الأرشيف دولية

هجمات مومباي تكشف أن اي مدينة عرضة لتكرار نفس المأساة

لندن – رويترز ..
يقول خبراء في مجال الأمن إنه أيا كانت الجماعة التي تقف وراء هجمات مومباي فإن أحد الأمور التي باتت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء هي أن من الممكن إيقاع مدينة كبرى في حالة من الفوضى اذا وجدت مجموعة من الرجال المسلحين تسليحا كافيا والمستعدين للفداء بارواحهم. وبدلا من خطف طائرات مثل هجمات 11 سبتمبر او تهريب سيارات ملغومة الى المدينة اختار مسلحو مومباي أسلوبا ينطوي على مواجهة ويعتمد على الهجوم المسلح مما أسفر عن مقتل نحو مائتي وإصابة نحو 283 وسبب حالة من الذعر في المدينة المزدهرة البالغ عدد سكانها 13 مليون نسمة. يقول خبراء أمنيون إن الهجوم على الأرجح جرى التخطيط له على مدار عدة أشهر وتم تنفيذه بدقة شديدة فيما يبدو لكنه أعتمد في النهاية على ما يقدر بنحو 25 مسلحا يحملون أسلحة خفيفة مثل البنادق والقنابل اليدوية. وقدرتهم على التجول ومواصلة الهجوم بينما هم على استعداد طوال تلك الفترة أن يقتلوا اثناء العملية جعل من الصعوبة الشديدة بمكان قتالهم وجعلهم اكثر انطلاقا مما كان يمكن أن يحدث في أي هجوم انتحاري فوري. وقال ساجان جوهيل المحلل بمؤسسة اسيا باسيفيك \"من المستحيل فعليا منع 20 مسلحا من شن هجوم في اي مكان بالعالم اذا كانوا على استعداد لأن يقتلوا.\" وأضاف \"هذا هو لب استراتيجية الفدائيين\". ويطلق تعبير الفدائيين لوصف المسلحين الذين يضحون بأنفسهم والذين عملوا في العراق وإقليم كشمير وفي أنحاء العالم الإسلامي.
وتابع قائلا لرويترز \"هذا اكثر فعالية من مهمة انتحارية. ففي المهمة الانتحارية يطلقون المتفجرات وينتهي أمرهم اما في هجمات الفدائيين هم يحاولون الاستمرار لأطول فترة ممكنة وقتل اكبر عدد من الأشخاص.\"
وبعد نحو 20 ساعة من بدء الهجوم في وقت متأخر من ليل الأربعاء كان الجنود الهنود والمسلحون لا يزالون يتبادلون إطلاق النيران وحوصر اكثر من 100 شخص داخل فندق تاج محل وهو أحد فندقين من فنادق الخمس نجوم ويقبل عليه السياح ورجال الأعمال الغربيون الذين استهدفوا في الهجوم.
وأعلن مسؤولو أمن هنود أن العمليات الرامية الى إخراج المتشددين المتحصنين في فندق تاج محل بمدينة مومباي انتهت وان ثلاثة اسلاميين مسلحين على الأقل قتلوا. وأغلقت السلطات الهندية أسواق الأسهم والسندات والصرف الأجنبي والمدارس وبذل الأجانب المذعورون الذين كانوا موجودين اما لقضاء اجازات او في مهام عمل قصارى جهدهم للفرار مما جعل العاصمة التجارية للهند اشبه بمنطقة حرب يسودها التوتر. وقال هنري ولكنسون كبير المحللين بمؤسسة جانوسيان لإدارة المخاطر الأمنية \"يستطيع رجال مسلحون بأسلحة آلية أن يلحقوا الخراب وأن يحافظوا على استمرار الوضع لفترة أطول كثيرا.\" وأضاف \"سواء كان هذا مقصودا ام لا فإنه يخلق دراما ممتدة اكثر إثارة للرعب بكثير.\" ونظرا لجرأة الهجوم ومستوى التخطيط العالي وحقيقة أن الأجانب استهدفوا على وجه الخصوص يعتقد متخصصون أن من المرجح أن يكونوا قد استلهموا الهجوم بدرجة ما من جماعات خارجية متحالفة مع القاعدة مثل جماعة عسكر طيبة ومقرها باكستان او أن يكونوا على صلة بها. ويشيرون الى أن التكتيكات مختلفة عن الهجمات الاكثر شيوعا التي وقعت بعد 11 سبتمبر التي شهدها العراق وافغانستان لكنها ما زالت تحمل نفس العلامات المميزة.
وأضاف ولكنسون \"من المثير للاهتمام أنهم لم يلجأوا الى استخدام سيارات ملغومة فقد كان هجوما مسلحا مباشرا على مدينة… يعيد هذا للأذهان الهجمات التي وقعت في السعودية عام 2003 حين تجول مسلحون محاولين العثور على غربيين وقتلهم.\"
وركز ولكنسون على مسألة أن مسلحي مومباي فيما يبدو استخدموا البنادق والقنابل اليدوية فحسب مما منحهم المزيد من القدرة على التحرك والتفرغ لاحتجاز الرهائن. وأضاف \"أتصور أن استخدام البنادق والقنابل اليدوية كان اختيارا متعمدا… مستوى التخطيط والتدريب الذي يجب أن يكون قد تم الخضوع له لتنفيذ هجوم من هذا النوع مثير للإعجاب.\" وتابع أن من الممكن تنفيذ هجوم من هذا النوع في اي مكان بالعالم مما يجعل المدن في اوروبا والولايات المتحدة عرضة للهجوم حتى وإن كان من المستبعد أن يأتي بنتيجة مماثلة. وفي لندن عام 2005 قتل أربعة انتحاريين 52 شخصا في شبكة المواصلات العامة مما أصاب المدينة بالشلل. ويسلط الهجومان الضوء على مدى صعوبة أن تحمي الدول الديمقراطية نفسها من هذه الهجمات دون إجراءات أمنية صارمة وأجهزة مخابرات قوية. وأضاف \"لا أرى اي سبب اذا كانت هناك جماعة إرهابية لديها القدرة… فلا يمكن استبعاد حدوث هجمات مثل هذه في اوروبا او الولايات المتحدة.\" ومن بين الميزات التي تتمتع بها السلطات الهندية واي جهاز مخابرات استدعي للمساعدة في التحقيق في هجمات مومباي هو أنه وردت أنباء عن إلقاء القبض على تسعة مسلحين على الأقل. وفي حادث تفجير انتحاري يستطيع الأطباء الشرعيون مساعدة المحققين في الوصول الى الكثير من المعلومات. وفي هذه الحالة يرجح ان يكشف المعتقلون معلومات مخابراتية اكثر بكثير بشأن من الذي خطط للهجوم. وقال ولكنسون \"مسألة أنه تم إلقاء القبض على بعض منهم مهمة للغاية… أعتقد أن معلومات أخرى كثيرة بشأن هذه الهجمات ومن الذي يقف وراءها ستبدو ظاهرة للعيان.\"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *