احدثكم عن اعوام 1392هـ و1393هـ كنا طلاباً في معهد المعلمين الثانوي في مكة المكرمة نلتقي شبه يومي في “مقعد” وهو غرفة مساحتها لا تتعدى 2×3 متر في “سوق المعلا” او ما يعرف بالحلقة في منزل قديم من منازل مكة وسط السوق الاشهر وكان زميلنا التربوي بعد ذلك عبدالرحمن فطاني يستقبل اصدقاءه في هذا المنزل “الدام” او “الداميه” هو الاسم الذي اختاره الزملاء للوجيه الذي يقطر كرماً ومحبة يفتح الغرفة الموجودة اسفل المنزل على مدار اليوم وتجد فيها الفنان والمعلم والمهندس ومن يدندن على عود ومن يذاكر استعداداً للاختبار ومع كل ذلك تجد ابتسامة الوجيه واشقائه للجميع استمر المقعد سنوات طويلة حتى عندما اصبحنا معلمين وتعيين بعض رواد المقعد خارج مكة المكرمة انشغلنا جميعا في العمل وما يحتاجه من انضباط واستعداد.. خلال تلك السنوات كان زملائنا التربوي محمود رجب سمكري الذي استضافنا سنوات في دار والدته في “الفلق” في المنزل الذي تعيش فيه والدته السيدة الكريمة الفاضلة “سعدية” وشقيقتيه واخوانه محمد وعبدالله او المهندس محمد اليوم والاستاذ عبدالله .. ذاك المنزل المكون من دور ارضي وغرفة في السطح امامها ساحة تسمى “خارجة” لا تتجاوز مساحتها 3×3 متر كانت ملتقى شبه ليلي لاصدقاء وزملاء محمود في المعهد او الحي ويبرز دور سيدة البيت في اعداد اصناف الطعام المكي لضيوف ابنائها دون ملل او كلل بل تشعر بحسن الضيافة رغم ضيق المكان الا ان تلك الخارجة كانت تضم اكثر من 15 شخصاً يستمعون الى الصديق الفنان المعروف عبدالله راشد وهو يؤدي بعزفه المتميز اللون المصري والخليجي.وترافقه في اوقات مختلفة فرقة صغيرة وبعض الفنانين ليجدوا امامهم شباباً يستمع ويقدر الكلمة واللحن والمؤدي .. الاسبوع قبل الماضي وفق الله لدعوة اكثر زملاء ذاك الزمن الذين حضروا مقعد “الدام” وخارجة ام محمود الجميلة والتقينا واكثرنا لم يروا بعضهم منذ اكثر من ثلاثة عقود وكانت فرصة للحديث عن تلك السنوات الجميلة.الصورة تجمع اصدقاء مقعد الداميه ودار ام محمود السيدة الكريمة التي عملت على تربية بناتها وابنائها بعد رحيل والدهم وقدمت للمجتمع نماذج رائعة واكدت ان دور الام مهم في حياة الانسان. حفظ الله الوالدة سعدية التي قدمت نماذج رائعة من المحافظة على التقاليد والعادات وحفظ الله التربوي عبدالرحمن الذي كان يستقبلنا والابتسامة لا تفارقه .. ايام وزمن يقطر جمالاً.