مكة المكرمة – منى – البلاد
تبدأ قوافل حجاج بيت الله الحرام اليوم الأحد الثامن من شهر ذي الحجة في الصعود إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية اقتداءً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسط تكامل في الخدمات والإمكانات التي أعدتها مختلف الجهات المعنية بشؤون الحج والحجاج بمتابعة وإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وإنفاذًا لتوجيهاتهما ـ حفظهما الله – الرامية إلى تسخير جل الإمكانات والخدمات أمام وفود الرحمن ليتمكنوا من أداء مناسكهم وشعائرهم بكل يسر وسهولة وفي جو مفعم بالأمن والإيمان.
فقد جندت قيادة قوات أمن الحج جميع الطاقات الآلية والبشرية من رجال الأمن لتنفيذ خطة تصعيد الحجاج لمشعر منى بمتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا لتيسير وتسهيل عملية التصعيد أمام قوافل الحجيج وتوفير الأمن والسلامة لهم بعد عون الله وتوفيقه.
وركزت الخطة على منع دخول السيارات الصغيرة إلى المشاعر المقدسة وإتاحة الفرصة لسيارات النقل الكبيرة التابعة للنقابة العامة للسيارات وشركات النقل لنقل حجاج بيت الله الحرام من وإلى المشاعر المقدسة.
ورفعت الأجهزة والقطاعات الحكومية والأهلية المعنية بشؤون الحج والحجاج بمكة المكرمة جاهزيتها لتقديم خدماتها لضيوف الرحمن خلال موسم حج هذا العام بإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية وبمتابعة من سمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر .
فقد أعدت قيادة أمن الحج خطة متكاملة لتسهيل عملية تصعيد الحجاج إلى مشعر منى، ركزت على توفير مظلة الأمن والأمان وتحقيق السلامة واليسر على جميع الطرق التي يسلكها الحجاج من مكة المكرمة إلى منى إضافة إلى تنظيم عملية حركة المشاة لمشعر منى ، بما يحقق توجيهات وتطلعات قيادتنا الرشيدة الرامية إلى توفير كامل الطاقات الآلية والبشرية أمام ضيوف الرحمن ليتمكنوا من أداء فريضة الحج في أجواء إيمانية كاملة محفوفة بالأمن والأمان والراحة والاستقرار حيث تتكامل جميع الخطط الأمنية والمرورية والتنظيمية للموسم والتي أُعدت بطريقة علمية ومدروسة ومبنية على الخبرات الميدانية المتراكمة لتوفير أفضل وأرقى الخدمات.
كما تقوم القيادة العامة لطيران الأمن العام بمساندة جميع الأجهزة الأمنية والقطاعات الحكومية المختلفة ، حيث تتمركز المرحلة الأولى من الخطة في المواقع المحددة لها في مكة المكرمة قادمة من قواعدها المختلفة لتقوم بتنفيذ المهام المسندة لها ، ومن أبرزها مراقبة الحالة الأمنية والحركة المرورية وتقديم الدعم الأمني واللوجستي للقطاعات الأمنية والخدمات الإنسانية ورصد الحجاج غير النظاميين.
وكثفت قوة الدفاع المدني بالحرم من انتشارها عبر عدد من الفرق التي تغطي صحن الطواف، وأدوار المسعى، ومداخل الحرم والساحات الخارجية المحيطة به لتقديم الخدمات الإنسانية والإسعافية، وتنفيذ عمليات الفرز والإخلاء الطبي للمصابين المرضى، وكبار السن الذين يمكن أن يتعرضوا لمتاعب صحية أثناء أداء المناسك.
وتتواجد فرق الدفاع المدني في الحرم على مدار الساعة للتعامل مع جميع الحالات بما يناسبها، حيث يتم نقل حالات الإصابات باستخدام النقالات والكراسي المتحركة إلى عدة مواقع للإخلاء الطبي داخل الحرم وخارجه. وتشكل قوة مساندة للجهات الأمنية والخدمية لتنفيذ عمليات الإخلاء والإنقاذ داخل المسجد الحرام والمنطقة المحيطة به، حيث تتولى تقديم الإسعافات الأولية العاجلة، ونقل من تستلزم حالته النقل لأقرب المستشفيات والمراكز الصحية، بالتنسيق مع فرق الهلال الأحمر المتواجدة في أرجاء المسجد الحرام .
مشروعات عملاقة:
وستسهم المشروعات الحيوية والعملاقة التي نفذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين،رعاه الله، في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بعون من الله وتوفيقه في انسيابية الحركة المرورية وتسهيل عمليات التصعيد والنفرة من وإلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
وتعد المشروعات قراءة واضحة لما توليه القيادة الرشيدة من عناية واهتمام بوفود بيت الله العتيق وحرصها،أيدها الله، على تحقيق كل ما من شأنه توفير الراحة والطمأنينة للحجاج ليتفرغوا لأداء مناسك الحج وينعموا بالخدمات التي وفرتها الدولة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
وتقدم وزارة الصحة خدمات صحية مكثفة ومتواصلة مزودة بالكوادر البشرية والتقنيات الطبية الحديثة، من أجل تقديم أفضل الخدمات الصحية للحجاج وقاصدي البيت الحرام، ، والمؤكدة على تسخير الخدمات كافة لحجاج بيت الله الحرام، بمختلف الجوانب والمجالات.
