د. زامـل عبدالله شعـراوي
الوفاءُ هو خصلةٌ اجتماعيةٌ خُلقية تتمثل في التفاني؛ من أجل شيء ما بصدق خالص، والوفاءُ صفةٌ تتحلى بها النفس الكريمة النبيلة ذات التربية الأصيلة في كيفية التعامل مع الناس والتودد والاقتراب إليهم وكسبهم من خلالها، وقد دعا إليها ديننا الحنيف، وهي من صفات المؤمن مع الله- عز وجل- ومع نفسه، وكتب التاريخ ـ سواء في القديم أو الحديث ـ تعج بصور خالدة لأبطالها كتبت بأحرف من نور .
الوفاء هو صفة إنسانية جميلة، عندما يبلغها الإنسان بمشاعره وإحساسه فإنه يصل إحدى مراحل بلوغ النفس البشرية لفضائلها، والوفاء صدق في القول والفعل معاً، والغدر كذب بهما، فمن فُقد عنده الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته، وقد جعل الله الوفاء قواماً لصلاح أمور الناس، وقد قال الله، عز وجل: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
والوفاء هو تلك الصفة التي يتمتع بها أهل الخٌلق السليم والطبع الكريم؛ فهي صفة كريمة يشعر بها المرء دون أن يدركها.
وإذا كنت وفياً مع من حولك ؛ سواء في محيطك الأسري أو الاجتماعي أو الوظيفي ـ فأنت بالتالي تبني من حولك بنياناً مرصوصاً من الأحبة الذين يحفظون لك مساحات الوفاء التي منحتهم إياها في أوقات مختلفة كانوا في أشد الحاجة لها، بل إنها لمسة أصيلة للوقوف معهم في أوقات الشدة، وستدور الأيام دورتها ويرد دين الوفاء لمن قدمه ويستحقه.
إن تذكر آلام الناس وقت الشدة والحاجة ولو بأبسط الكلمات وتطييب الخاطر تخفف عليهم الألم، والتذكر بأن الناس لبعضها بصدق المشاعر المتبادلة بعيداً عن المجاملات والمصالح الشخصية التي تقتل العلاقات الإنسانية وتحجب عنهم طريق الوفاء الذي يعمر قلوبنا بالحب ومشاركة الغير في أتراحهم وأفراحهم .. وكم من موقف كشف معادن الناس وكان يظن أن أقربهم هو من يقف وقفة وفاء، ولكنه هو أول من توارى عنه، وكم بعيد أصبح هو الأقرب وظهر في الوقت المناسب بكل رجولة ووفاء وأظهر معدنه الثمين.
الحياة بكل ما فيها من مواقف إنسانية هي المحك الحقيقي لفرز البشر ويجب علينا أن لا نعتمد على ظواهر الصداقات التي تتحكم فيها المصالح، وإنما يجب أن نعتمد على الوفاء الذي يظهر من وسط المعاناة ومصائب القدر.
همسة :
رأيتُ الحُرَّ يجتنبُ المخازي … ويَحْميهِ عن الغدرِ الوفاءُ.