دولية

مراقبون يصفون لقاءه الأخير بـ”المفصلي” .. الحريري يحدد بوصلة لبنان … ويخرس(حزب اللات)

جدة ــ وكالات
حدد رئيس وزراء لبنان المستقيل، سعد الحريري، ما عده ساسة ومراقبون أفقا سياسيا جديدا عنوانه “النأي بالنفس عن التدخل في صراعات إقليمية”، ما يلقي بالكرة في ملعب الرئيس اللبناني ميشيل عون المطالب، حسب هؤلاء، بضمان التزام مليشيا حزب الله الموالية لإيران بالكف عن أن تكون مخلب إيران في المنطقة.
وبعد خطابيه “الملتبسين”، لن يعود زعيم مليشيا حزب الله اللبنانية حسن نصر الله، على الأرجح بخطاب ثالث، ليكرر فيه اتهامه للرياض باحتجاز رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، الذي ظهر، بمنصة لبنانية، لتكذيب وفضح الوكيل الإيراني في بلاده.
وكان الحريري قد أطل، امس الاول على شاشة تلفزيون المستقبل، مفندا مزاعم سعي مليشيا حزب الله ومن خلفه طهران، ومؤكدا أن أول دولة تريد استقرار ومصلحة لبنان هي السعودية.
ووصف المراقبون والساسة اللقاء الذي أجراه الحريري في بث حي مع المستقبل اللبنانية، بـ”المتوازن”، معتبرين أن اللقاء كرّس الحريري كرجل التسوية اللبنانية في المرحلة المقبلة، بمظلة عربية، بعيدا عن أي تدخلات إقليمية، ومشروطة بوقف تهديدات حزب الله في الداخل اللبناني والمحيط العربي.
وقال رئيس الموقع الإلكتروني الرسمي لتيار المستقبل، عبد الله بارودي، إن “هذه المقابلة هي طلب العودة إلى بيروت، واستكمال المشوار، ولكن ضمن خطة جديدة أساسها النأي بالنفس؛ لأن المرحلة السابقة لم يكن هناك التزام بالتسوية، و مليشيا حزب الله لم يلتزم بعدم التدخل في الصراعات الإقليمية في اليمن وسوريا”.
وأكد بارودي أن عودة لبنان مستقرا ومتصالحا أمر ممكن فقط مع عودة الحريري إذ تسمح العودة المشروطة بحوار جاد قريبا في لبنان حول كل الأمور، لكن وفق أساس “النأي بالنفس”، حتى تعود العلاقات اللبنانية-العربية إلى طبيعتها، وفي حال عودة الرئيس الحريري لابد أن يدعو الرئيس عون كل الفرقاء من أجل صيغة جديدة لتسوية بوصلتها إبعاد لبنان عن الحريق المندلع في المنطقة العربية.
ولفت بارودي، الى أن ظهور الحريري على شاشة المستقبل أخرس كل من حاول أن يشيع وضعه تحت الإقامة الجبرية، أو توتر في العلاقة بين المملكة ولبنان.
أستاذ الإعلام بجامعة الإمام سعود الدكتور سعيد عبد الله، أشار أيضا إلى “الصدمة الإيجابية” التي أحدثتها استقالة الحريري، معتبرا أنها سحبت البساط من تحت أقدام مليشيا حزب الله، ورفعت عنه غطاء الشرعية التي كانت تعطيه القوة للحديث أمام المجتمع الدولي؛ الأمر الذي يتيح للبنان الانسحاب من ساحات قتال خارجية تورط فيها شريك في الحكومة، لافتا إلى أن تسمية سفير لبناني في سوريا كان أمرا غير مرغوب فيه من جانب جميع القوى لكنه فُرض عليهم فرضا.
وأكد أستاذ الإعلام أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن استقالة الحريري قد أسقطت ورقة التوت الأخيرة التي كان الحزب الجنوبي يتستر بها أمام العالم ليقف الآن في الشارع اللبناني كحركة سياسية مثل غيرها من القوى اللبنانية إما أن يقبله الشعب أو يلفظه دون أي ضغوط.
في السياق ذاته، قال الكاتب الصحفي علي الشديد، إن الرئيس سعد الحريري أدار معركته السياسية بكفاءة عالية واقتدار لا مثيل له وأثبت أنه سياسي من الطراز الأول؛ فهو لم يقبل أن يكون رئيسا لحكومة ناقصة السيادة فاتخذ قراره الأجرأ ووقف بمفرده أمام مليشيا حزب الله في محاولة لاستعادة لبنان المختطفة من محور الإيراني دون أن يقحم في أي فصيل آخر أو يُملي عليه توجه بعينه.
المفارقة أن الحريري أرجع استقالته لاختطاف حزب الله، وبتحريض إيراني، للبنان، ما شلّ حركة الدولة، وجعلها في تضاد مع محيطها العربي.
وأثار نصر الله سخرية المراقبين الذين أكدوا أن دوافع حملته الدعائية ضد المملكة ، ليست حرصا منه على من وصفه بـ”رئيس وزرائنا”، بل حرصا على جماعته التي يدرك أنها ترزح اليوم، تحت التهديد الوجودي، أكثر من أي وقت مضى.
ولفهم طبيعة هذا التهديد، تجدر العودة إلى مقابلة الحريري مع قناة المستقبل، إذ قال إنه تردد كثيرا في قرار الاستقالة بسبب المخاوف من عقوبات اقتصادية على بلاده
وتقول الصحفية والباحثة اللبنانية حنين غدار، إن حزب الله “أصبح مكشوفا الآن، من دون وجود حكومة ائتلافية تُضفي طابع الشرعية على أنشطته المحلية والإقليمية
ويُدرك قادة حزب الله، طبقا لمقالة نشرتها غدار في موقع “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، أنهم “بحاجة إلى غطاء الحكومة؛ لمواجهة عقوبات دولية جديدة محتملة”.
وترى غدار، أن ما يواجهه حزب الله ليس سوى الثمن الذي كان يجهل أنه سيدفعه، نظير تورطه في الحرب السورية، لإنقاذ نظام بشار الأسد، المتخندق معه في الحلف الإيراني.
فبعد سنوات من التباهي بأنه حائط الصد الأول، قبالة الاحتلال الإسرائيلي، وجد الحزب شعبيته تتآكل، وهو يدير ظهره لهضبة الجولان المغتصبة، ليقصف مدنيين، لأنهم ثاروا ضد دكتاتور يتلذذ بقتلهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *