واشنطن – فرانس برس
يأتي كشف 3 أجهزة أمنية في أوروبا عن محاولة النظام الإيراني تفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس كأحدث حلقة في مسلسل العمليات الإرهابية المباشرة لنظام الملالي. وبينما أنكرت طهران كالعادة ضلوعها في المخطط، تكشف الوثائق تاريخا من الإرهاب الإيراني الخارجي. وأكدت وسائل إعلام فرنسية أن باريس تشن حملة تطهير لاقتلاع الإرهاب الإيراني من البلاد، وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن باريس اتخذت خطوة جريئة وضرورية لاقتلاع الإرهاب الإيراني من البلاد، وذلك بإصدار قرار تجميد أصول عملاء من الاستخبارات الإيرانية، وإغلاق مركز “الزهراء” المقرب من إيران ويمتدح مليشيا حزب الله الإرهابية بلبنان. كما يروج المركز للمليشيات التي تمولها إيران في الدول العربية، فضلاً عن تحريضه على العنف والتطرف.
وأوضحت “لوموند” أن “باريس تتهم أجهزة المخابرات الإيرانية بالتآمر لتنفيذ هجوم إرهابي على مؤتمر المعارضة الإيرانية في مدينة فيلبينت الفرنسية”، مشيرة إلى أن قرار باريس “جاء استناداً على تحقيقات ومعلومات”، مؤكدة أن طهران خلف المخطط الإرهابي الذي استهدف تجمعاً للمعارضة الإيرانية في فرنسا، يونيو الماضي.
وبموازاة ذلك، داهمت الشرطة الفرنسية، امس الأول مركز “الزهراء فرنسا” الموالي لإيران ويقع في مدينة “جراند سينت” الفرنسية (شمال).
ووصفت “لوموند” المركز بـ”بؤرة متطرفة”، فيما اعتقلت السلطات الفرنسية 11 إيرانياً في إطار حملتها لمكافحة الإرهاب.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي، لم تسمه، قوله: “إن عملية المداهمات والاعتقالات ومصادرة الأموال، جاءت بعد تحقيقات وتحريات دقيقة استقصائية مفصلة، ومؤكدة لا غموض فيها”، موضحة أن “نائب وزير المخابرات الإيراني سعيد هاشمي موجادام، خطط لمؤامرة هجوم إرهابي على تجمع للمعارضة الإيرانية في فيلبينت بقرب باريس، في 30 يونيو الماضي”.
وشدد الدبلوماسي الفرنسي على أن تلك الأفعال “غير مقبولة”، وأن “فرنسا لا تستطيع التسامح في أي تهديد لهذا النظام (الإيراني) يمس أراضيها وأمنها القومي”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر قضائي قريب من الملف، إن “حملة المداهمات إشارة فرنسية لإيران بأنها في مرمى الاستخبارات الفرنسية، وإن حملة الترويج للإرهاب والتحريض على العنف التي تبثها إيران عبر مؤسساتها باتت مفضوحة”.
رأت مجلة “لوبوان” الفرنسية أن تلك الإجراءات تكشف العلاقة المتوترة بين باريس وطهران، بعد انتهاك السيادة الفرنسية والتخطيط لهجوم إرهابي على أراضيها.
ولفتت المجلة إلى البيان الثلاثي الفرنسي المشترك بين وزير الداخلية جيرارد كولومب، والخارجية جون إيف لودريان، والاقتصاد برونو لومير، إذ أشار إلى أن “هذه الواقعة في غاية الخطورة على أرضنا لا يمكن أن تبقى دون رد”. فيما أكد لودريان أن “ما فعلته طهران يتطلب مراجعة علاقتنا بإيران”.
