جدة – رانيا الوجيه
المصور الصحفي عنصر مهم في العمل الصحفي والإعلامي ، لما للصورة من قيمة وتأثير كبير في إيصال الرسالة الإعلامية ؛ فمن الصور ماتعبّر أكثر من أي كلمات تقال أو تُكتب ؛ وقد تحمل مضمون آلاف الكلمات، وتساهم في أحداث مهمة في العالم.
اليوم في ظل التكنولوجيا والثورة التقنية، ووجود كاميرا الجوال في يد كل شخص ، هل تختفي مهنة “المصور الصحفي” ؟ ، وهل المهنة محل تقدير من المؤسسات الإعلامية، وماهي الصعوبات التي تواجه المصور الصحفي، وهل تناولت دوره لائحة وزارة الإعلام.
(البلاد) ناقشت الملف مع مصورين صحفيين ومسؤولين وشخصيات صحفية وأعلامية بارزة .
بداية نتوقف أمام حقيقة مهمة تقول أن بعض الصور الصحفية لن تُمحى من ذاكرة التاريخ ، بل صنعت التاريخ ؛ صورة “جون دانييلز” عام 1903 لأول محاولة طيران ناجحة للأخوين “رايت” ، صورة “إدي آدمز” عام 1968 لعملية إعدام في الشارع لأحد ثوار فيتنام، صورة”جيف ويدنر” سنة 1989 لرجل يقف بجسده أمام طابور دبابات متجهة إلى ساحة “تيانانمن” في بكين، صورة محمد الدرة يحتمي بوالده ويحتضر، وصورة الطفل الكردي “إيلان” ميتاً على الشاطئ في رحلة اللجوء إلى أوروبا .
• خارج حسابات المؤسسات:
ثامر الفرج مصور صحفي قال إن العاملين في مهنة التصوير الصحفي خارج حسابات المؤسسات الإعلامية ، رواتبهم متدنية ولاتتاح لهم فرص الترقي ، ولا تُؤمن لهم وسائل الحماية أثناء تغطيتهم للأحداث الساخنة، ولا يقدر المسؤولون بالمؤسسات الإعلامية أهميتهم إلا عند البحث عن صوره مناسبة لإرفاقها بالمواد الصحفية، هذا هو الواقع داخل المؤسسات الإعلامية ، إما أثناء “تغطيات” المؤتمرات والفعاليات والمناسبات في الخارج فيواجه المصور الصحفي تحديات وصعوبات ، إذا كان يريد الانفراد بصور ولقطات متميزة، من سوء تقدير ومعاملة سيئة وإعاقة للعمل ، بسبب عدم وعي المسؤولين بأهمية المصور والكاميرا التي يحملها بين يديه.
وأضاف الفرج أنه رغم الثورة الالكترونية والتكنولوجيا لا يستطيع القول بأن كاميرا الهواتف الذكية سحبت البساط من المصور الصحفي؛ حيث لا بد أن يملك المصور الحس الصحفي ليقدم الصورة التي تخدم الموضوع .
• فن وثقافة:
وترى هدى باشطح مصورة صحفية أن التصوير الصحفي يختصر آلاف الكلمات، لإيصال رسالة وصنع محاكاة إبداعية للواقع ، والتصوير يحتاج إلى جرأة وثقة عالية بالنفس حتى يخرج المصور بأفضل النتائج ، فالتصوير الصحفي ليس مجرد توثيق كما هو شائع، إنما فن وثقافة إلى جانب أنه أساسي في عالم الصحافة ومجال الأخبار مثل كل الفنون الأخرى.
• منصة خاصة للمصورين:
وأشارت باشطح إلى أن أكثر العقبات التي تواجهها في عملها افتقاد المجتمع لثقافة التصوير ، كما أن بعض المصورين (أنفسهم) يفتقدون هذه الثقافة ويزدحمون بطريقة عشوائية ولا يتيحون الفرصة لبعضهم البعض ، ويجب أن يكون هناك تنظيم ومنصة خاصة للمصورين الصحفيين للحد من “فوضوية ” بعضهم والحد من بعض المتطفلين على المجال ، الذين يسببون التجمهر والتزاحم بعشوائية، حيث يستطيع المصور الماهر الحصول على اللقطة الحصرية دون مزاحمة الآخرين ومضايقتهم، فالإبداع لا حدود له.
• المواطن الصحفي:
وأكدت باشطح أن “السوشيال ميديا” وكاميرا الجوال نافست بدون شك دور المصور الصحفي ، وأصبح أي مواطن بإمكانه أن يمارس دور الصحافة ، ونقل نبض الشارع من كلمة وصورة للعالم بضغطة زر.