وقدمت الوزارة جميع الخدمات الصحية خلال هذه الأيام المباركة، وفق منظومة متكاملة تشمل الخدمات الوقائية والإسعافية والعلاجية المتطورة، وتدعيم جميع منشآتها بقوى عاملة إشرافية وطبية وفنية من ذوي الكفاءات العالية والمتميزة.
وبلغ مجموع القوى العاملة من الكادر الطبي نحو “29495” شخصًا ، حيث بلغ عدد الأطباء الاستشاريين “780” طبيباً بمختلف التخصصات الطبية الفرعية والدقيقة، بالإضافة إلى عدد “1248” طبيبًا أخصائيًا، وأطباء عاميين بعدد “2718”، كما بلغ عدد العاملين بوحدات الصيدلة “1428”، ودعمت الصحة المرافق الصحية بالمشاعر المقدسة بوحدات التمريض من كلا الجنسين تضم “3553” ممرضًا ، وبلغ عدد العاملين بوحدات المختبر “1173” فنيًا وأخصائيًا, كما دُعمت أقسام التغذية بعدد “198” أخصائيًا، بجميع المستشفيات، بالإضافة إلى “5587” إدارياً لدعم الجهود الفنية خلال موسم الحج، وعدد “1491” سائقاً لعربات الإسعاف والنقل العام، وكذلك “165” مهندساً بمختلف التخصصات.
وكثفت وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة بأمانة العاصمة المقدسة جهودها الميدانية لتقديم أعلى المستويات من الخدمة البلدية لحجاج بيت الله الحرام بمختلف محاور وأحياء مكة المكرمة، مؤكدة اكتمال الاستعدادات كافة لتأمين صحة وسلامة وراحة ضيوف الرحمن بالمشاعر المقدسة.
وحشدت الوزارة إمكاناتها البشرية والآلية لتمكين الحجاج من أداء مناسكهم في بيئة آمنة وصحية، من خلال توظيف أكثر من 26 ألف فرد و 717 آلية لتنفيذ خطة النظافة العامة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بالإضافة إلى فرق ميدانية متخصصة لرقابة 33069 منشأة غذائية صحياً في مكة المكرمة.
كما تم تخصيص 13373 كادراً ما بين فني وصحي وإداري وعامل للقيام بأعمال النظافة والإشراف عليها، إضافة لـ 7386 عامل نظافة بالمشاعر المقدسة و 5987 عامل نظافة بأحياء مكة المكرمة، تدعمهم 717 آلية تشمل 358 آلية ومعدة بالعاصمة المقدسة و359 آلية بالمشاعر المقدسة.
مشعر منى:
يقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، وهو وادي تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر .
وبمنى نزلت سورة النصر أثناء حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم ، وبمنى تمت بيعة الأنصار المعروفة ببيعتي العقبة الأولى والثانية حيث بايعه عليه السلام في الأولى 12 شخصاً من أعيان قبيلتي الأوس والخزرج، فيما بايعه في الثانية 73 رجلاً وامرأتان من أهل يثرب وكانت قبل هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام إلى يثرب.
وعلى امتداد الخلافة الإسلامية بنى الخليفة المنصور العباسي مسجداً عُرف بمسجد البيعة في ذات الموضع سنة 144هـ وأعاد عمارته لاحقا المستنصر العباسي ويبعد نحو 300 متر من جمرة العقبة على يمين الجسر النازل من منى إلى مكة المكرمة .
ويقضي الحاج بمنى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ويستحب فيه المبيت في منى تأسيا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، وفي هذا اليوم يذهب الحجيج إلى منى حيث يصلى الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرًا بدون جمع ويسن المبيت في منى.
ويعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر يوم التاسع من شهر ذي الحجة ومن ثم المبيت في مزدلفة.
ويقضون في منى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه .
وكما جاء في القرآن الكريم (( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )) والمقصود بها منى المكان الذي يبيت فيه الحاج ليالي معلومة من ذي الحجة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده .
والأصل اللغوي لكلمة تشريق مادة ( شرق ) ولها ثلاثة معان الأول الأخذ من ناحية المشرق ، والثاني صلاة العيد مأخوذ من شروق الشمس لأن ذلك وقتها وأخيراً ثلاثة أيام بعد يوم النحر وهو اليوم الأول من أيام عيد الأضحى وهذا هو الاستعمال الأغلب .
وسُميت هذه الأيام بذلك لأن العرب كما قال ابن حجر كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره .