جدة- البلاد
أجمع محللون سياسيون على أهمية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مدينة القدس الصادر مؤخراً وضرورة البناء عليه لمحاسبة إسرائيل والحفاظ على الحقوق الفلسطينية في المدينة وتحصين القرارات الدولية.
وأقرت الأمم المتحدة في الحادي والعشرين من ديسمبر الحالي بأغلبية 128 صوتاً مشروع قرار يؤكد اعتبار مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وبينما غابت عن جلسة الجمعية العامة 21 دولة، امتنعت 35 دولة عن التصويت وعارضت القرار 9 دول من إجمالي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193.
ويأتي القرار، رداً قوياً، بحسب مراقبين، على قرار ترامب، في السادس من ديسمبر الحالي، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وما أعقبه من لجوء واشنطن في الثامن عشر من ديسمبر الحالي إلى استخدام حق النقض (الفيتو) لتعطيل مشروع القرار الأممي الذي يدين القرار الأمريكي، بينما وافق أعضاء المجلس الأربعة عشر الباقون عليه.
وكان ترامب قد وجه تحذيراً شديد اللهجة للدول التي تنوي التصويت ضد قراره بشأن القدس خلال الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة .
وهدد ترامب بوقف المساعدات المالية عن تلك الدول، قائلا: “إنهم يأخذون مئات الملايين من الدولارات وربما مليارات الدولارات ثم يصوتون ضدنا. حسنا، سنراقب هذا التصويت. دعوهم يصوتون ضدنا. سنوفر كثيرا ولا نعبأ بذلك”.
سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي سبق أن حذرت أيضاً من أنها ستبلغ ترامب بأسماء الدول التي ستدعم مشروع القرار المطروح للتصويت، ما اعتُبر تهديداً لثني الدول عن التصويت لصالح الفلسطينيين.
وقالت في رسالة وجهتها الى سفراء عدد من الدول الاعضاء في الأمم المتحدة، إن “الرئيس (دونالد ترامب) سيراقب هذا التصويت بشكل دقيق، وطلب أن أبلغه عن البلدان التي ستصوت ضده”. وأضافت محذرة “سنسجل كل تصويت حول هذه القضية”.
وذهبت هايلي أبعد من ذلك بإطلاقها تحذيراً آخر في تغريدة على “تويتر”. وقالت: “في الأمم المتحدة يطلب منا دائماً أن نعمل أكثر ونعطي أكثر. لذلك عندما نقوم باتخاذ قرار يعكس إرادة الشعب الأميركي حول تحديد الموقع الذي يجب أن نقيم فيه سفارتنا، فنحن لا نتوقع من هؤلاء الذين ساندناهم أن يستهدفونا”.
وذكرت مرة آخرى أنه “سيجري تصويت ينتقد خيارنا والولايات المتحدة ستسجل الاسماء”.
ورغم تهديدات الرئيس الأمريكي ومندوبته في الأمم المتحدة، بقطع المساعدات المالية لمن يصوت للقرار فإن أكثر الدول التي حصلت على مساعدات إنسانية أمريكية، خلال العام الماضي، دعمت القرار واظهرت نتيجة التصويت أن التهديدات لم تفد بأي شيء.
مشروع القرار الذي تم التصويت لصالحه حمل عنوان “الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية”.
وأعرب القرار عن الأسف البالغ إزاء القرارات الأخيرة المتعلقة بوضع القدس كما شدد على أن أية قرارات أو إجراءات “يقصد بها تغيير طابعها أو وضعها أو تكوينها الديموغرافي ليس لها أثر قانوني، وتعد لاغية وباطلة، ويتعين إلغاؤها امتثالًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
وطالب جميع الدول “أن تمتنع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس، عملًا بقرار مجلس الأمن رقم 478 الصادر عام 1980”.
عباس:السعودية تدعم القضية الفلسطينية:
الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد الجمعة الماضية في باريس أن المملكة العربية السعودية تدعم القضية الفلسطينية، قائلا إنها “القضية الوحيدة” بين السعودية وأمريكا، مشددا على أن أمريكا لم تعد “وسيطا نزيها” للسلام، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأضاف عباس، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن “السعوديين يقولون لنا ماذا تريدون ونحن معكم، ولن نتدخل في شؤونكم، وهناك البعض تدخل في شؤوننا، أما السعودية بالذات لم تتدخل في شؤوننا، وهي لم تتأخر في دعمنا”.
وتابع الرئيس الفلسطيني بالقول: “أذكر أن الملك سلمان قال لي إنه لا حل إقليمي دون حل القضية الفلسطينية، هذه المرة أكدها الملك، وكذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”.
