جدة

معالم وذكريات (5).. زقاق التمار.. في العيدروس

د . زامـل عبدالله شعـراوي

من تفاصيل مدينة السحر والجمال ” جدة الفاتنة ” والتي هي ايضاً نخلة قلب كل جداوي بل هي زهور العمر وبوابة بحرها الذي يمتد لبيوتها العريقة ذات التاريخ الضارب في عمق التاريخ ذاته .
وما” النخلة ” إلا صنو لهذه المدينة الاسرة التي تعتبر ملتقى التجارة بكل تفرعاتها ومن هذا التنوع التجاري .. نتعرف اليوم عن زقاق التمار بالعيدروس أحد أشهر أسواق التمور في جدة والذي يقع في قلب جدة التاريخية .
التمور من الأغذية الشعبية الاقتصادية والمفيدة فقد احتلت من قديم الزمن منزلة خاصة في نفوس المسلمين بصفة عامة ونفوس أبناء الجزيزة العربية بصفة خاصة .. وكان يوجد في مدينة جدة قديماً سوق قديم للتمور يعد من أقدم الأسواق التي كانت موجودة منذ القدم في جدة بل هو أشهرها ومخصصاً لبيع التمور بكافة أنواعها وأشكالها .
يقع السوق في طرف ” جدة القديمة ” وتحديداً بجوار باب مكة بالعيدورس وبزقاق يسمى ” زقاق التمار ” المتفرع من شارع العيدروس وسبب تسمية الزقاق بهذا الاسم نسبة الى السوق الذي يقع بهذا الزقاق وهو سوق التمور ويرجع تاريخ هذا السوق الى ماقبل 70 سنة تقربياً وكان عبارة عن (عشش ) صغيرة لبيع التمور التي كانت تصل الى جدة من مناطق المملكة المختلفة الإحساء ، والقصيم ، والمدينة المنورة حيث كانت تصل لها محملة على ظهور الجمال من تلك المناطق البعيدة حتى تصل الى جـدة بعد طول سفر .
وتطور الأمر فأصبحت بعد ذلك تصل بواسطة سيارات في صناديق خشبية ، والتمور أنواع وأصناف مثل الخلاص ، والشبيبي ، والسكري ولكل نوع زبائنه ، وكان للسوق قديماً مواسم يشهد حركة متزايدة ولا زالت موجودة حتى الآن خاصة في شهر رجب وشعبان والربع الأول من شهر رمضان المبارك ويزيد أقبال الناس على شراء التمور في هذه الفترة ، ونظراً لهجرة معظم سكان جدة القديمة الى ناحية الشرق والشمال فقد أنخفض عدد زائري السوق وبالتالي وانخفضت المبيعات عما كانت عليه سابقاً ولكن يوجد بعض الزبائن من أهالي جدة القديمة لا زالوا يأتوا الى هذا السوق لشراء التمور .
وبالنسبة لسعر الكيلو كان أقل بكثير عما عليه الآن والأسعار متفاوته حسب أنواعها ، ويزداد الإقبال على شراء التمور بقرب حلول شهر رمضان المبارك بالنسبة لأهالي جدة وفي شهر الحج بالنسبة لحجاج بيت الله الحرام يزيد الأقبال على شراء التمور أما في باقي شهور السنة تكون الحركة إعتيادية في هذا السوق العتيق .
ومن خلال التطور الذي شهدته مدينة جدة أدى الى تطور الأسواق بشكل عام وسوق التمور بشكل خاص فقد أزدات محلات بيع التمور وأصبحت الأن شركات ومؤسسات كبيرة متخصصة لبيع التمور منتشرة في جميع أنحاء جدة على كافة أنواعها وأشكالها وبالتالي زاد سعر كيلو التمر الذي كان يترواح مابين ريال وريالين للأوقية قديماً بينما الان أصبح سعر الكيلو يتراوح مابين 30 -150 ريال للكيلو الواحد حسب نوع التمر وحسب موقع المحل .
وقد أختلف السوق كثيراً عما كان عليه بالماضي من حيث عدد المحلات وأنواع التمور التي أصبحت كثيرة ومتنوعة بكل شكل ولون بالشكولاته والفستق واللوز ومتوفرة بكثرة بفضل التطور التي شهدته المملكة ، وكان في فصل الشتاء يزداد الأقبال على التمور وذلك بسبب وجود عادة قديمة لأهالي جدة وهي عمل أكلة تسمى ( بالعريكة ) وهي مكونة من الدخن والتمر والسمن البلدي .
والآن أصبح الإقبال على شراء التمور بالسوق ضعيفاً نسبة لما كان عليه في السابق ويعود ذلك لتغير بعض العادات والتقاليد التي كانت سائدة قديماً وأتساع رقعة مدينة جـدة التي تغير فيها كل شيء كمدينة حضارية حديثة تحاكي وتواكب الحضارة من حولها.
همسة :
” قديمك نديمك ولو الجديد أغناك ”
@zamelshaarawi

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *