طهران ــ وكالات
تتواصل الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن ومحافظات إيرانية لليوم الخامس على التوالي، والمناهضة لسياسات نظام الملالي العدائية، التي أدت إلى انهيار قيمة العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وتردي الأوضاع المعيشية إلى حد غير مسبوق.
وسلطت شبكة “دويتشه فيله” الألمانية في نسختها الفارسية، الضوء على تصريحات أدلى بها عباس جعفري آبادي، المدعي العام الإيراني، محذرا فيها من مواجهة المحتجين بالقوة إلى حد إعدامهم، حيث أشار إلى شن حملة اعتقالات عشوائية؛ بدعوى القبض على من وصفهم بـ”المفسدين”.
وكشف جعفري، أن هناك أوامر صدرت للأجهزة الأمنية في البلاد بالتدخل لقمع تلك الاحتجاجات، تحت زعم تحديد أسباب اندلاعها، قبل أن يلمح إلى أن المحتجين فيما يُعرف إعلاميا بـ”انتفاضة البازار”، أو السوق في إيران، سيواجهون عقوبات قد تصل إلى الإعدام ومصادرة أموالهم، إضافة إلى السجن 20 عاما.
وتتواصل الاحتجاجات بسبب تفشي البطالة، والكساد، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي المطرد منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني في مايو الماضي، فيما اتسعت رقعتها لتخرج من حيز أسواق العاصمة طهران نحو مدن ومحافظات رئيسة أبرزها: أصفهان، وكرج، وقشم، ومشهد، وبندر عباس.
وفي رد فعل شعبي، خصوصا بعد أن رفع المحتجون شعارات بارزة ضد المغامرات العسكرية لنظام الملالي خارج الحدود، حيث هاجمتهم قوى الأمن الداخلى بأعيرة الرصاص في الهواء، والهراوات، والغاز المسيل للدموع، لتفريقهم بالشوارع والساحات العامة، وتفاعل عديد من الإيرانيين عبر عدة هاشتاقات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل “تظاهرات سراسري”، أو احتجاجات في جميع الأرجاء، و”اعتصاب بازار”، أو إضراب السوق وغيرها.
وشارك نشطاء إيرانيون مقاطع مصورة تظهر التعامل الدموي لقوات الأمن الإيرانية مع المحتجين بالشوارع، والاعتداء عليهم، في الوقت الذي طالب فيه عدد منهم بحشد جميع الطبقات والأقليات داخل البلاد ضد سياسات النظام الإيراني القمعية، حيث أظهرت صور كتابات مناهضة للمرشد الإيراني علي خامنئي، على أبواب وجدران محطات المترو في البلاد، وصلت إلى حد وصفه بـ”الديكتاتور”.
وأظهرت مقاطع مصورة تعامل عناصر أمنية بعنف مع المحتجين في الشوارع، حيث انهالوا عليهم ضربا بالهراوات وركلا بالأقدام، إضافة إلى سبهم وتعنيفهم، في الوقت الذي كشفت فيه مقاطع أخرى عن تنظيم أسر المعتقلين تجمعات أمام أبواب معتقل إيفين سيئ الصيت شمال طهران، للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين في تلك الاحتجاجات، ومعرفة مصيرهم وسط تصعيد من السلطات الإيرانية.
وأشارت صحيفة “كيهان” اللندنية، أن المعطيات الجديدة منذ الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في يناير الماضي، تشير إلى أن الطبقة الوسطى التي ينتمي إليها أغلب تجار البازار، وغيرهم من باقي الفئات، باتت عاملا مؤثرا في الحشد والتظاهرات ضد الملالي مؤخرا.
وألمحت الصحيفة، إلى أن هؤلاء التجار كانوا قوة شعبية بارزة ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي، إلى جانب رجال الدين المتشددين، قبل أن ينتهي الأمر بإسقاطه عام 1979، غير أنها أكدت تغير الوضع في الاحتجاجات الحالية التي انطلقت بعفوية وسط قلق شعبي من المستقبل القريب مع تدهور العملة المحلية، معتبرة أن احتجاجات تلك القوة الاجتماعية بمثابة تعبيد الطريق نحو الإطاحة بما وصفتها بـ”الديكتاتورية الدينية”، على حد قولها.
فيما جدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية محمد محدثين، التأكيد على أن نظام الملالي سيسقط وأن البديل جاهز، والمستقبل للشعب الإيراني. وقال في حوار مع قناة الحرية للمقاومة الإيرانية (سيماي آزادي) الناطقة باللغة الفارسية: إن إيران الحالية تواجه ظروفا ثورية وانتفاضة شعبية، مؤكدا أن انتفاضة الشعب الإيراني تتمدد في كل ركن من الوطن بدءا من العمال والمزارعين والسائقين.
وشدد محدثين على أن إيران لن تعود إلى الظروف التي كانت في انتفاضة ديسمبر الماضي، مثلما قالت زعيمة المعارضة مريم رجوي، فالانتفاضة لم ولن تتوقف رغم كل الإجراءات القمعية والمؤامرات والضغوط التي يمارسها النظام.
ولفت إلى أن سياسة المساومة مع نظام الإرهاب الحاكم في إيران قد تلقت ضربة موجعة بعد رحيل إدارة أوباما من البيت الأبيض وتولي دونالد ترمب مقاليد الحكم، واعتبر أن الإدارة الجديدة أدركت بدرجات حقيقة أن مصالح وأمن الشعب الأمريكي يتعارضان مع نظام الملالي، وأن السياسية القائمة على المساومة والتماشي والمسايرة مع هذا الجناح أو ذاك في النظام لم تعد تجدي نفعا.
