أبها – البلاد
تتسارع الخطى الإنشائية هذه الأيام؛ من أجل إنجاز مشروع الواجهة البحرية في مركز الحريضة، التابع لمحافظة رجال ألمع، الذي يبعد عن مدينة أبها 120 كيلو متر تقريباً ، والمركز الأول من مراكز منطقة عسير العابر عبر الطريق الدولي الساحلي رابطًا بين منطقتي جازان ومكة المكرمة مرورًا بعسير، بجانب أنه الوجهة السياحية الأولى لأهالي عسير، الذين يستمتعون هذه الأيام بقضاء إجازة منتصف العام الدراسي على رمال الواجهة المتاخمة للبحر الأحمر، وطبيعته الخلابة وسط أجواء دافئة تجذب آلاف الزوار والمتنزهين،
في الوقت الذي تشتد فيه برودة الطقس في السراة. ففي نهاية كل أسبوع من فصلي الشتاء والربيع، تكتظ مئات المركبات على امتداد عقبة ضلع الرابطة بين مدينة أبها (العاصمة الإدارية لمنطقة عسير) والجزء التهامي من المنطقة، حيث يتوجه الأهالي والزوار إلى تهامة؛ بحثاً عن الدفء وممارسة السباحة والغوص، فضلاً عن مزاولة الصيد عبر المرافئ المنتشرة على ساحل البحر الأحمر.
وتمثل البرامج السياحية التي تجمع بين المتعة والفائدة عامل جذب آخر يضاف إلى عامل البحث عن الدفء؛ حيث تتواصل الفعاليات في مهرجان” شاطئ الإبداع” الذي يقام على ضفاف الشاطئ، مشتملا على برامج متنوعة، وجهت أهدافها لترفيه الأسرة وتستهدف جميع أفراد المجتمع ، بحسب ما ذكره رئيس مركز الحريضة عبدالله بن عايض عسيري، الذي بين أن الموقع الذي يقام عليه المهرجان يحتوي على خيمة للتسوق وفرّ بداخلها جميع ما تحتاجه الأسرة من احتياجات،
بالاضافة إلى مشاركة الأسر المنتجة بالمأكولات التي يشتهر بها المركز، وتكثيف البرامج الترفيهية والتثقيفية لهذا العام، من خلال تنوع المحاضرات الدينية والتوعوية، والمسابقات الترفيهية عبر المسرح المفتوح، ومشاركة جامعة الملك خالد بالعيادة المتنقلة. وأكد العسيري أن اللجنة المنظمة حرصت على حضور الفنون من خلال معارض تتنوع بين التشكيلية والتصوير الضوئي، إضافة إلى المراسم الحرة التي يمكن لجميع أفراد الأسرة المشاركة فيها،
مشيراً إلى أن البعد الوطني حاضر في كل الفعاليات، فالمعارض الفنية ترصد بطولات الجنود في الحد الجنوبي ، وتعزز قيم الاعتزاز بمنجزات الوطن، والمحاضرات تركز على التحذير من الأفكار الضالة وترشد الشباب إلى طرق الخير .
ويجد الزائر لمركز “الحريضة” ثلاث وجهات ساحلية منها (المعجز)، الذي يعد كورنيش الحريضة وشاطئها البكر الجميل، وهو من أهم المواقع في الحريضة والمنطقة ويمتاز برماله البيضاء الممتدة ونظافة سواحله، ويقع عليه مشروع الواجهة البحرية لمنطقة عسير، ثم الوجهة الثانية وهي (خور الحريضة)، أو ما يعرف بـ (طعنة علي) ويحيط به من الجهة الغربية أشجار كثيفة من أشجار الشورى، ويمر به وادي “أم لصب”، ويقع بالقرب منه موقع مشروع استزراع الربيان، وأما القسم الثالث فهو (شاطئ الرقبة) الذي يتميز شاطئه بملاحظة ظاهرة المد والجزر عبر رماله البيضاء المستوية، ويمكن مشاهدة قاع الشاطئ في أوقات الجزر، ويقع في جهته الشمالية الغربية متنزه القوات المسلحة.
