شاكر عبدالعزيز ..
تحدثت في مقال سابق عن “صحافة الزمن الجميل” قبل أكثر من أربعين عاماً من الآن ودعوني اليوم أسرد بعض الأوراق الصحفية التي مازالت عالقة بالذهن – كانت – الصحافة المصرية في هذا الوقت تموج بالعديد من التيارات الأخوان (مصطفى وعلي أمين) يقودان مؤسسة أخبار اليوم وكان التقليد المتبع في هذه المؤسسة الصحفية هو تعيين الأول من قسم الصحافة من الرجال والأولى من قسم الصحافة من النساء وظهرت اسماء مرموقة في العمل الصحفي في هذه المؤسسة الكبيرة منهم الصحافية الدبلوماسية (مها عبدالفتاح) التي مازالت تكتب حتى اليوم وكمال عبدالرؤوف الذي عمل في القسم الخارجي والترجمة الصحفية وجلال دويدار وإبراهيم سعده وجلال طنطاوي وسناء البيسي وسامي جوهر وكان مايسترو أخبار اليوم هو الصحفي اللامع موسى صبري الذي حقق ضربات صحفية مشهورة لدرحة أنه دخل مرة من لبنان إلى سوريا وهو متخفي وسط شاحنة لنقل الخضار والفاكهة وكتب عن سوريا في ظل الانقلابات التي تعرضت لها في الستينات أما الكاتب الشهير أنيس منصور فقد وفرت له أخبار اليوم تكاليف رحلته الشهيرة (حول العالم في 200 يوم).
كان قسم التصوير الصحفي في أخبار اليوم قسما عملاقا يضم الاخوين محمد يوسف وأحمد يوسف,ومحمد رشوان المصور الذي اغتيل في حادث المنصة للرئيس الراحل محمد أنور السادات وكان المصور الشبل في هذه الفترة هو فاروق إبراهيم الذي أصبح فيما بعد واحداً من أشهر المصورين الصحفيين في مصر وعمل مع الرئيس مبارك وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وسجل الصورة الشهيرة (لحظة القبض على مصطفى أمين) واقتياده إلى السجن لمدة 9 سنوات بتهمة التخابر لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
أخبار اليوم خرجت أشهر محررة دبلوماسية وهي “مريم روبين” التي أجرت العديد من المقابلات الصحفية مع رؤساء الدول ورؤساء الوزراء وعدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء السعوديين.
أخبار – اليوم – المدرسة – كانت مفرخّة لصقل المواهب الصحفية وتعليم صغار الصحفيين وكان التخصص هو السمة التي اشتهرت بها الصحافة المصرية التي قدمت الصحفي الشهير (عبدالعاطي حامد) الذي عمل في وظيفة الشيخ (عطعوط) وهو شيخ معمعم مزيف يقدم (أحجبة) للمرضى نتيجة مبالغ مالية وعمل أيضا (طبيبا مزيفا) في مستشفى قصر العيني الشهير بمصر وكان آخر أعماله الخطرة (صبي لدى عصابة لترويج المخدرات) والذي أدى هذا التحقيق الصحفي إلى القبض على عصابة ترويج المخدرات وأرسلت العصابة من ينتظره قرب مستشفى الجلاء على مدخل شارع الصحافة في مصر ليضربوا الصحفي عبدالعاطي حامد (علقة موت) نقل على اثرها إلى المستشفى وعالجه الأستاذ مصطفى أمين وزاد راتبه نتيجة التحقيق الصحفي الشجاع الذي قام به وكاد يفقد حياته بسببه.
ومرت أخبار اليوم بعواصف كثيرة دخل مصطفى امين السجن وجاء إلى أخبار اليوم أمين شاكر وهو ضابط من الرئاسة وحل بها أيضا الأديب الكبير يوسف السباعي والأديب الكبير إحسان عبدالقدوس وبعدهما الأديب اللامع أحمد بهاء الدين إلى أن جاءها العهد الماركسي الشيوعي ليتولى رئاسة أخبار اليوم لفترة الكاتب والأديب المعروف محمود أمين العالم الذي استطاع أن يضع كل خريجي السجون المصرية من الصحفيين والكتاب المصريين الشيوعيين في مناصب قيادية في أخبار اليوم ومنهم الكاتب الشهير (صلاح حافظ) والكاتب (فيليب جلاب) والرسام (زهدي) والرسام حجازي وأخبار اليوم في هذا الوقت كانت تموج فيها الكثير من التيارات بينما الكاتب الشهير محمد حسنين هيكل الصديق المباشر للرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذي انتقل من مجلة آخر ساعة المصرية التي تصدرها مؤسسة أخبار اليوم إلى الأهرام يقود سفينة الأهرام الصحفية دون منازع لتحقق كل يوم أو أسبوع “ضربات صحفية” لا يمكن أن تنسى.