علي باباجان
\" السياحة تحتاج إلى الاستقرار \" ..هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان، ولذلك فإن أول قطاع يتأثر بأي أحداث عنف هو قطاع السياحة، من هذا المنطلق فإن اللبنانيين ينعون هذا القطاع الحيوي، الذي ما لبث ينبعث من بين الرماد ليعود إلى الحياة مرة أخرى كما يفعل طائر الفينيق الأسطوري، حتى جاءت الأحداث الأخيرة في لبنان لتعيده إلى رماد الأعوام الماضية .
فخبراء السياحة اللبنانيون يتحدثون الآن عن ذكريات عام ٢٠٠٦ الأليمة ويربطون بينها وبين ما يحدث الآن، ففي هذا العام كانت السياحة تعيش أزهى عصورها، والأرقام الصادرة عن وزارة السياحة تشير إلى ازدياد عدد الزوار الأجانب في الأشهر الثلاثة الأول منه بنسبة ٪٤٩ مقارنة بالفترة نفسها من عام ٢٠٠٥، وارتفاع نسبة الحجوزات في الفنادق إلى ٪١٠٠ مع بداية الصيف، مع تحقيق فائض في الحجوزات بلغت نسبته ٪٢٢ لم يتم التمكن من تلبيتها .
وبينما كان من المتوقع – وفقا لوزير السياحة اللبناني جوزيف سركيس – أن يحقّق هذا القطاع عائدات تبلغ قيمتها الـ ٤٫٤ مليارات دولار تشكّل حوالي ٪١٢ من الدخل القومي، حتى جاء العدوان الإسرائيلي عام ٢٠٠٦ ليقضي على هذا الحلم، ومن أصل ١٫٦ مليون سائح كان ينتظرهم لبنان، لم يأت سوى مليون و ٦٢ ألفا و ٦٣٥ سائحا، أي أقل بنسبة ٪٦٫٧٥ من العام ٢٠٠٥ وبنسبة ٪١٧ من العام ٢٠٠٤، وذلك بحسب أرقام وزارة السياحة .
وامتدت هذه الحالة من سيئ إلى أسوأ خلال عام ٢٠٠٧؛ حيث كانت تبعات العدوان لا تزال تخيم على لبنان، فأظهرت تقارير وزارة السياحة أن عدد السياح الذين جاءوا إلى لبنان بلغ ٨٥٥٫٥٦٣ سائحا خلال الأشهر العشر الأولى منه أي بتراجع ٪١٩٫٤٩ مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق .
فرحة لم تتم
وبينما كانت أرقام الأشهر الأولى من عام ٢٠٠٨ تعطي الانطباع بأنّه سيعيد العائدات المالية الضخمة التي كان يحتاجها هذا القطاع بشكل خاص والاقتصاد اللبناني بشكل عام حيث بلغ عدد السياح في شهر يناير ٦٣ ألفا بزيادة نحو ٪١٩
عن الشهر نفسه من العام السابق، وفي شهر فبراير سجّل زيادة بنحو ٪١١ مقارنة مع نفس المدة من السنة الماضية، جاء حصار حزب الله للمطار والمرفأ واعتماد العصيان المسلّح والمدني ليقضي على جميع الآمال التي كانت معقودة على استعادة القطاع السياحي لدوره، وبالتالي الاقتصاد اللبناني لعافيته، ويعيد إلى الأذهان ذكرى عام .٢٠٠٦
خاصة أن معظم منشآت القطاع السياحي وقطاع الفنادق تتركّز في بيروت وجبل لبنان، وهي المناطق التي نالتها الأحداث بشكل أساسي ورئيسي، كما أن قطاع المطاعم والذي يضم ٥ آلاف مطعم، يتركز حوالي أكثر من ٪٦٠ منه في مناطق الأحداث .
المواطن يدفع الثمن
وإذا كانت الأرقام الرسمية تشير إلى الدور الذي يلعبه هذا القطاع في الاقتصاد حيث يساهم بأكثر من ٪١٠ من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، ويوظّف حوالي ١٤٠ ألف شخص، فإن معنى ذلك أن المواطن اللبناني سيظل يدفع ثمن عدم الاستقرار الذي تشهده لبنان .
ويصبح الدرس المستفاد مما سبق أن وضع قطاع السياحة غير مرتبط بقدرته الكبيرة على استيعاب الهزّات والتعامل معها بنفس أسلوب طائر الفينيق، بقدر ما هو مرتبط باستعادة لبنان لحالة الاستقرار، فالجميع يعلم أنّه ما إن تعود الأمور إلى نصابها على الأرض حتى يعود للقطاع السياحي دوره وحيويته وهو ما يأمله الجميع .
اسلام أون لاين