حنان العوفي
علمتني الأيام أن ليس كل درس يصلنا عن حكيم عاش تجربة ما في زمنٍ ما ، هي صالحة لكل الناس ، فعندما قال الشافعي:
“يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا ”
لعل السفهاء في عصره أعقل بكثير مما هم عليه الآن ، فلربما إذا رأى تجاهل الآخرين له عاد لنفسه وحاسبها ، ولكن سفهاء هذا العصر لا تنطبق عليهم هذه الأبيات، فأنت إن تجاهلتهم ظن الواحد منهم أنه أسد ويزداد مع التجاهل تضخما وأذى ، حتى تصبح أنت شغله الشاغل ، ويتفنن في اختيار أبشع الألفاظ وأسوأ الأفعال كي ينال منك، وأنت تظن في قرارة نفسك أنك بتجاهلك إياه قد أحرقت دمه استنادا على أبيات شعرية قيلت في عصر لا يشبه عصرنا ، السفهاء في هذا العصر كثروا ، لأننا تجاهلنا حمقهم وأذاهم واعتقدنا أنه بأخلاقنا العالية قد نعطيهم درسا ، وفي الواقع كيف يمكن لسفيه أن يتعلم درسا بلغة لا يفهمها ؟! بل لابد أن توقفه وتخاطبه باللغة التي يفهمها ولا يهم حينها أن يحتار الناس من منكما الأحمق ، يكفي أنك تعرف نفسك جيدا وآراء الناس هي برواز يضعوننا فيه ويطلبون منّا ألا نغادره ، وأرى وليس الحق فيما أرى : أن أحد أهم أسباب تفشي ظاهرة التنمر في مجتمعنا هو سكوتنا عن السفهاء ، عموما بعيدا عن هذا ، يقول رشيد الدهام :
” افتح شبابيك الأمل يدخل النور
على حياتك ، ليه مظلم ويائس ؟!
أنت الذي بيدينك تعيش مسرور
وأنت الذي بيدينك تموت بائس “