بدورها، أشارت صحيفة “لوريان لوجور” اللبنانية الناطقة بالفرنسية، إلى استهداف السلطات الفرنسية المصالح الإيرانية في فرنسا، لافتة إلى عملية المداهمة التي قامت بها الشرطة شمال البلاد، موضحة أن “200 من عناصر قوات الأمن الفرنسية، احتشدوا لمحاصرة مركز (الزهراء فرنسا)، الذي يضم مجموعة من المراكز الثقافية التي لها أنشطة ترويجية للسياسة الإيرانية منها الفيدرالية الشيعية في فرنسا، والحزب ضد الصهيونية، كما اعتقلت نحو 11 شخصاً، وأجرت عمليات تفتيش لمنازل زعماء المركز الرئيسيين”.
وأضافت الصحيفة أن هذه المؤسسات تتهمها السلطات الفرنسية بالتبرير للحركات التي تصنفها البلاد كمنظمات إرهابية، مثل “حزب الله” ومنظمات أخرى “تدعمها إيران”.
الى ذلك أشادت الولايات المتحدة، برد الفعل “القوي” الذي أقدمت عليه باريس بفرضها عقوبات على مصالح ايرانية في فرنسا واتهامها علانية وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتخطيط لشن اعتداء ضد تجمع لمعارضين إيرانيين قرب باريس في يونيو الماضي.
وقال مجلس الأمن القومي الأميركي في تغريدة على “تويتر”، إن ” فرنسا تتّخذ قرارات قوية ردّاً على الهجوم الإرهابي الإيراني الفاشل في باريس”.
وأضاف “يجب على طهران أن تعرف أن هذا السلوك الفاضح لن يتم التساهل معه”.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت للصحافيين، إن المخطّط الذي كشفت باريس تفاصيله يثبت أن إيران هي “الراعي الأول للإرهاب في العالم”.
وفى سياق منفصل واصلت طهرات سياسة الاغتيالات في العراق، خاصة في مدينة البصرة المنتفضة ضد تدخلات الملالي، في الوقت الذي كشف فيه مسؤول أمني عراقي عن ضلوع الوحدة 400 بفيلق القدس الإيراني في تنفيذ عمليات الاغتيال.
وكشف مسؤول أمني عراقي عن أن “فيلق القدس ووزارة الاطلاعات الإيرانية شكلتا وحدة من عناصر المليشيات الإيرانية في العراق مهمتها اغتيال الناشطين والصحفيين وتصفية الضباط الوطنيين والشخصيات الثقافية والفنية العراقية التي تعدها طهران خطرا على نفوذها”.
وشهدت بغداد الأسبوع الماضي مقتل وصيفة ملكة جمال العراق السابقة تارة فارس بـ3 طلقات نارية في سيارتها بمنطقة كمب سارة.
وتأتي عملية اغتيال تارة فارس ضمن سلسلة اغتيالات استهدفت نساء ناشطات، ففي أغسطس الماضي لقيت مديرتا أبرز مركزي تجميل في بغداد حتفيهما، الأولى هي الدكتورة رفيف الياسري، صاحبة مركز باربي، والأخرى هي رشا الحسن، صاحبة مركز فيولا.
قال مسؤول أمني عراقي، فضل عدم ذكر اسمه خشية تعرضه للتصفية على يد المليشيات الإيرانية، في حديثه لوسائل اعلام عراقية إن “هناك وجودا مكثفا لضباط فيلق القدس في العراق، خصوصا الوحدة ٤٠٠ المسؤولة عن الاغتيالات والمهمات الإرهابية الخاصة خارج الحدود الإيرانية”.
ولفت إلى أن “الوحدة ٤٠٠ يقودها العقيد حامد عبداللهيان الذي كان قائدا لمليشيا الحرس الثوري في إقليم بلوشستان شرق إيران، ويرافق عبداللهيان الإرهابي قاسم سليماني في غالبية جولاته في العراق وسوريا واليمن”، مبينا أن “الوحدة تنفذ خطة سليماني لتصفية الشخصيات العراقية المناهضة للمشروع الإيراني؛ كي تتمكن طهران من فرض نظام ولاية الفقيه على العراق بشكل كامل”.