أمريكا: القرار لا يساعد في تسوية الصراع:
مصدر في وزارة الخارجية الأمريكية قال إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول القدس لا يساعد فى تسوية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وقال المصدر إن نتائج التصويت كانت متوقعة ولكن القرار غير ملزم ولن يساعد في حلّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ودفع الأمور نحو السلام.
وذكر ممثل الخارجية الأمريكية بأن ترامب قال في كلمته خلال الإعلان عن قرار نقل السفارة الامريكية إلى القدس: “نحن لا نتخذ موقفا بخصوص الحدود المحددة لسيادة إسرائيل في القدس أو في أي قضايا أخرى تتعلق بالوضع النهائي “، وهي مسألة يتعين على” الأطراف المعنية “أن تقررها وتحلها فيما بينها”.. “سنواصل العمل من أجل السلام. ونأمل أن توفر هذه العملية أفضل النتائج لكل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني”.
ماكرون: القرار أربك المنطقة:
بدوره قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إن القرار الأميركي الأحادي بشأن القدس خلق اضطراباً في المنطقة وأن بلاده لا ترى بديلاً لحل الدولتين، وأكد سعي باريس إلى أن تكون القدس عاصمةً للدولتين.
وأضاف ماكرون أن باريس دعت إسرائيل إلى وقف الاستيطان لأنه يقوض السيادة الفلسطينية ويعيق السلام موضحاً أن الاتحاد الأوروبي وفرنسا سيعمقان العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وسيحاولان البحث عن حل للقضية الفلسطينية.
وقال الرئيس الفرنسي :”كما رأينا خلال الأسابيع الماضية فإن مطالب الشعب الفلسطيني وجدت صدى لدى الرأي العالمي … من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش بسلام إلى جانب إسرائيل”، مؤكدا على أن تكون القدس عاصمة للدولتين.
وتابع ماكرون أن بلاده ستقف إلى جانب فلسطين في الأشهر المقبلة، وستفعل ما بوسعها للتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
روسيا:ضغوط وترهيب:
وزارة الخارجية الروسية أكدت ، الجمعة، أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول القدس سبقه ضغوط وترهيب من جانب الولايات المتحدة الأمريكية بقطع المساعدات المالية عن الدول التى ستصوت لصالح القرار.
وأوضحت الخارجية الروسية -فى بيان، أنه رغم الضغوط والترهيب الذى مارسته واشنطن قبل التصويت، فإن القرار قد تم تمريره بأغلبية الأصوات حيث أيدته أغلبية الدول ورفضته 9 دول فقط.
تركيا: موقف مشرف:
دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الجمعة الولايات المتحدة إلى العدول عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بعد أن صوتت الأمم المتحدة ضد الخطوة رغم ما وصفه بالتهديدات الأمريكية ”القبيحة التي لا تغتفر“.
وقال إردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في اسطنبول ”رغم التهديدات اتخذت الأمم المتحدة موقفا مشرفا“ وتابع ”يجب أن تتراجع الولايات المتحدة عن هذه الخطوة الخاطئة“.
موقف البوسنة والهرسك:
كشفت مصادر في المجلس الرئاسي للبوسنة والهرسك أن ممثل البشناق المسلمين بكر عزت بيغوفيتش، اقترح التصويت لصالح القرار الداعم للقدس في الأمم المتحدة، لكن العضوين الآخرين قررا الامتناع. وامتنعت البوسنة عن التصويت لصالح القرار الداعم للقدس في الأمم المتحدة، ما أثار جدلا واسعا، نظرا لكونها دولة ذات كثافة سكانية إسلامية كبيرة.
ويتشكل المجلس الثلاثي للبوسنة والهرسك من ممثلي العرقيات الثلاث بالبلاد، البوشناق المسلمون والصرب والكروات.
ووفق دستور البلاد، فإن البوسنة تنتخب العضوين البوسني والكرواتي لعضوية الرئاسة، فيما تنتخب جمهورية صرب البوسنة العضو الصربي.
يذكر أن اتفاقية “دايتون” للسلام، التي أنهت حرب البوسنة، تنص على تولي كل عضو من أعضاء المجلس الرئاسي الثلاثي، مهام رئاسة المجلس لفترتين مدة كل منهما 8 أشهر، وذلك خلال مدة ولاية المجلس التي تمتد لأربع سنوات من تاريخ انتخابه.
توغو: مواقف متناقضة:
شاركت دولة توغو في قمة منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول والتي ناقشت تداعيات قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكنها في المقابل صوتت لصالح القرار.
ونظمت القمة الإسلامية منتصف ديسمبر الحالي بعد دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اتصالات مع رؤساء دول عربية وإسلامية لعقد القمة الطارئة، لبحث تداعيات القرار الأمريكي المتعلق بالقدس.
لكن الغريب في الأمر أن دولة توغو التي شاركت في قمة إسطنبول من منطلق الدعم لقضية القدس، كانت ضمن المعارضين للقرار العربي.