مقالات الزملاء

السلطة الرابعة .. لا تعرف تعال بكره

بخيت طالع الزهراني
اتصل عليّ الزميل حيدر ادريس يسألني – وبلغة آمرة – (فين مقال الجمعة ؟ ) .. أنا في واقع الأمر نسيت موعد المقال , فوق أنني انشغلت بتغطية صحفية ميدانية في تلك الظهيرة من الأربعاء الفائت , حينها رددت : ( سأبعث به بعد ساعة ) .. ولو كنا – حيدر وأنا – نعمل في مجال آخر غير الصحافة لقلت له – مثلا – غدا أو بعد غد سوف يصلك طلبك , لكنها ” صاحبة الجلالة ” التي لا تعرف ولا تعترف بهكذا تعامل , ففيها كل ساعة بل كل دقيقة محسوبة ولها انعكاساتها على سير عملها .
وثمة من يرى أن صفة “صاحبة الجلالة ” التي تطلق على الصحافة , أنما سميت بذلك لما لها من عظمة وكبرياء، فعظمتها تأتي من كونها مهنة البحث عن الحقيقة، وكبرياؤها يأتي من نزاهتها؛ فعندما تكشف فسادا، تهتز الدنيا من حولها وتبقى هي شامخة شموخ الجريء الشريف ولا تتحرك، وعندما توصل معلومة هامة إلى القارئ فهي تقوم بعمل وطني وإنساني يحتاج إليه المجتمع .
الآن يسمونها في الغرب ” السلطة الرابعة ” .. يقول الباحث في المنازعات القانونية الدكتور محمد الجناتي : (إن أول من أطلق صفة السلطة الرابعة، على الصحافة، هو الإنجليزي أدمونديورك (المتوفى عام 1797)، عندما اتجه إلى مقاعد الصحفيين، في مجلس العموم البريطاني، وهو يقول “أنتم السلطة الرابعة”، أو قال: “توجد سلطات، ولكن عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيين، يجد السلطة الرابعة”، بما لها من أهمية اقتصادية، واجتماعية، وسياسية جعلتها جزءاً من الحياة الديموقراطية. وثمة رأي آخر مفاده أن تسمية الصحافة بالسلطة الرابعة ترجع إلى المؤرخ البريطاني توماس ماكولاي، المتوفى عام 1859، إذ قال: “إن المقصورة التي يجلس فيها الصحفيون أصبحت السلطة الرابعة في المملكة” ) .
وتاريخ الصحافة في العالم عمره حوالي ” 5 ” قرون , إذا كانت البداية بسطة وعفوية جدا في بعض المدن الأوروبية , حيث كان رجال الأعمال في المدن الإيطالية والألمانية يجمعون السجلات المكتوبة بخط اليد التي تحتوي على الأحداث المهمة، وكانوا ينقلونها بين العاملين معهم في محيط عملهم. وظهرت فكرة استخدام المطبعة من أجل طباعة هذه المواد للمرة الأولى في ألمانيا في حوالي عام1600.
اما في العالم العربي فقد عرفت الصحافة في مصر أولا كما تقول بعض المصادر , ومن الصحف القديمة والتي لا زالت تصدر في مصر جريدة الأهرام والتي صدرت لأول مرة في عام 1875 .. وفي السعودية يتفق الباحثون على أنّ المملكة عرفت الصحافة قبل العهد السعودي، وكان لمنطقة الحجاز تحديداً أسبقية في صدور عدد من الصحف خلال العهد العثماني ثم العهد الهاشمي، قبل أن تؤول هذه المناطق إلى الحكم السعودي، وكان يقوم على إصدار الصحف في هذين العهدين عرب وغير عرب، ويرى الدكتور فهد العسكر في بحث نُشر له، أنّ هذه الصحف لا تمثل المرحلة الأولى من المراحل التي مرت بها الصحف السعودية، أي أنه يستثنيها ويرى أنّ تسمية الصحف السعودية ينبغي أن تُطلق على ما صدر منها بدءاً من عهد الملك عبد العزيز وحتى الآن.
وفي كتابه (نشأة الصحافة في المملكة العربية السعودية) يشير مؤلف الكتاب د. محمد الشامخ إلى أنّ ست صحف كانت صدرت في كلٍّ من مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة بموجب قانون للمطبوعات والمطابع في العهد العثماني، حيث صدرت أولاً صحيفة الحجاز ومن ثم صحف شمس الحقيقة والإصلاح الحجازي وصفاء الحجاز والرقيب والمدينة المنورة، أما في العهد الهاشمي فقد صدرت صحف القبلة والحجاز والفلاح وبريد الحجاز..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *