جدة – بخيت طالع الزهراني
في عالم الادب والثقافة تكون اللغة مختلفة والحياة مختلفة وكذلك الحضور، في الاسبوع الماضي كنت ضمن الحضور – بعد انقطاع – داخل النادي الادبي بجدة، وتحديداً قاعة الشيخ حسن شربتلي، التي صارت هي النادي الادبي، فيما ذهب المقر القديم المجاور لها لجمعية الثقافة والفنون.
بداية تصدرت الواجهة الرئيسية للقاعة لوحة اليكترونية، جاء مكتوب عليها: (نادي جدة الادبي الثقافي يرحب بكم في ندوة “الروائيون الجدد” يقدمها كل من د. معجب العدواني ود. سحمي الهاجري).
وانا اقرأ كلمة “الروائيون” توقفت!!.. قلت لماذا لم تكن (الروائيين) هنا خطأ لغوي.. فركت عيني، وحككت رأسي، واتصلت بـ(صديق) لمزيد من الطمأنينة. هاتفت صديقي العتيد لغوياً عبدالمنعم ابراهيم مصحح أول اللغة بـ(البلاد).. وافقني الرأي.. اذن ثمة خلل لغوي.. لا بأس..
وبعد صلاة العشاء في المسجد المجاور للنادي، بدأ الحضور يتوافد، كان الحضور النسائي أسبق، فجأة وجدت الدكتور يوسف العارف.. يقول: يا بخيت.. هل لك في اللغة؟ وكان يشير الى كلمة (الروائيون)؟
وصل ضيفا وعريسا الامسية، ووصل رئيس النادي الخلوق الدكتور عبدالله عويقل، ومجموعة من المثقفين، لم ارسل سوى صحفياً واحداً (!!) هو الزميل بـ”أربعاء المدينة” علي حسين السعلي، جلسنا بجانب بعضنا، ثم لمحت الزميل عبدالله الدوسي، كنا نتحدث عن خبر الساعة حينها، تعيين الدكتور احمد قران الزهراني مديرا عاما للاندية الادبية السعودية، سألت الدوسي هل الدكتور من ضمن الحضور، اشار الى مكانه، اندهشنا انه كان يجلس في مقعد خلفي بعيد.
بدأت المحاضرة، قرأ الدكتور الهاجري كلمته، وذهب بعيداً عن عنوان المحاضرة، لم يتحدث عن الروائيين، بل عن الرواية الجديدة.. ثم سمح مدير الامسية محمد علي قدس للدكتور معجب العدواني بقراءة ورقته، وجاء من يوزع علينا اوراقاً بيضاء، كتبت في ورقتي سؤالين.. قام بالمداخلة بعد ذلك مجموعة من المثقفين ومنهم د. يوسف العارف، ود. عايض القرني وعبدالمؤمن القين، ود. فاطمة الياس، ود. لمياء باعشن، واخريات واخرون.
وجاء وقت تكريم وتقديم الدروع ضيفي وعريسي الامسية، استدعى رئيس النادي د. عبدالله عويقل الدكتور احمد الزهراني ليشاركه في تقديم الدرعين، استجاب الدكتور الزهراني، لكن في مشهد درامي، قال: يا اخوان لقد حضرت لانني وعدت قبل ايام بالحضور، وانا لم اتقصد الليلة تحديداً الحضور، صعد على المسرح وسلم على الضيفين.. ثم لم يقبل ان يسلم الدرعين في موقف يدل على تواضعه، وعدم رغبته في ان يكون صدور قرار تعيينه مديرا للاندية الادبية، يعني ان يتصدر المشهد.. قابل الحضور موقف الدكتور احمد الزهراني بالاعجاب لتواضعه.
التقيت الدكتور احمد وباركت له بالمنصب الجديد مع كثيرين باركوا له، احتشد الحضور بعد الامسية مقابل البوفيه المعد للمناسبة، دارت احاديث ثقافية بين الحاضرين، وتبودلت فيه بعض الكتب.. جلست الى الاستاذ عبدالمؤمن القين، واذا به يتساءل عن اول مدينة سعودية شهدت البث التلفزيوني.. قلت اظنها جدة او الرياض، قال لي: اظنها الدمام.. عدت للشيخ قوقل.. واذا بالمعلومة ان اول بث تلفزيوني كان من الرياض وجدة بالتزامن في 9 ربيع الاول عام 1385هـ (قناة واحدة) بالابيض والاسود.
اما حكاية التلفزيون من الدمام، فإن شراكة ارامكو كانت قد بدأت بث التلفزيون قبل ان يبدأ البث الرسمي للمملكة.. وطبقاً لكتاب للدكتور عبدالله المدني فإن ارامكو قد عملت على اقامة محطة تلفزيون في 16 سبتمبر 1957 (1377هـ) وهو اول بث تلفزيوني في الخليج، وثاني بث على مستوى العالم العربي بعد العراق بفارق لا يتجاوز عدة اشهر.
انتهت امسية نادي جدة الثقافي في تلك الليلة ولازالت اجواء خبر تعيين الدكتور احمد قران الزهراني تملأ السماء الثقافي المحلي.
في احاديث وجلسات المثقفين، وفي قنوات التواصل الاجتماعي (تويتر، فيس بوك، واتساب).. وبقي السؤال ما الذي يمكن ان يقدمه المدير الجديد للاندية الادبية، خصوصا والضيف الجديد الى مقعد مدير الاندية هو من (اهل البيت) ويعرف كل صغيرة وكبيرة، يعرف حاجات المثقفين، وحاجات الاندية، والدعم القليل الذي تقدمه وزارة الثقافة والاعلام للاندية، ومسألة احتضان المواهب الجديدة، ومصروفات طباعة انتاجهم، واستضافتهم وتقديمهم للمجتمع، وتشجيع كل الطاقات المثقفة سواء من كبار المثقفين او من الجيل الجديد.
وبقيت حالة من التفاؤل تعلو على التشاؤم.. فالمدير الجديد شاعر معروف، وعضو سابق بنادي جدة الادبي، حصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 2013 (علاقة السلطة السياسية بالاعلام) وعمل في فترة سابقة صحفياً بالبلاد والندوة والجزيرة ورئيسا للقسم الثقافي بمجلة الاعلام والاتصال، وصدرت له عدة دواوين شعرية، واولها (دماء الثلج) عن نادي جدة الادبي 1998م.
د. قران: قال في اول تصريحاته بعد تعيينه مديراً عاماً للاندية الادبية: (سأواصل تعاوني مع كل الزملاء السابقين ممن تولوا المنصب، خصوصاً ولكل واحد منهم بصمة واضحة منذ مراحل التأسيس وحتى الآن).
وقال: (سنتعاون ونعمل مع الجميع لايجاد حراك ادبي ثقافي يضمن استمرارية النجاح والتميز، وفتح منابر الاندية لكل المثقفين وخصوصاً الشباب الذين سيتسيدون المشهد الادبي في المستقبل القريب، والتواصل مع الآخر اياً كان داخلياً وخارجياً).