* إنجاز متقدم
ولعل مشروع الواجهة البحرية في الحريضة، الذي بلغت نسبة الإنجاز فيه أكثر من 80 % محط أنظار المراقبين للاستثمار في المجالات السياحية؛ نظير موقعه الاستراتيجي وإطلالته على ساحل البحر الأحمر. فقد وضعت أمانة عسير التصاميم اللازمة للمشروع، الذي أقيم على مساحة تقدر بأكثر من 2 مليون متر مربع، حيث يبلغ طول الواجهة على البحر أكثر من 5600 متر، وعرض 400 متر، ويتكون المشروع من كورنيش خرساني مصمم ليحتوي على أكثر من 200 جلسة عائلية مطلة على البحر مباشرة، وممشى يحاذي البحر على طول الواجهة، بعرض 20 متراً،
كما يحتوي تصميم المشروع على مسطحات خضراء، ومرسى لليخوت “مارينا”، وناد لليخوت، وناد للطيران الشراعي، ومتحف بحري، ومدينة للألعاب، ومدينة مائية، ومضمار للسباقات، ومراكز تجارية، ومطاعم، ومقاهٍ، ومساجد، ومنصة ملكية، وملاعب رياضية بمدرجاتها، وجلسات متنوعة داخل الحدائق.
وأوضح مدير إدارة التصاميم والدراسات بالأمانة المهندس خالد العمري، أن المرحلة الثانية من المشروع قاربت على الانتهاء ، حيث تمتد على طول 2600 متر، وتبدأ هذه المرحلة من مرسى المراكب وكاسر الأمواج ومنطقة الاحتفالات (شمالا)، وصولا إلى حدود شاطئ مركز الشقيق التابع لمحافظة الدرب (جنوبا)، وتقدر تكلفتها بـأكثر من 267.700 مليون ريال.
وتتضمن هذه المرحلة على ثلاثة مبان إدارية للصيانة والأمن والإدارة،وجلسات عائلية و16 جداراً استنادياً، وثلاثة مبان خدمية تتضمن دورات مياه، إضافة إلى مطعمين بشرفات مطلة على البحر (مساحة كل واحد منهما 400 م2)، ومصليات للرجال والنساء . ويتوسط هذه الخدمات مسجد جامع، تبلغ مساحته 3 آلاف متر مربع .
ويجد الباحث عن الاستجمام والاستمتاع بالأجواء الساحرة التي تلف المكان، خاصة بعد غروب الشمس ـ عند انطلاق المشروع ـ ما يلبي رغباته حيث يوجد طريق للمشي بطول 2600 متر، وعرض 23 مترا تتخلله جلسات الاستراحات القصيرة وتحيط به الأزهار من كل جانب ، ويضيئه أكثر من 14 عمود إنارة” هاي ماست” وأكثر من 55 عمود إنارة بارتفاع 14 مترا،
بالاضافة الى الأعمدة الديكورية المنتشرة على جنبات الواجهة البحرية وفي ممراتها. وحينما يرغب المتنزه الوصول إلى البحر لممارسة هواية السباحة التي تعد من أبرز الهوايات الجاذبة للبحر، فسيجد أمامه عدة طرق مرصوفة للمشي، والوصول لآخر نقطة تلامسها أمواج المد البحري التي تكبر في منتصف الشهري القمري، بينما يجد محبو الاستمتاع بالمسطحات الرملية ثلاثة ممرات تعبر بهم إلى الرمال الذهبية في دقائق.
ولا يمكن أن يقال: إن مشروع تطوير الواجهة البحرية في الحريضة، مشروع ترفيهي فحسب، بل يجد بعداً استثمارياً يتضح من خلال تنمية مهنة صيد الأسماك لدى المجتمع المحلي وتسخير الإمكانات لهم، وذلك بتوفير أبرز الخدمات الحديثة والمساندة للصيادين، حيث يبرز “مرفأ الصيد” الذي يأخذ شكل حرف T ممتدا داخل البحر بحوالي 200 متر لاستقبال الصيادين، وما يحملونه من خيرات البحر التي تلبي جميع أذواق ورغبات السواح الذين يأتون من جميع محافظات منطقة عسير، وبعض محافظات جازان القريبة.