أكّد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس ؛ أن الوحدة الدينية والوطنية من الضروراتِ المُحكمات، والأصولِ المسلَّمات، كما هي من أُسس الأمن والاطمئنان، ودعائم الحضارة والعمران، بل هي معراجٌ لبلوغ مرضاة الدَّيان.
وقال في كلمة بمناسبة اليوم الوطني الـثامن والثمانين للمملكة: “إنَّ ما ننعم به اليوم من الأمن والاستقرار، والرَّخاء والتقدُّم والازدهار، لَهُو من فضل الله أولاً، ثم مما مَنّ الله به علينا من الوحدة والجماعة بين أبناء المملكة، والتلاحُم بين أبناء الشعب والقيادة الرشيدة، ولقد أذِن الله تعالى لهذه البلاد بالاجتماع على يد الملك المؤسِّس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -تغمَّده الله بواسع رحماته-، فنعِمَت البلاد والعباد بالخير والبركة والرَّخاء.
وأبان الشيخ السديس؛ أن الملك المؤسّس عمل على توحيد الكلمة ورَأبِ الصَّدع بين مختلف الأفراد والجماعات والقبائل، وقد أبان -رحمه الله- عن منهجه في الوحدة والاعتصام بقوله: “أنا مسلم وأحبُّ جمع الكلمة وتوحيد الصف، وليس هناك ما هو أحبُّ إليَّ من تحقيق الوحدة”، ثم أردَفَ أقوالَه بالأفعال، وسار على نهجه القويم أبناؤه البررة من الملوك حتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- صاحب الهمَّة العالية، والنفس المتفانية، والقرارات الحازمة والمشروعات العملاقة.
وأوضح، أن ما نعيشه الآن في عهد خادم الحرمين الشـريفين وسمو وليِّ عهده الأمين -حفظهما الله- من تقدُّمٍ وازدهار، وأمنٍ واستقرار، لهو أثرٌ عظيم من آثار السمع والطاعة، والتمسُّك بالوحدة والجماعة، حيث تأتلفُ الدُّروب،، وتتواددُ القلوب، وتُدْحَر الأراجيف والشائعات، والأباطيل السَّافرات، ونحن في طريقِ المجد نبني شامخَ الحضارات، تحت قيادةٍ حكيمةٍ رشيدة، تُصْلِح الدنيا بالدِّين، معتصمةً بحبل الله المتين.
وأضاف أنَّ خدمةَ الحرمين الشريفين ورعايةَ قاصديهما تأتي في أولويات مهام القيادة الحكيمة، إذ يشهد الحرمان الشـريفان في هذا العهد الزاهر توسعات جبَّارة ومشـروعات عملاقة تعد الأكبر في تاريخ عمارتيهما، مشيراً إلى ما تفضل به خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- في شهر رمضان المبارك لعام 1436هـ، من تدشين خمسة مشاريع هي: مبنى توسعة المسجد الحرام، وساحات التوسعة، وأنفاق المشاة، ومجمع الخدمات المركزية، ومشروع الطريق الدائري، وأيضاً اعتماده -حفظه الله- التصميم المعدَّل لتوسعة المسجد النَّبوي المتضمن بناء المرحلة الأولى في الجانب الشرقي، والمرحلة الثانية في الجانب الغربي مع توسعة الصفوف الأولى، واطلاعه -أيده الله- على مجسَّم مشروع درب السُّنَّة، ومجسم مشـروع إعادة إنشاء وتوسعة مسجد قباء، ومجسَّم مشروع دار الهجرة، ومجسَّم مشروع مخطط الوزارة للتعويض العيني، ومجسَّم مشروع مركز الملك سلمان للمؤتمرات وعرض المخطط التطويري العام للمنطقة المركزية الجديدة للمدينة المنوّرة.
ونوّه الدكتور السديس؛ بجهود القيادة الرشيدة ورعايتها قاصدي المسجد الحرام عبر إتاحة الفرصة لأكبر عددٍ ممكن من المسلمين من أداء فريضة الحج والعمرة والزيارة على أكمل وجه، وتوفير أفضل الخدمات قبل وأثناء وبعد زيارتهم مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة والمشاعر المقدّسة، والعمل على تعميق وإثراء تجربتهم من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وإبراز الصورة الحضارية والمشرقة للمملكة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، وأن يكون هذا البرنامج لَبِنةً لتأكيد القطاع الخاص ودوره الفاعل في تحسين اقتصاديات القطاع.