ولم يكن موت 7 من قادة وضباط جهاز مكافحة الإرهاب في العراق (اللواء فاضل برواري، والمقدم عامر رمضان، والعميد عبدالأمير الخزرجي، والنقيب عقيل غانم الزيرجاوي، والرائد فؤاد الربيعي، والرائد فراس البلداوي، والعقيد رعد سحاب جاسم النداوي) خلال سبتمبر الماضي بشكل متتالٍ حالات وفاة طبيعية، فمعلومات المسؤول الأمني تشير إلى أنهم “قتلوا جميعا”.
وأضاف أن “أسباب وفاتهم جميعا سجلت في خانة السكتة القلبية والمرض والانتحار وحوادث السيارات”، مؤكدا أن “الوحدة ٤٠٠ الإيرانية هي التي اغتالتهم بالتنسيق مع المليشيات، وبأمر من سليماني كجزء من الحرب التي تخوضها طهران ضد الولايات المتحدة وحلفائها في العراق وفي المنطقة”، في إشارة منه إلى دور جهاز مكافحة الإرهاب في العراق الذي “يعد واحداً من بين أقوى الأجهزة الأمنية في المنطقة، ويتألف من ضباط غير تابعين لإيران ومليشياتها، وتشرف القوات الأمريكية على تدريب أفراد هذه القوة وتسليحهم بأحدث الأسلحة، وقد أدى الجهاز دورا بارزا في معارك تحرير الموصل والمدن العراقية الأخرى من تنظيم داعش”.
وتابع: “الوحدة ٤٠٠ نفذت عمليات اغتيال الناشطين في البصرة خلال المظاهرات التي شهدتها المدينة، وبعد المظاهرات أيضا”، موضحا: “عقب إحراق المتظاهرين للقنصلية الإيرانية ومقرات الأحزاب والمليشيات التابعة لإيران في البصرة، شن فيلق القدس وعناصر الاطلاعات الإيرانية بالتنسيق مع مسلحي المليشيات حملة اعتقالات واسعة لا تزال مستمرة وطالت العشرات من شباب البصرة وناشطيها الذين تم نقلهم فورا إلى إيران ليزج بهم في سجون الاطلاعات التي تحقق معهم ولا يزال مصيرهم مجهولا”.
ثم ان الاغتيالات التي يشهدها العراق اليوم هي نسخة من الحملات الدموية التي يواصل نظام ولاية الفقيه شنها ضد الإيرانيين وشعوب المنطقة منذ تولي الخميني الحكم عام ١٩٧٩ وهي مستمرة حتى الآن بقيادة خليفته علي خامنئي.
ووفقا لمراقبين، فالنظام الإيراني يعد الصحفيين والمثقفين والناشطين والفنانين والرموز الوطنيين في العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط خاصة جزءا من الغزو الثقافي الأمريكي، ولأنه نظام إرهابي يلجأ إلى تنفيذ عمليات اغتيال وتصفية في صفوف هذه الفئات التي تشكل خطرا على المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.
ويسيطر فيلق القدس والاطلاعات الإيرانية على مفاصل الدولة العراقية، عبر عديد من المؤسسات الاستخباراتية التي تنفذ عملياتها تحت غطاء الشركات التجارية والمؤسسات الخيرية.
وتنفذ هذه المؤسسات العمليات الإرهابية والاغتيالات إلى جانب تجنيد الشباب في العراق، ومنها “مؤسسة الإمام السجاد في كربلاء، ومؤسسة الإمام المهدي في بغداد، ومؤسسة المدينة المنورة في بغداد وأفرعها في المدن العراقية الأخرى، وشركة الرافدين للسياحة والسفر”.
كما تضم قائمة المؤسسات المذكورة “مصرف ملي ومؤسسة الكوثر والهلال الأحمر الإيراني ولجنة الإمام للإغاثة ومركز الخميني الثقافي والرياضي في كركوك ومؤسسة إعادة إعمار بناء العتبات المقدسة، ومؤسسة بارسيان الخضراء، ومنظمة الحوار الإنساني الإسلامي التي يديرها رجل الدين الشيعي جلال الدين الصغير، ومؤسسة النخيل التابعة لمليشيا حزب الله العراق”.