كتبت- آلاء وجدي
تسعى اليوم العديد من الدول إلى إنشاء شبكات من أجل الحفاظ على البيئة البحرية لما لها من أهمية في حفظ التوازن البيئي، وظهر مصطلح \"المنطقة البحرية المحمية\" مؤخراً في سياق المحافظة على التنوع البيولوجي وحماية المواطن وإدارة المسامك، ويشمل هذا المصطلح مجموعة واسعة من إجراءات الحماية، إضافةً إلى تعدد المنافع التي تحملها هذه الخطوة.
ويمكن إنشاء المناطق البحرية المحمية لأغراض عدة تتراوح من حماية نوع ما إلى حماية مواطن أو أنظمة بيئية بأكملها، كما تتعداها أيضاً إلى حماية بعض المصالح كالصيد البحري ضمن نطاق ضيق أو بهدف التسلية، وتشكل \"المحميات البحرية (Marine Reserves) \" أحد المناطق التي توفر أعلى مستويات الحماية للبيئة البحرية، وهذه المحميات عبارة عن مناطق في البحر تخضع لحماية كاملة من نشاطات الإنسان المدمرة، وتشبه إلى حد كبير الحدائق الوطنية على البر.
وفي العام 2004 صدر تقرير حول \"إنقاذ بحري الشمال والبلطيق\"، اعتمدت فيه غرينبيس تعريف المحميات البحرية على أنها تلك المناطق المغلقة أمام كافة أعمال الاستخراج مثل الصيد والتعدين، بالإضافة إلى نشاطات التخلص من النفايات، كما اشتمل هذا التعريف على المناطق المركزية التي لا يسمح للبشر بإجراء أي نشاطات فيها، كالمناطق التي تشكل مراجع علمية أو تلك التي تأوي مواطن أو أنواع حساسة.
وتعمل المحميات البحرية بشكل أساسي كأداة للمحافظة على البيئة، بجانب المنافع الأخرى التي تعود بها على المسامك والترفيه والاستخدامات الأخرى للبيئة البحرية، بما يكفي للعمل على إنشاء شبكة عالمية، وليس مسموحاً بأن يتم استغلال منطقة بالكامل على اليابسة للبناء والصناعة والزراعة بدون توفير مساحات طبيعية، لضمان استمرارية الأنظمة البيئية وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال في البحار والمحيطات.
وهناك أماكن طبيعية كثيرة تلجأ إليها الكائنات البحرية، لبعدها وتعذر الوصول إليها ولكن تظل البيئة الساحلية وكائناتها مهددة أيضاً، أما الآن وفي ظل التقنيات الجديدة، باتت المناطق النائية اقرب مما يعتقد البعض وقابلة للاستغلال، كما أشار إنشاء المحميات البحرية إلى نتائج طويلة الأمد غالباً ما تساهم في زيادة سريعة في وفرة وتنوع الكائنات البحرية، في وقت تبدو منافع الحماية جلية بالنسبة إلى الكائنات الحية التي تقضي جل وقتها داخل المحمية البحرية، ويمكن لهذه \"الجيتوهات الخاصة\" – إن جاز التعبير – توفير الحماية كذلك للأنواع المهاجرة في مراحل ضعفها، ولاسيما مواقع تكاثرها ونموها.
ولا يمكن إغفال دور المحميات البحرية في استعادة توازن الأنظمة البيئية المفقود جراء نشاطات الإنسان، فعلى سبيل المثال، يمكن لصيد الأنواع المستهدفة أن يخل بتوازن علاقة الكائنات المفترسة بالفرائس، مما يؤدي إلى تغير الموطن، وحيث أن هذه التغيرات يمكن أن تحدث على امتداد فترة طويلة من الصيد عند مستويات غير مستدامة، فلن يتم التنبّه أحياناً إلى أن التغير الحاصل في البيئة الأصلية لهذه الكائنات مفتعل، وبالتالي لابد من إقرار المنطقة محمية بحرية، فتعود إليها الفصائل التي تحيا فيها والأسماك الكبيرة وغيرها ويُستعاد التوازن.
جدير بالذكر أن الشبكة الإقليمية للمناطق البحرية المحمية تعد نموذجاً لوضع الخطط وإعداد الأهداف، لتعزيز التماسك والانسجام في إدارة المحميات البحرية على المستوى الإقليمي.