حيدر إدريس عبد الحميد
كانت أياما عصيبة تلك التي أمضيتها في مدينة سواكن في شهر سبتمبر الماضي بعد انقضاء إجازتي السنوية حيث ظللت عالقا بها لمدة أسبوع كامل ,أمني النفس بالسفر بالباخرة السودانية (دهب) التي أحمل تذكرتها ولكنني في نهاية الأمر عدت إلى الخرطوم بعد أن وجد أبنائي مقعدا لي في طائرة إحدى الشركات بمبلغ أقل كثيرا عما كان قبل سفري إلى الميناء.
وكل القصة أن إحدى البواخر تعطلت في هذا الوقت الحرج ومع الاهمال والتجاهل وعدم مواجهة الأزمة بحل حاسم تجمع أكثر من ألف مغترب ،رجالا ونساء وأطفالا، وأصبحوا يتنقلون ما بين مدينتي بورتسودان حيث مقر اللجنة التي شكلت لمعالجة أوضاعهم وبين مدينة سواكن حيث تنطلق بواخر الركاب منها ومع فشل اللجنة في إدارة الأزمة وحلها كونت لجنة أخرى على أن يكون مقرها في سواكن وظل الحال كما هو وعود جوفاء وكلمات صادمة من مسؤولين لم نكن نريد منهم إلا التعاطف والكلمة الطيبة وقد أدركت تماما انهم لن يقدموا شيئاً يحل المشكلة من جذورها وحتى عندما حددت الأولويات المتمثلة في سفر العائلات والمرضى ومن شارفت إقاماتهم على الانتهاء لم يتحقق ذلك بالشكل المطلوب واحجم عن ذكر الأسباب.
لقد افتقدنا إدارة هذه الأزمة البسيطة حتى اضحت شيئا كريها ومزعجا اضطرت البعض إلى بيع مقتنياتهم أواللجوء إلى أهلهم لمدهم بالمال لمزيد من الصمود بينما آثر من تبقت له أيام من إجازته بالعودة من حيث أتى ولكن المؤلم أن البعض انتهت إقاماتهم دون أن يتمكنوا من السفر.
في كل يوم نسمع من اللجنة أن المشكلة تم حلها باستئجار باخرة ولكن الواقع كان يشير إلى غير ذلك بل إلى استفحال الأزمة بوصول أفواج الحجيج والسائقين المؤقتين فكانت لهم الأولوية أما المغتربين فقد أجبروا على البحث عن مخرج وبأية وسيلة.
والخرطوم بعيدة كل البعد عما يدور في تلك المدينة الصغيرة التي انتعشت بفضل تحويل بواخر الركاب والمواشي إليها بل إن وزير شؤون المغتربين لم يسعفه الوقت لزيارة من كانوا قبل أيام يتجولون في الجهاز الذي يرأسه لدفع ما عليهم من رسوم وزكاه وغيرهما حتى يحصلوا على تأشيرة الخروج.
الخرطوم مشغولة بقضايا أكبر والوطن الشاسع الكبير لايملك إلا باخرة واحدة حكومية من أصغر البواخر العاملة في نقل الركاب ولا يستطيع تأجير باخرة من أجل عيون بعض أبنائه المغتربين ..وشكرا للشركات غير السودانية.
وطن جئناه بكل الحب وخرجنا منه ونحن نعيد حساباتنا.