الأرشيف البوح

الأفراح حينما تعانقها الأحزان..!

وانتهت ليلتنا.. وانطوت بكل تفاصيلها..
وأغمضت جفني لأريح به جسدي المنهك
من شدة الفرح وربما التعب
ذاك الذي تحتاجه النفس لتسعد..
وعلى تقاسيم وسادتي كانت غفوة ذكريات..
أحسست براحة ابتسمت فيها بهدوء
فذاكرتي أصيبت بتخمة الأحداث..
وتنهدت أنفاسي في ريق الحياة..
أسبوعين ..
وحقائب حكايا
ودموع
وزغاريد
وولادة
وشائبة حزن
سبحانك خالقي
ما أعجل الأيام
ودواليها
روح تغادر لتولد أخرى
أسبوعين فقط
ودعنا أم البراء واستقبلنا نواف
تعاز وتهان
مهنين ومعزين
فقيد ووليد
آآه يا أم البراء
نسمة علقت بصدورنا
وهواء النبض فينا
طيبة رسمت في العمر ضحكة
ونقشت في الروح دمعة
كانت بيننا
وأمست.. بين التراب
في سلسلة حكايا ليست لشهرزاد
وليلة ليس لها في السنين حساب
وإن لبثت في العمر قليلا
جعبة من الصبر
لا تلق لليأس بالا..
سهم تسلل خلسة
في جوف الجسد
فأصاب..
وفي يد الراوي مئة كتاب
يحكي أم البراء..
وكان يا ما كان..
وحش بالعين افترس الهناء
وعاش في ضمير إنسان
يبكي فقيدة البراء
وأنشودة لحنها في صوت جنى
ومازن يلهو في حجر أم تتلعثم بدمعها
والمجهول في ملامح خالد ويد تمسح دمع أسامة..
بدأت حكايتها قبل ثلاثة أعوام لاتستطيع أن تشعر بطعم أي شيء يدخل إلى جوفها حتى الماء وظنت أنه التهابا بسيطا في اللوز أو الحلق وسيمضي مثلما أتى لكن طال بها الوقت وزاد بها الألم حتى باتت لاتتناول إلا بضع ملاعق من الزبادي لتسد بها جوعها حتى اكتشفت أنه ورم في الحلق ولأنها اكتشفته متأخرا بدأت بأخذ الكيماوي والإشعاعي في آن واحد وبشكل يومي تقريبا وخسرت كثيرا من وزنها الذي لايكاد أساسا أن يقدر بأنه وزن لضعف بنيتها الجسدية وظلت تصارع المرض والوجع بسبب عين خبيثة سددت سهامها إليها بلا وعي وربما بلا قصد لكنها إرادة المولى جلّ في علاه وأصبحت لاتتقبل الأكل فاضطر الأطباء إلى توصيل أنبوب بمعدتها مباشرة ليصل إليها الحليب فقط .. واستمرت بهذا الحال إلى أن أتت الموافقة لتبحث عن العلاج خارج الوطن ولكنها جاءت بعد تفشي المرض في كامل جسدها وفي محاولة يائسة وصلت إلى أمريكا لتتلقى العلاج لكن الطبيب أخبرها بعدم جدوى العلاج لتأخر الحالة كثيرا وأخبر بأن الطبيب الذي كان مسؤولا عن الحالة في السعودية لم يفعل شيئا ولم يتعامل مع الحالة بشكل صحيح لذا لايمكنه مساعدتها إلا بالقليل من المسكنات وواصل الخبيث حياته في جسدها حتى تمكن من عينيها فأعماها ودخلت في الأسبوع الأخير من حياتها إلى العناية المشددة لتدهور الحالة بشكل شديد.. أرادت أن تصل إلى أرض الوطن قبل مغادرتها الحياة لكن تعذر الحصول على طائرة إخلاء طبي فلفظت أنفاسها وودعت الحياة في أرض غريبة بعدما صلت فرضها الأخير في الحياة وحصنت نفسها بالأذكار لتكمل بقية حياتها في ضيافة الرحمن حياة خالدة لاتبلى ولاتفنى..
وغادرت أم البراء
وما سمعت عزف البراءة في لحن جنى
وما استلذت أذنها بترتيل آيات حفظتها الصغيرة..
طال الوقت ياجنى.. ومل الانتظار شحوب خديك..
رحلت.. في طرفة عين غفلت عن ذكر ربها فسددت للجسد المضنى ألف وخزة..
رباااه أرحمها وأحسن مثواها واجعل في جسدها ضياء وثبت من بات يبكيها واخلفها يا الله في أهلها وذويها وارسم على شفاة ضناها بسمة رضا وسعادة..
اطعمها يا الله مما حرمت لذته في حياتها واسقها بلا ظمأ.. واملأ مكانها الفارغ في الدنيا قناعة بما قسمت.. واجعل ما أصابها من وهن غسولا يطهرها من الذنوب والخطايا.. وبلّغها الفردوس بما صبرت..

ولممت ما تبقى من حرفي.. وغطيت بوسادتي شريط الذكريات..
ونمت..!

الكاتبة / فاطمة سرحان الزبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *