء صدرت من داخل دائرة الحكم في طهران، إذ دعا الرئيس حسن روحاني لاستفتاء شعبي بهدف الخروج من المأزق السياسي الذي يعيشه النظام على خلفية الاحتجاجات الأخيرة.
وجاءت دعوة روحاني، كما قرأها مراقبون كمحاولة ترميم للإبقاء على نظام ولاية الفقيه، وتعكس قلق نظام الملالي من فقدان الشرعية في الشارع.
وقبل الدعوة للاستفتاء، حذر روحاني قادة طهران من أن ينتهوا إلى مصير الشاه السابق إذا لم يستمعوا لمطالب الشارع.
وبين الدعوتين، تبقى آلة البطش جاهزة، فقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، هدد معارضي النظام من انتقاد المرشد علي خامنئي، وطالب سليماني، الأجنحة المتصارعة داخل إيران بعدم لعب دور المعارضة.
ويرى البعض في تصريحات سليماني رسائل للرئيس روحاني، خاصة وأن لدى الأخير تحفظات على مخصصات الحرس الثوري في الموازنة.
بدورها نقلت صحيفة “جارديان” البريطانية عن مجموعة من المثقفين الإيرانيين البارزين في خطاب لهم، قولهم: “إنهم فقدوا الأمل في أنه يمكن إصلاح بلادهم، ودعوا إلى إجراء استفتاء لتحديد ما إذا كانت المؤسسة الحاكمة ما زالت مدعومة من الأغلبية”.
فبعد يوم من دعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني لإجراء استفتاء ليكون وسيلة لمعالجة الانقسامات السياسية العميقة في ايران، قال 15 شخصية – من بينهم بعض القاطنين في إيران- إن قادة البلاد فشلوا في الإيفاء بالمُثل الجمهورية.
ويشمل الموقعون على الخطاب المحامية الحائزة على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي، والناشطة الحقوقية نرجس محمدي المحتجزة الآن في طهران، والمحامية الحقوقية نسرين ستوده، والمخرجين محسن مخملباف وجعفر باناهي.
وانتقد الخطاب السلطة القضائية التي يسيطر عليها المحافظون، مشيرا إلى تعرض العديد من النساء والمحامين والصحفيين والمدرسين والطلاب والعمال والنشطاء السياسيين والاجتماعيين للتحرش والاعتقال والإدانة بارتكاب جرائم خطيرة والإرسال إلى السجن لمجرد انتقادهم للمسؤولين وتنوير الرأي العام.
وفى السياق أكد مدير وكالة الاستخبارات الوطنية الأميركية دان كوتس، إن لإيران دورا في ظهور تنظيم داعش الإرهابي، وقال كوتس في جلسة للجنة الاستخبارات في الكونغرس إن إيران تتدخل في العراق.
وقال كوتس: “العراق قطع شوطا طويلا على الصعيد السياسي وفي الحرب على داعش. التحديات السياسية والاجتماعية في العراق ساهمت في ظهور داعش، ولطهران دور في خلق هذه الأزمة”.
وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قد قال خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد “داعش”، في الكويت، إن انتهاء العمليات القتالية الرئيسية ضد التنظيم لا يعني أن الولايات المتحدة وحلفاءها ألحقوا به هزيمة دائمة.
واعتبر الوزير أن التنظيم “لا يزال يمثل تهديدا خطيرا لاستقرار المنطقة ومناطق أخرى في العالم”.
وأضاف تيلرسون أن واشنطن قررت تقديم مساعدات إضافية قيمتها 200 مليون دولار لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة بسوريا.
وقال إن هزيمة المتشددين، الذين خسروا كل الأراضي التي كانت خاضعة لهم في العراق وعلى وشك الهزيمة في سوريا، يحاولون كسب أراضٍ في دول أخرى ينشطون بها، مضيفا: “يجب ألا يسمح للتاريخ بتكرار نفسه في أماكن أخرى”.
وطالب تيلرسون، إيران بسحب ميليشياتها من سوريا، وقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي من عمان، “إن بلاده قلقة تجاه الاشتباك الأخير بين إسرائيل وإيران في سوريا”.
وتابع: “علينا أن نواصل عملنا في محاربة تنظيم داعش، كونه يسعى بشكل متواصل إلى التجنيد وإدارة العمليات عبر الإنترنت”، داعيا إلى “تعزيز قوة تحالفنا من أجل مواجهة شبكات المقاتلين الأجانب التابعين” للتنظيم.
وأعلنت بغداد أنها “انتصرت” على “داعش” في ديسمبر، بعدما استعادت القوات العراقية مدعومة بالتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، أجزاء واسعة من البلاد سيطر عليها المتطرفون عليها في منتصف عام 2014.
