من هو الأب؟ … سؤال تم طرحه على طلاب الماجستير وكانت الإجابات جميلة، ومنها إجابات عادية، ولكن أفضل ما ذكره المحاضر، حيث قال:
الأب.. تلبس حذاءه فتتعثر من كبره لصغر قدمك، تلبس نظارته تشعر بالعظمة، تلبس قميصه فتشعر بالوقار، تطلبه مفتاح سيارته وتحلم أنك هو وأنك تقودها، يخطر في بالك شيء تافه فتتصل عليه وقت عمله، يرد ويتقبلك بكل صدر رحب ولا تعلم ربما مديره وبخه أو زميله ضايقه أو مصاريفكم أثقلته.
واليوم لا تلبس حذاءه بسبب ذوقه القديم، تحتقر ملابسه وأغراضه وسيارته التي كنت تتباهى بها أمام أصحابك؛ لأنها لا تروق لك، وكلامه لا يلائمك، وحركاته تشعرك بالاشمئزاز ويصيبك الإحراج منه لو رآه أصحابك!
تتأخر فيقلق عليك ويتصل بك فتشعر بأنه يضايقك وقد لا ترد عليه إذا كرر الاتصال، تعود للبيت متأخراً فيوبخك ليشعرك بالمسئولية فتغضب.. ويستمر في مشوار تربيتك؛ لأنه راع وكل راع مسئول عن رعيته.
ترفع صوتك عليه وتضايقه بكلامك وردودك فيسكت ليس خوفاً منك بل من حبه وتسامحه معك! وقدرة استيعابه لك.
بالأمس في شبابه يرفعك على كتفه، واليوم أنت أطول منه بكثير، فلا تحاول أن تمسك بيده.
بالأمس تتعثر في الكلام وتخطئ في الأحرف واليوم لا يسكتك أحد، فهل نسيت أنه مهما ضايقك فهو والدك؟
كما تحمّلك في طفولتك فتحمّله في مرضه وشيخوخته، وأحسن إليه… فغيرك يتمنى رؤيته من جديد
سألوني أي رجل تحب؟
فـقلت: من انتظرني تسعه أشهر واستقبلني بفرحته، ورباني على حسابه وحساب صحته، فسهر الليالي يفكر ويدبر حتى أصبحت رجلاً، هو الذي سيبقى أعظم حـب بقلبي للأبد، عذراً لـجميع الرجال فـلا أحد يشبه الأب.
من صفحة \"قلب جدة\"