أنا دائماً مع نافلة القول التي مؤداها بأن لكل حرفة مقهاها.. وكذلك الثقافة ..!فبين الحاجة والرغبة يقف السؤال عن المقاهي الأدبية في السعودية؛ وقبل أن تنسج الكلمات خيوط التساؤلات واجب أن يتفهم القارئ الكريم ذلك الفرق الكبير بين الحاجة والتي تعني نقصاً أو عدم توازن فسيولوجي يمر به الإنسان هو تمام كنقص الماء. والمأكل .. وبين الرغبة تلك التي لا تعني حالة عدم التوازن ولكنها تعني نزوع وميل النفس لما تحبه وتتمناه دون أن يكون لغيابه تأثير على سير الحياة «الأدبية» ولكن وجوده يعني إضافة شيء جوهري يدفع بعجلة الثقافة لحيث الرؤى الأشد إدهاشاً.
فبين الحاجة والغربة يطرح ملف البلاد الأدبي هذا السؤال أين نلقى « المقاهي الادبية»؟!
في بلاد عربية شتى كمصر والمغرب؛ وتونس، وسوريا ..والعراق أيضاً كانت ومازالت المقاهي الأدبية تعني الشيء الكثير بل وتمنح الأدباء الشيء الأكثر.. لقد كان المقهى يمثل البداية الفعلية لولوج الحياة الثقافية بل وكان يحتفظ دائماً بنصيب الأسد من اهتمام المثقفين صغاراً وكباراً فثمة من يكتب ويفكر ويبلور شخصيته الأدبية هناك..!
وعود للسعودية فقد طرحت السؤال مبكراً على عدد من الأدباء حول أهمية وجود أو عودة المقهى الأدبي على اعتبار أننا كنا نملكه سابقاً .. خصوصاً إن أعدنا التاريخ وسلطنا الضوء على «جدة» و»المدينة» على سبيل المثال فسوف تشرق أمامنا أسماء مقاهٍ تركت بصمة واضحة لملتقى الأدباء كمقهى «الطوال» ومقهى « الحكمة»..
ولقد وجدت إجماعاً تاماً حول العلاقة المتجذرة بين الأديب وأصدقائه من البشر .. وبينه وبين أبنائه وبناته من القصائد والمقالات وربما الملفات الأدبية الطويلة والعريضة التي كانت تطالعنا بها أوراق الصحف ومطبوعات الكتب الروائية الغارقة بين العشق تارة وبين « الأكشن البوليسي» الذي طالما تعلقت به عقول قلوب محبيه.. كل ذلك كان للمقهى دور أساسي في تكوينه من مرحلة حمله كفكرة إلى مرحلة نضجه وميلاده.
خاتمة .. من يعتقد بأن المقهى الأدبي هو مجردّ « ملجأ كتابي» فقد وصلته المعلومات ناقصة ربما بعض الشيء .. وربما كل شيء .. فالمقهى كان وربما «مازال» ساحة تتحول فيها العلاقة بين كاتب المقهى وورقته العذراء أشبه بعلاقة عاشقين ولكن تحت المراقبة..!!
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بقلم : عتيق الجهني
[email protected][/COLOR][/ALIGN]