غزة ــ وكالات
لم تألُ قطر جهداً في خدمة الاجندة الإسرائيلية، اذ لم تكن المساعدات القطرية للفلسطينيين سوى غطاء يختبئ خلفه تدخل في شؤونهم وزرع فتنة كبرى تشتت ويبعثر وحدتهم، الأمر الذي تجلى في الانقسام التاريخي بين حركتي فتح وحماس، والذي لا يزال الفلسطينيون يدفعون ثمنه باهظاً من جراء ما قاد إليه من انقسامات وويلات حروب.
وعملت قطر على تعزيز الانقسام الفلسطيني بكل ما تملك من أدوات تخريب من دعم مالي وسياسي ومعنوي، وتسخير منبرها الإعلامي الجزيرة لنقل الصورة التي يراد لها ان تكون القراءة الوحيدة للواقع الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى تشظي القيادة الشرعية وتفجر الاشتباكات بين طرفي الانقسام، مساهمة في طرد قوى السلطة الشرعية عبر دم أريق وأرواح أزهقت. وخرجت العلاقات القطرية الإسرائيلية إلى العلن في الفترة الأخيرة، في إطار سعي الدوحة الحصول على دعم إسرائيلي ضد الاتهامات الدولية لها بتمويل الإرهاب. وتأكيدا على هذا الدور المشبوه دافع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قراره السماح لقطر بتسليم قطاع غزة 15 مليون دولار لدفع متأخرات رواتب موظفي الدوائر الحكومية فيه، زاعما أن هذه الأموال ستخفض من حدة التوتر وتحول دون وقوع أزمة إنسانية.
ووصل السفير القطري محمد العمادي إلى قطاع غزة، الخميس، من الجانب الإسرائيلي عبر معبر بيت حانون (إيريز) حاملا 3 حقائب كانت في المقعد الخلفي للسيارة التي كان يستقلها، قبل أن يتعرض موكبه للرشق بالحجارة والأحذية من قبل الفلسطينيين المشاركين في مسيرات الجمعة، خلال زيارته مخيم العودة شرق غزة.
وقال نتنياهو: “إنني أقوم بما في وسعي بالتنسيق مع العناصر الأمنية لإعادة الهدوء إلى بلدات الجنوب”، مشيرا إلى أن “الهيئات الأمنية الإسرائيلية تؤيد هذه الخطوة وقد صادق عليها وزراء الحكومة الأمنية”.
ويعد حدثا استثنائيا أن تسمح إسرائيل التي تسيطر على كل معابر القطاع ما عدا معبر رفح بتمرير الأموال التي نقلت على شكل أوراق نقدية في حقائب، وفق ما أفاد مصدر في الجانب الفلسطيني من المعبر.
لكن مسؤولا في منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله انتقد دخول أموال قطرية إلى قطاع غزة دون المرور عبر السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، مؤكدا أن القيادة لم توافق عليها.
وقاطع 11 فصيلا فلسطينيا لقاء السفير القطري محمد العمادي، الذي عقده مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي وعدد من الفصائل الصغيرة الموالية لهما، لتوجه له صفعة ثانية بعد طرده من وسط المتظاهرين شرق غزة، احتجاجا على ما وُصِف بالدور التخريبي لقطر. ثم ان جوله السفير القطري، محمد العمادي، في شوارع قطاع غزة تخللها سلسلة فضائح، كان آخرها فيديو أثار غضبا في الشارع الفلسطيني.
وتداول ناشطون فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للعمادي، خلال جولة على الشريط الأمني، وهو يأمر عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية بالحفاظ على التهدئة على الحدود.
وكان العمادي قد تلقى صفعة في الجولة نفسها، حين رشق متظاهرون فلسطينيون موكبه بالحجارة، خلال زيارته إلى مخيم العودة للمشاركة في مسيرات العودة، على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.
وفي الفيديو الجديد، يقترب العمادي من الحية هامسا له “نبي تهدئة اليوم” وهو يربت على كتفه، قبل أن يرد الثاني “ماشي”، في حديث اعتبره ناشطون أمر عمليات قطري-إسرائيلي لحماس مقابل الأموال. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية كشفت أن العمادي أدخل، الخميس، 15 مليون دولار لحماس عبر إسرائيل، الأمر الذي أثار غضبا شعبيا تمثل برشق موكبه بالحجارة وسخطا من قبل الفصائل الأخرى.
وقاطعت غالبية الفصائل الفلسطينية في غزة اجتماعا كان مقررا، مع العمادي، وذلك بسبب “الفضيحة الوطنية”، في إشارة إلى إدخال الأموال القطرية تحت رعاية إسرائيل.
وقال القيادي في الجبهة الشعبية، كايد الغول، إن إدخال الأموال القطرية “يأتي في إطار مخطط ليس بعيدا عن توجيهات أميركية إسرائيلية طلبت من قطر أن تقدم هذا الدعم لتحقيق أغراض سياسية”.
وشدد على أنه ينبغي إعطاء الأولوية للمصالحة بأسرع وقت ممكن، وفقما أوردت وسائل إعلام فلسطينية. أما الأمين العام لحزب الشعب، بسام الصالحي، فاعتبر أن إدخال الأموال القطرية عبر إسرائيل يمثل “فضيحة وطنية”، و”يظهر أن هناك تقاسما وظيفيا بين تل أبيب وقطر وحماس”.
والدفعة المالية التي أدخلها العمادي هي جزء من مبلغ 90 مليون دولار، وعدت قطر بتحويلها إلى حماس لدفع رواتب موظفيها لمدة 6 أشهر، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وتمول الدوحة أنشطة حركة حماس، التي تسيطر بقوة السلاح على القطاع، الذي يعاني فيه نحو 1.5 مليون فلسطيني جراء الانقسام السياسي بين الضفة وغزة.
وكان العمادي، الذي يرأس اللجنة القطرية لإعمار قطاع غزة، قد قال في تصريحات سابقة إنه زار إسرائيل أكثر من 20 مرة منذ عام 2014.
واعترف الدبلوماسي القطري، أن أموال المساعدة التي تقدمها بلاده إلى الفلسطينيين تهدف إلى تجنيب إسرائيل الحرب في غزة، مؤكدا أن التعاون مع إسرائيل، يجنبها تلك الحرب.