جدة ــ وكالات
بعد مرور عامين على الاتفاق النووي الإيراني الذي وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ””أسوأ” اتفاق وقعته بلاده، ما زالت إيران تصر على انتهاكاتها الصارخة رغم التحذيرات الدولية.
تم توقيع الاتفاق النووي مع إيران في 14 يوليو 2015، لتقييد مساعي إيران لامتلاك أسلحة نووية، لكن ثمة شكوك متزايدة بشأن فعاليته في تحقيق هذا الهدف، مع تزايد انتهاكات “الدولة المارقة”، بحسب تعبير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ورفضت طهران وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لها بالدولة المارقة، وراحت تمارس عنجهيتها المعتادة على لسان بهرام قاسمي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، حيث قال إنه يجب على ترامب “أن يعزو سبب الفتنة والتمرد إلى سياساته وتصرفاته التعسفية والمتضاربة”.
عقوبات وانتهاكات:
وبحث مجلس النواب الأمريكي الأسبوع المنصرم، نسخة جديدة من العقوبات المشددة ضد إيران لتمريرها ضمن قانون يشهد جدلاً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي منذ نحو شهر.
وكان مجلس الشيوخ الأميركي صوَّت في 15 يونيو الماضي على” قانون مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار”، الذي من المقرر أن يفرض عقوبات جديدة عليها بسب برنامجها الصاروخي واستمرار دعمها للإرهاب وانتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ انتخاب دونالد ترامب الذي كثيرا ما قال إن طهران داعم رئيسي لجماعات متشددة، وكان آخرها الخميس الماضي، عندما أكد أن تهديدات جديدة تظهر من “أنظمة مارقة مثل كوريا الشمالية وإيران وسوريا والحكومات التي تمولها وتدعمها”.
خداع :
لإيران تاريخ من خداع وكالة الطاقة الذرية الدولية حيث قامت بأنشطة نووية سرية في أراك، وناتانز، وفدرو، وفي عام 2016 أكدت الأمم المتحدة في تقرير بشأن تجاوزات إيران للاتفاق النووي، أنها تخترق الاتفاق والقانون الدولي عبر إطلاق الصواريخ الباليستية، مشددة على ضرورة مواصلة توثيق مثل هذه الانتهاكات.
كما كشفت وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية في نفس العام عن سعي الحكومة الإيرانية للوصول إلى طريق “سري” للحصول على تكنولوجيا ومعدات نووية غير مشروعة، تتمتع “بمستوى عال من الناحية الكمية، حتى بالمعايير الدولية” وذلك من شركات ألمانية.
حرس جديد :
بدأ ترامب منذ وصوله للبيت الأبيض، بالابتعاد عن سياسة أوباما عبر الدعوة إلى “عزل” إيران التي تتهمها واشنطن بأنها تشكل “تهديداً” إقليمياً وبزعزعة الأمن في سوريا والعراق واليمن ولبنان، إما مباشرةً أو عبر تنظيمات إرهابية، حيث أقر مجلس الشيوخ الأمريكي في يونيو الماضي، فرض عقوبات جديدة على إيران بتهمة “دعم أعمال إرهابية عالمية”، لتواصل وزارة الخارجية الأمريكية معاقبة إيران على برنامجها للصواريخ “البالستية”.
وتركزت العقوبات على الشركات التي تورد معدات إلى البرنامج الصاروخي الإيراني، والجماعات التي تساعد في تسليح المنظمات الإرهابية في المنطقة، وقال الرئيس ترامب حينها إن “كل الخيارات مطروحة للتعامل مع طهران”. جاءت تلك التحذيرات شديدة اللهجة، حيث بعثت العقوبات برسالة واضحة إلى طهران، مفادها أن هناك حرس جديد في واشنطن.
وتثير هذه السياسة الأمريكية استياء طهران التي أعلنت، على لسان وزير خارجيتها جواد ظريف، أن “أمريكا قد قبلت بهذا الاتفاق واصبحت ملتزمة به (بالحد الأدنى) ومن خلال نهجها وسياساتها الخاطئة لم تكن قادرة على احترام ودعم روح هذا الاتفاق ومن ثم لم تسمح بأن تستفيد إيران بصورة كاملة من منافع هذا الاتفاق كما كان ينبغي أن تنتفع منه”، بحسب قول ظريف. وقال: “نعتقد بأنه على قادة أمريكا مراجعة مواقفهم في التعامل مع هذا الاتفاق لأنه من دون ذلك لن يساعد في استمراره”.
ويقول مراقبون إن إيران تراهن بموقفها هذا على 3 عناصر مهمة، الأول هو مجموعة الصفقات الاقتصادية الضخمة التي أبرمتها مع القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. والثاني هو معارضة الشركاء الأوروبيين لأية دعوات بمراجعة الاتفاق النووي الإيراني، حتى يتمكنوا من الاستفادة بعوائد الصفقات المبرمة مع طهران في ظل ركود اقتصادي عالمي. والثالث هو عجز ترامب عن اتخاذ سياسة أكثر تشددا تجاه طهران في ظل انشغاله بأزماته الداخلية التي لا يتوقف خصومه الديمقراطيون عن إثارتها طوال الوقت وعلى مختلف الجبهات.
ومع ذلك يرى البعض الآخر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتميز بجرأة فاجأت الكثيرين، أثبتها بضرب قوات النظام السوري وموقفه من اتفاقية المناخ وغيرها من الملفات، ما يعني أنه لن يتخلى عن اعتبار إيران مصدر تهديد عالمي، يستوجب التصرف معه بالقوة اللازمة لتحييدها.. فهل يفعل ذلك فعلا؟ أم ينتظر قدوم الظروف المواتية.