مها السراج
دائما ما تردد النساء على مسمع الرجال عبارة \" أنت لا تفهمني؟ \" فهل فعلا لايفهم الرجل المرأة وهل يعود ذلك لأسباب بيولوجية تتعلق باختلاف طريقة تفكير كل منهما؟
إحدى الدراسات أخضعت مجموعة من النساء والرجال لتجربة في محاولة لمعرفة كيف يفكر كل منهما وكيف يقومون بالتواصل.. فوضع مجموعة من رجال لا تربط بينهم أي صلة في غرفة ووضع مجموعة من النساء أيضا لا تربط بينهم أي صلة في غرفة منفصلة وكانوا جميعا تحت المراقبة..ووجدوا أن النساء يقمن بعمليات التواصل الاجتماعي بسرعة كبيرة كما أنهن يجدن دائما الأفكار والأحاديث التي تشملهن جميعا وفي كل اتجاهات الحياة وكانت النساء يستمعن لبعضهن البعض ويتبادلن الأفكار فيما كان الرجال يتحدثون بطريقة مقتضبة وأحاديثهم كانت تعبر عن كل شخص منهم دون محاولات منهم للاستماع أو الاهتمام باهتمامات الآخرين الأمر الذي يوضح كم يفتقد الرجال للمشاركة الوجدانية والتي تمتاز بها المرأة خاصة أن النساء كن خلال التجربة يخلصن في نهاية الأحاديث الى نتائج ترضي جميع الأطراف بينما كان الرجال يحتفظون بآرائهم ويتمسكون بها بغض النظر عن وجهات النظر الأخرى… تلك الدراسة وجدت أن الرجال يتواصلون بطريقة مختلفة عن النساء مما يعني أنهم يفكرون أيضا بطريقة مختلفة..
وقد تعود أسباب الاختلاف اما الى عوامل اجتماعية أو بيئية واما الى طبيعة خلق دماغ كل منهما الا أنه من الواضح أن الرجل والمرأة ينظران للأمور وللحياة بطرق مختلفة وهذا ما أثبتته الكثير من الدراسات الحديثة والتي أخضعت سلوك كل من الرجل والمرأة لعدة اختبارات وقد تكون الدراسة الأكثر منطقية تلك التي تناولت طريقة كل من الرجل والمرأة في التعلم والتفكير واكتساب المهارات وكانت الدراسة قد خلصت الى أن الاختلافات بين الرجل والمرأة لا تدخل في دائرة التقييم بالأفضل أو الأسوأ وانما لكون الرجل والمرأة يعيشان في عالمين مختلفين رغم أنهما يشغلان نفس الحيز المكاني..والمقصود بالعالمين المختلفين هو أن لكل منهما قيمه الخاصة به وأيضا لكل منهما قائمة من القوانين التي يسير عليها.. فعلى سبيل المثال تتهم المرأة الرجل بأنه عديم الإحساس ولا يمنحها اهتمامه ورعايته كما أنه لا يستمع لها أبدا عندما تتحدث ولا تبدر منه أي بوادر للتعاطف والدفء إضافة الى أن الرجل قليل الكلام بل هو لا يتحدث للمرأة إلا في النادر بينما يعتقد الرجال أنهم أكثر منطقية وعقلانية من المرأة.
وتقول الدراسة ان الرجل والمرأة تطورا بطريقة مختلفة بحيث يقوم كل منهما بمهام محددة وخاصة به.. فالرجل اعتاد منذ بدء الخليقة ان يصطاد والمرأة تجمع صيده..الرجل يقوم بالحماية والمرأة تقوم بالرعاية وبالنتيجة تطورت أجساد وأدمغة كل منهما بشكل مغاير للآخر واستمر التغيير في البناء الفكري بينهما وعلى مدى ملايين السنين وبطرق مختلفة. وهذه الفرضية تجعلنا الآن ندرك أن الرجل والمرأة يخضعون المعلومات للمعالجة بطريقة مختلفة.. فهما يختلفان في طريقة التفكير والرؤيا والتوقعات والأولويات وأيضا التصرفات.
وعندما تطالب المرأة بالمساواة مع الرجل في الفرص والمهام فهي تكون على حق في طلبها هذا لأنها تملك الجزء الآخر من طريقة التفكير والتعامل مع الأمور وعندما تصبح فرصها في الحياة أقل من الرجل فبالتالي يحرم المجتمع من هذا الجزء المكمل للرجل والذي قد ينتج عنه إبداعات مختلفة ومبتكرة.
والاختلاف الأكبر بين الرجل والمرأة يكمن في القدرات الكامنة داخل كل منهما الا أن التشابه بينهما هو تشابه علمي بحت فالمرأة على سبيل المثال وبعد الحصول على نتائج دراسات وبحوث أكتشف أنها أكثر حساسية من الرجل كما أنها قادرة على التنبوء بنتائج العلاقات الانسانية وتملك قدرا أكبر من المهارة في توثيق التجارب وفي التحدث وفي استخدام الحبال الصوتية ولغة الجسد.
هذه الاختلافات بين المرأة والرجل في التفكير وفي التعاطي مع الأمور ومع العلاقات الانسانية تحتاج منا الى فهمها أكثر ليتمكن السادة الرجال في مجتمعاتنا أن يطوروا من مهارات التحاور مع المرأة عن طريق فهم طريقة تفكيرها فالمرأة كما أثبتت التجارب والأبحاث هي قادرة على التفاوض والتواصل وتقريب وجهات النظر لما تملكه من مرونة في الخروج بنتائج ترضي جميع الأطراف وبالتالي فهي قادرة على تقبل الأفكار وعلى تقديم التنازلات والمطلوب من الرجل أن ينزل قليلا عن عرشه الذكوري ويمسك بيد المرأة ليضعها في المكان الموازي له ليصبح الحوار بينهما في مستوى أفقي بدلا من الاتجاه الرأسي الذي يتمركز على قمته الرجل… هي محاولة لتقريب المسافات وللفهم… فهل تفهمني أيها الرجل؟
شاعرة واعلامية سعودية
[email protected]