وقال: تم إطلاقُ برامج لخدمة ضيوف الرحمن ضمن (برنامج خدمة ضيوف الرحمن)، منها: جامعة الحرمين، وتعظيم رسالة الحرمين، والبرمجة المكانية للمساحات في الحرمين الشريفين والأماكن المحيطة بها لاستيعاب الأعداد المتزايدة لضيوف الرحمن، وتطوير نظام إدارة الحركة والأبواب في الحرمين الشريفين والأماكن المحيطة بها، وتطوير منظومة متكاملة لخدمات الإرشاد المكانية والزمانية في الحرمين الشريفين والأماكن المحيطة بها، والتطوير النَّوعي وكفاءة العاملين في خدمة ضيوف الرحمن بالحرمين الشريفين، وتأسيس مكتب تحقيق الرؤية في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وتطوير البنية التحتية للتقنية لاستيعاب مشاريع ذكاء الأعمال في خدمة ضيوف الرحمن في الحرمين الشريفين، ورفع الكفاءة التشغيلية لتقديم الخدمات بجودة عالية وترشيد الإنفاق، ودراسة لاستثمار أصول وأوقاف الحرمين الشريفي إضافةً إلى برامج أخرى مساندة لدعم التطوير والعمل المؤسسي، مثل: تنفيذ مبادرات الخطة الإستراتيجية للرئاسة “حرمين” بالتعاون مع فريق عمل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
وأبان الشيخ السديس؛ أنَّ رئاسة الحرمين الشر يفين أعدّت برامج أخرى لمواكبة رؤية (2030)، كبرنامج قياس الرضا المطور، ويتم ذلك من خلال برنامج متميزٍ تمَّ تصميمه وإعداده خصِّيصاً للرئاسة، يشمل توفير 100 جهاز آيباد مع استاند خاص به يوزع في مختلف المواقع في المسجد الحرام والمسجد النبوي بعدة لغات، وتمت تجربته في موسم رمضان وموسم الحج هذا العام.
وأفاد بأن الرئاسة بدعم من قيادتنا الرشيدة تسخر التقنية، وتعقد شراكات وتقنيات مواكبة للعصر، منها التعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والابتكار بالاستفادة من المنح المقدمة منهم للأجهزة الحكومية، والقيام بدراسة مشروع (وضع الإستراتيجية والخطة التنفيذية لتوظيف البحث العلمي وتطوير التقنية لخدمة الشعائر الإسلامية، وتيسير أدائها في الحرمين الشريفين) بالتعاقد مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة. وكذلك إنجاز (منصة طوِّر)، وهي بوابة إلكترونية تسهل على موظفي الرئاسة جمع أفكارهم الإبداعية وتوثيقها، وبحث مدى إمكانية تنفيذها بموثوقية واحترافية عالية في سبيل إحداث نقلة نوعية في تقديم الخدمات في الحرمين الشريفين، إضافةً إلى القيام بعددٍ من الاتفاقيات والشراكات مع عدة جهات حكومية مثل: (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وإنشاء وتفعيل كرسي الرئاسة بالجامعة، جامعة أم القرى- وزارة الثقافة والإعلام- الهيئة العامة للسياحة والآثار- جامعة الملك فهد للبترول والمعادن)، وتقنين وإعداد آلية لاستقطاب الرِّعايات، والعمل على عددٍ من الاتفاقيات الجديدة منها (جمعية مسك الخيرية- الاتحاد السعودي للأمن السيبراني للبرمجة والدرونز- معهد الإدارة العامة- جمعية الكشافة السعودية)، وكذلك تسخير التقنية لخدمة متخذي القرار، كالقيام بعدد من برامج الإحصاء وجمع البيانات، وإبراز جهود الرئاسة وإنجازاتها بلغة الأرقام والمؤشِّرات، كما طبق برنامج باستخدام حسّاسات عالية الدقة لإحصاء الموجودين في مواقع المسجد الحرام، كما قامت الرئاسة -بفضل الله- بإعداد الهيكل التنظيمي بالرئاسة بالتعاقد مع معهد الإدارة العامة.
واستعرض الدكتور السديس؛ ما حققته الرئاسة إذ قدّمت خدماتها لـ (11.955.848) مستفيداً من برامجها المتنوِّعة ما بين إرشادٍ للسائلين، ودروسٍ علمية، ودوراتٍ شرعية، وتوزيعٍ للمطبوعات والحقائب العلمية، وغيرها؛ نشراً لرسالة الحرمين العلمية والدعوية في ضوء المنهج الوسطي المعتدل الذي تنتهجه دولتنا المباركة -حرسها الله -.
كما حصلت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي على شهادة استحقاق الآيزو (9001 / 2015)؛ لتطبيقها مجمل المعايير العالميـة في آلية العمل وتقديم الخدمات، وفي مجال الحوكمة الإلكترونية ونظام مرصد الخدمات الحكومية (يسِّر) للتعاملات الإلكترونية حازت الرئاسة نسبة 90 %، بعد أنْ كانت نسبتُها في السابق 58 %، وبذلك تقدَّم ترتيبها إلى المركز (25) الخامسِ والعشرين من بين عددٍ من الجهات الحكومية.. إضافة إلى انشاء جائزةَ التَميز بفروعها المُتعدِّدة؛ لاستشعارها بأنَّ التميُّز أَحَدُ الأرْكانِ الرَّئِيسَة لِكُلِّ مُؤسَّسَةٍ عِلْمِيَّة، أو دَعَويَّة، أو ثقَافِيَّة، أو خدَمِيَّة ؛ وذلك وَفْق رؤية أصِيلة، مِن رؤية (2030) استِمدَادُها؛ لتهيئة الرئاسة لاستضافة (30) مليون زائرٍ في عام (2030)، وإثراءِ التجربة الدينية والثقافية للحجاج والمعتمرين، وتقديمِ خدمات ذات جودة عالية لهم.
وسأل الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الله – العلي القدير – أن يجزي خادم الحرمين خيرَ الجزاء على ما قدَّم للإسلام والمسلمين، وما أولى للحرمين الشـريفين، وأن يحفظ على بلادنا قيادتها وأمنَها ورخاءها، وسائر بلاد المسلمين.