• عدم احترام:
وقال أيمن الغامدي، المصور الصحفي في صحف إلكترونية والذي سبق وتعرض لسوء معاملة من أحد منظمي الفعاليات في جدة ، إن معاناة المصور الصحفي تتخلص في جملة واحدة” ليس هناك احترام للمصور الصحفي”؛ سواء كان يحمل بطاقته الرسمية أو بدونها، ويحدث ذلك غالبا في الفعاليات والمناسبات حين يطرد المصور من فوق المسرح ويبعد عن صميم الفعالية.
ولا يرجع الغامدي سبب عدم احترام المصور الصحفي إلى المنظمين للفعاليات فقط، بل أيضا يحمل المصورين قدراً كبيراً من المسؤولية عن ذلك ، بسبب تدافعهم للحصول على لقطة حصرية ، ويعتبر ذلك سلوكا غير لائق فيما بين المصورين.
ويتمنى الغامدي من وزارة الثقافة والإعلام تقديم دعم أكبر للمصورين الرسميين ، ويُذكر بالحادثة الشهيرة حينما تم اعفاء مسؤول كبير بسبب رفع يده على أحد المصورين ومنعه من التصوير، ويرى الغامدي في الحادثة دليلاً على تقدير القيادة الكريمة لدور وعمل المصور الصحفي.
• الصورة تلخص أحداثاً كبرى:
من جهة أخرى قال الدكتور فهد آل عقران رئيس تحرير جريدة المدينة ، إن المصور الصحفي له دور مهم جداً في أية مؤسسة صحفية ، ووجوده مهم في أي حدث حيث الصورة تعبر أكثر عن المادة المكتوبة ، بل قد تلخص صورة أحداثاً كبرى بلا حاجة لمادة صحفية تحريرية، وهناك مجموعة من المصورين الصحفيين لهم بصمات واضحة”.
وبحسب رئيس تحرير جريدة المدينة :” المصور يعاني من عدة أمور في ممارسة المهنة التي تتطلب منه جهداً أكثر في أدائه ، خاصة بعد وجود كاميرا الهواتف الذكية، وفي الوقت نفسه سواء تم التقاط الصورة المعبرة عن طريق كاميرا الهاتف أو الكاميرا الاحترافية ، فالدور واحد والجهد واحد في مهنة المتاعب “الصحافة”.
• مسؤولون يخشون الكاميرا:
ونوه الدكتور فهد آل عقران إلى أن بعض المسؤولين يخشون من تصويرهم صحفياً ، ويتهربون من عدسات المصورين ، لكن المصور المحترف يفرض شخصيته واحترامه، ويستطيع التقاط الصورة الحصرية والمختلفة بإحترافيته، ويعود سبب الخوف من عدسات الكاميرا خاصة في المؤتمرات الكبيرة ، إلى توجس المسؤولين من التقاط صور لهم في حالة إغفاءة أو في جلسة أو من زاوية تظهر بعض السلبيات.
• مهنة لن تختفي:
وأضاف رئيس تحرير جريدة المدينة:” إن المصورين يحتاجون دعماً أكبر وتدريبا أكثر في الميدان ، ولا نستطيع تجاهل أن هناك عدم استشعار بدور وأهمية المصور الصحفي في مجتمعنا ، حيث يتم الاهتمام فقط بالبروتوكول العام ، وأن تكون الصور أكثر رسمية بزوايا معينة ، وفي النهاية مهنة المصور الصحفي مهنة لن تختفي، بل في غاية الأهمية لأية وسيلة إعلامية”.
• المصور ولائحة “الوزارة”
وقال وليد بافقيه مدير فرع وزارة الثقافة والإعلام في جدة إن وكالة الأنباء السعودية (واس) تعتمد اعتماداً كبيراً على المصور الصحفي ، لكن مسماه الوظيفي “مصور فوتوغرافي” و”مصور تلفزيوني” فقط ، ووفقاً لتصنيفات الوزارة الوظيفية ليس هناك ما يسمى بـ ” مصور صحفي ” ، وبالتالي لايتبع المصور الصحفي اللائحة التنظيمية بالوزارة ، بل يتبع لائحة المؤسسات الإعلامية التي يعمل بها، ومسمى “مصور صحفي” يُطلق من قبل المؤسسات الإعلامية .
• من أشهر المصورين العالميين:
تستعرض (البلاد) اشهر المصورين الصحفيين على مستوى العالم الذين عَرّضوا حياتهم في بعض الأحيان للخطر من أجل صورة صنعوا بها تاريخ البشرية .
– ” ايدي ادامز” مصور صحفي ارتبط اسمه بتصوير 13 حربا حول العالم.
– ” مارغريت بورك” عرفت بصورها التوثيقية عن الحرب العالمية الثانية.
– ” وارين ريتشاردسون” مصور صحفي استرالي حازت صورة له بعنوان “أمل لحياة جديدة” على المركز الأول بجائزة الصحافة العالمية.
– “سيرغي بونوم” مصور من روسيا حازت صورته عن أزمة اللاجئين في أوروبا على المركز الأول .