** اليوم سوف أدعكم تقرأون هذه القصة المأساة لواحد مر بها.. وهي لا تحتاج الى تعليق.. انها مأساة خلف قضبان – الترحيل – لكنني سوف أتوقف عند سائق – الحافلة – وهو من الجنسية السودانية وهو رجل يملك من الصفات أقساها وهو عكس ما عرف عن هؤلاء الإخوة النبلاء .. ندعكم تقرأون وتحكمون:
سيظل هذا اليوم الذي كنت فيه خارج من المستوصف بعد ان تم الكشف علي حيث انني مريض قلب عندي عملية في القلب ومريض ضغط وسكر ودخلت الصيدلية وصرف الدواء الذي وصفه لي الدكتور وعند خروجي واثناء ركوبي الليموزين وجدت من يمسك يدي نظرت اليه فاذا هو رجل امن وقال لي اين هويتك “الاقامة” ومن سوء حظي انني في هذا اليوم نسيت صورة الاقامة في البيت حيث ان الاقامة منتهية ويتم تجديدها فقلت لرجل الامن انه ليس معي الاقامة لقد نسيت صورة الاقامة في البيت لأن الاقامة في التجديد وانا اتصل بالتلفون بمن يحضرها لي هنا لك فأخذني من يدي وادخلني سيارة الدورية وقلت له انني رجل مقيم هنا منذ اكثر من ثلاثين عاما وهذه اول مرة انسى فيها اقامتي وانا معي بطاقة التأمين الصحي وهي سارية ولم تنته وهذه هي الادوية التي تم صرفها من الصيدلية الآن لكنه تركني في السيارة وذهب لكي يحصل على شخص اخر ورجع الى السيارة ومعه شخص اخر من جنسية اخرى وضعه معي في السيارة وذهب بنا الى قسم الشرطة وهناك تركنا في السيارة ثم جاء بعد 15 دقيقة ومعه المحضر ومكتوب فيه انني مجهول الهوية وسألني عن كم عدد من النقود معي فاخرجت الحافظة وقلت له المبلغ فقام بتسجيله في المحضر واقتاد السيارة وذهب بنا الى الترحيل وهناك تم تسليمنا الى جندي اخر وتم التفتيش علينا اذا كان مع أي احد فينا أي ممنوعات او أي شيء معدني وتم عمل بصمة على المحضر وفتح باب حديد اسود به شباك صغير وادخلنا فاذا هي صالة كبيرة بها ناس تجلس على الارض وليس في الصالة أي شيء تجلس عليه وبها رائحة كريهة جدا لان بها حمامات وليس بها باب رئيسي وتنبعث منها هذه الروائح ومملوءة بالقاذورات فجلست في هذا المكان من الثانية عشرة وفي الساعة الثانية ظهرا جاء وقت الغداء فاذا بالباب يفتح ويقول لنا الجندي غداء الوجبه بعشرة ريالات اللي يبغي يجي ومعه عشرة ريال ويأخذ الوجبة وهي عبارة عن رز قليل مع ربع من الدجاج وكان يوجد اشخاص ليس معهم العشرة ريال فلم يحصلوا على الوجبة فكان الجوع مصيرهم وقد جاء مندوب من كفيلي معه الاقامة واعطاها للجندي فقال له الجندي ممنوع الخروج من هنا لابد من ترحيله الى الشميسي وهناك يتم خروجه بعد البصمة وانتظرت في هذه الغرفة الموبوءة الى ان جاءت الساعة السابعة والنصف وطلب منا الوقوف صفوف كل صف عشرة افراد وتم العد وكنا اكثر من مائة وعشرين او مائة وخمسين وتم خروجنا من هذه الصالة الى الباصات ودخلنا الباص وهو باص الترحيل وذهب بنا الى الشميسي فهو مكان جديد ونظيف ودخلنا الى الصالة فهي صالات وكل صالة بها مجموعة من الناس ولكن ليس به سوي كراسي معدنية قليلة فما كان الا ان نجلس على الارض وكان كل فترة من الوقت يحضر عسكري وينادي على اسماء الذين سوف يذهبون للبصمة ولكن الوقت كان يمر ببطء شديد وكانت الاعداد كثيرة جدا والافواج تتوالى فوج وراء فوج والانتظار طال ولم يكن في هذا المكان أي نوع من الاكل ولا وجبات وكان يوجد اشخاص لم يذوقوا الطعام من الصباح حتى الساعة الثالثة فجرا واخيرا جاء دوري في البصمة وتم وبعد انتظار ينادي الجندي على اسمي وعلى اشخاص اخرين واعطى كل واحد فينا ورقتين اصل وصورة ورقة زقاء والثانية خضراء وقال لنا اتبوعوني واوقفنا صف واحد وقال لنا انتم الآن سوف تركبون باص راح يوصلكم الى مكان ما جأتم واخذ منا الورقة الزرقاء واعطنا الورقة الخضراء وهي المحضر الذي سوف نخرج به ودخلنا الباص وقال العسكري لسائق الباص وهو من الجنسية السودانية توصلهم الى مكان ما جاءوا وذهب بنا السائق الى بوابة الخروج فاذا بحارس بوابة الخروج يقول لسائق السيارة اين سيارة الدورية التي تسير امام الباص ارجع واحضر سيارة الدورية فوقف وبعد ان اتصل بسيارة الدورية جاءت السيارة وتم خروجنا من البوابة وبعدها اختفت سيارة الدورية ووقف بنا السائق في اول الطريق وقال لنا كل شخص يسدد خمسة عشر ريالا قيمة اجرة التوصيل قلنا له انه لا يوجد اجرة قام فتح باب الباص وقال اللي مش راح يدفع ينزل وبدأ يأخذ الخمسة عشر ريال من الاشخاص وعند الاشخاص السودانيين يعفيهم من الاجرة وقال السودانيين ليس عليهم اجرة واللي مش عاجبه ينزل كان يوجد شخص كان معه عشرة ريال قال ليس لدي سوى عشرة ريال قال له ابناء جلدتك أي احد فيهم يعطيك الخمسة ريال الباقي وتم هذا وتحرك هو بالسيارة بعد ان اغلق الابواب.
ووصلنا الى المكان الذي جاءنا منه عند الدرويات وتم انزالنا بعد ان كان كل فرد راكبا في الباص غضبان من هذا السائق المستغل.وذهبت الى منزلى وذهبت الى نوم عميق وانتهي اليوم الذي لن انساه في حياتي.