وقال ريتشارد جولدبرج، المستشار البارز بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن الطائرة الإيرانية، التي أفادت تقارير بأنها تعتمد على تكنولوجيا أمريكية، كانت بمثابة تذكير بالتخلي الأمريكي عن الرد العسكري النشط، الذي بدأ عام 2011 عندما سمح الرئيس السابق باراك أوباما لإيران بإعداد طائرات بدون طيار ذات مستوى عال بدلًا من إرسال صواريخ لتدميرها.
وأضاف جولدبرج أنه، خلال الأعوام التالية، أوباما فرض ضغوطًا كثيفة لمنع ضربة جوية إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، وتخلى عن الدبلوماسية القسرية لإرضاء طهران خلال المفاوضات النووية.
بل الأسوأ من ذلك، كما قال المستشار بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن أوباما رفض التصرف في سوريا وتطبيق الخط الأحمر المتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية، وقالت إدارة أوباما إن نظام الدفاع الجوي السوري جعل منطقة حظر الطيران خطيرة للغاية من حيث التطبيق.
وأشار جولدبرج إلى أن القادة الإيرانيين راقبوا الضعف الأمريكي واستوعبوه، وردوا على ذلك بتكثيف سعيهم وراء الهيمنة الإقليمية بالمال والغطاء الدبلوماسي الذي وفره الاتفاق النووي المعيب لنشر الإرهاب والصواريخ في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ورأى المستشار بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أنه في حين أن الرئيس ترامب وصل مكتبه الرئاسي وهو يوجه خطابات عنيفة تجاه إيران ويتعهد بتمزيق الاتفاق النووي، إلا أن طهران لاتزال غير قادرة على فهمه.
من ناحية، أظهر قرار ترامب بشأن فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني وإدانته طبيعة النظام الإيراني بالأمم المتحدة، استعدادًا للانخراط في حرب أيديولوجية واقتصادية، ومن ناحية أخرى، لايزال الاتفاق النووي قائمًا، ولم تفعل الإدارة الأمريكية الكثير لتكبد إيران ثمن توسعاتها الإقليمية.
وأشار ريتشارد جولدبرج إلى أن إيران لاتزال تهرب أسلحة إلى البحرين، وصواريخ إلى اليمن لشن هجمات ضد المملكة ، كما تبني منشآت صاروخية في سوريا ولبنان، مؤكدًا أنه حان الوقت لقيام ترامب بإعادة إرساء سياسة ردع عسكرية قوية تجاه التوسع الإيراني بالتعاون مع الحلفاء الإقليميين.
وقال جولدبرج إن الإدارة الأمريكية أعلنت في أكتوبر الحرس الثوري كيانًا إرهابيًا، لذا يجب عليه استهداف القواعد الرئيسية للحرس وأسلحته في سوريا، فمثل هذا النهج يمكنه المساعدة في منع صراع واسع النطاق.
كما أوضح أن القادة الإيرانيين يحرصون على تجنب مواجهة عسكرية مباشرة ضد قوة عسكرية كبيرة، لأن الملالي يعرفون أنهم إذا وجهوا مزيدًا من المال لعمليات خارج الحدود الإقليمية فإن وضعهم الاقتصادي والسياسي سيتدهور، فالإيرانيون في الشارع يهتفون بالفعل للملالي: “دع سوريا وفكر بنا”.
وأكد جولدبرج أن ترامب سيحتاج للاستعداد لمجموعة ردود ممكنة من إيران، وتحديدًا عبر وكلائها في العراق وسوريا ولبنان، لكن تهديدات هؤلاء الوكلاء ليست جديدة، لكن المكاسب ستفوق الخسائر المحتملة.
فأولًا، ستبدأ الحسابات الاستراتيجية لطهران في التغيير وتقليل المجازفات في المنطقة وتعزيز أمن حلفاء الولايات المتحدة على المدى الطويل وإمكانية تغيير سلوك النظام في أنشطة غير مشروعة أخرى.
وثانيًا، سيغلق الردع العسكري الأمريكي ما يسمى بـ”الجسر الأرضي”، الذي يعطي إيران خط نفوذ متواصلا إلى البحر الأبيض المتوسط، وأخيرًا، ستستعيد الولايات المتحدة النفوذ الدبلوماسي على روسيا في سوريا، وإذا أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحفاظ على وجود طويل المدى والاستفادة من إعادة إعمار البلاد فسيكون عليه التخلص من القوات الإيرانية في سوريا، أو ستقوم أمريكا وحلفاؤها بذلك.