وأكد أن النظام يواجه انتفاضة عارمة ومستمرة رغم التقلبات وظروف القهر والضغوط التي يمارسها، إذ إن معاقل العصيان ومجالس المقاومة ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية وجيش التحرير الوطني يعملون بكل ما بوسعهم لإحداث انتفاضة أكبر تضع حدا لهذا الوضع وتنهي الديكتاتورية الظلامية الجاثمة منذ 4 عقود على صدر هذا الشعب وجعلت المنطقة في بحر من الدماء. وذكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية، أن المؤتمر السنوي للمقاومة المقرر نهاية يونيو الجاري سيوجّه رسالة لشعوب العالم وللشعب الإيراني مفادها بأن النظام سيسقط، وأن هناك بديلا له وأن المستقبل للشعب.
وشدد محدثين على أن النظام الإيراني لا مستقبل له وهو على وشك الرحيل، لافتا إلى أن الإيرانيين المشاركين هذا العام، هم ممثلون حقيقيون للشعب الإيراني وهم يعبرون عن تطلعاته. وخاطب المجتمع الدولي بقوله: إن مستقبل إيران للمقاومة الإيرانية وللشعب الإيراني الحاضر في الشوارع هذه الأيام.
بدوره أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن دعم النظام الإيراني لميليشيات الحوثي في اليمن لا يسمح فقط بمهاجمة دول الجوار، بل يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن. ودعا بومبيو، في تغريدة على حسابه في موقع تويتر، إلى ضرورة محاسبة مرشد النظام الإيراني، علي خامنئي، على زعزعة استقرار أمن الخليج وإطالة معاناة الشعب اليمني.
وحضت الولايات المتحدة، شركاءها الـ14 في مجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات على إيران رداً على “سلوكها الخبيث” في الشرق الأوسط.
وقال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، جوناثان كوهين: إنه “في مواجهة بلد ينتهك باستمرار قرارات هذا المجلس، يتحتم علينا اتخاذ قرار بشأن العواقب”.
وتابع كوهين: “لهذا السبب نحض أعضاء هذا المجلس على الانضمام إلينا في فرض عقوبات تستهدف سلوك إيران الخبيث” في الشرق الأوسط. وفي كلمته، اتهم كوهين إيران بأنها تزوّد الحوثيين في اليمن بالصواريخ، في انتهاك لحظر دولي على تصدير الأسلحة إلى اليمن.
فيما انطلقت أمس الجمعة، الجلسات التحضيرية للمؤتمر السنوي الرابع للمعارضة الإيرانية الذي سينطلق اليوم السبت تحت عنوان “الانتفاضة من أجل التغيير في إيران”، بمشاركة دولية وعربية كبرى، ويستمر حتى الإثنين المقبل.
وشهدت الجلسات التحضيرية، 4 منصات، حيث أقيمت نقاشات؛ من أجل التضامن مع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية لتحقيق الحرية والديمقراطية واستتباب السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، وتعميق العلاقات مع الدول العربية المتضررة من نظام “الملالي”.
وركزت المنصات على النشاط الإجرامي لقوات الحرس الثوري التابعة لنظام “الملالي”، حيث تطرقت المنصة الثانية، إلى التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية من خلال “الحرس الثوري”، ادراها المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتخصص في شؤون الإرهاب الدولي والشرق الأوسط، وليد فارس.
ويتطرق المشاركون في جلسة اليوم “السبت” إلى العقوبات المفروضة على الحرس الثوري ومدى فاعليتها، في جلسة يديرها السفير والرئيس الفخري لمركز استيمسون والمساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي في الشؤون العسكرية، لينكولن بلومفيلد، والمبعوث الأمريكي الخاص لعدم انتشار الأسلحة النووية ومساعد وزير الخارجية في شؤون الحد للأسلحة والأمن حتى عام 2007، روبرت جوزف، ومساعد المدير لمعهد الدراسات الاستراتيجية الفرنسية، برونو ترتره، ومحلل شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة هادسون، مایکل برجنت، وعضو معهد توماس مور والباحث في معهد جيوبولتيك الفرنسي، جان سیلوستر مونغونیه.
كما تتطرق المناقشات في الجلسات التحضيرية إلى السياسة المطلوبة تجاه إيران، ويديرها السفير والرئيس الفخري لمركز استيمسون والمساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي في الشؤون العسكرية، لينكولن بلومفيلد، بمشاركة وزير الخارجية والمبعوث الإيطالي السابق لدى الأمم المتحدة، جوليو ترتزي، ومديرة العلاقات العامة السابقة للبيت الأبيض، ليندا تشاوز، والسفير والمتحدث السابق لوزارة الخارجية والسفير الأمريكي في البحرين، آدام أرلي، وعضو مجلس الشيوخ من عام 1997 الى 2003 وعضو الكونجرس الأمريكي لمدة 14 عاما، روبرت توريسلي.
وتركز الجلسات أيضا، على فاعلية الاحتجاجات في إيران ودور المعارضة، من خلال لقاء يديره المدير السابق لرسم السياسة في وزارة الخارجية والمبعوث الخاص لعملية السلام في أيرلندا، میتشل ریس، ووزير العدل الأمريكي السابق، مایکل موکیسي، ورئيس الوزراء الجزائري السابق، سید أحمد غزالي، ووزیر الخارجية الكندي السابق، جون بيرد، ومنسق التغيير في إيران والرئيس السابق للجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي، ستروان استیفنسون.
وفى السياق، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، إضافة إيران إلى لائحة الدول التي تجند الأطفال، في الوقت الذي تم فيه رفع اسم السودان من اللائحة نفسها.
وتخضع الحكومات التي تم تحديدها في القائمة لقيود على بعض المساعدات الأمنية والتعاون العسكري، اعتبارًا من 1 أكتوبر الأول 2018 وطوال العام المالي 2019.